مذنب هالي (Halley’s Comet)
يُعَد مذنب هالي من أبرز المذنبات المعروفة، حيث اكتشفه عالم الفلك الإنجليزي إدموند هالي من خلال تحليله لتقارير حول مذنب اقترب من الأرض في أعوام 1531 و1607 و1682، مما أظهر أنها جميعاً تشير لنفس الجرم السماوي. وقد تم تسميته بهذا الاسم تكريماً للعالم هالي الذي ساهم في اكتشافه.
يعتبر مذنب هالي واحداً من المذنبات الدورية، حيث يمكن رؤيته تقريباً كل 75 عاماً. كان آخر ظهور له في عام 1986، ومن المتوقع عودته في عام 2061. وقد تم تحديد موعد ظهوره التالي في عام 1758. ومن الجدير بالذكر أن الفحوصات التي أجراها مسبار جيوتو أوضحت أن مياهه تحتوي على نوع مختلف من الماء، حيث تختلف نسبة الديوتيريوم إلى الهيدروجين فيه عن تلك الموجودة على الأرض.
مذنب شوميكار-ليفي 9 (Shoemaker-Levy 9)
سُمّي هذا المذنب باسم مكتشفيه كارولين وجين شوميكار وديفيد ليفي، حيث قاموا بالتقاط صور له في 18 مارس 1993 باستخدام تلسكوب شميدت بقطر 0.4 متر في جبل بالومار. يُعتبر شوميكار-ليفي 9 المذنب التاسع القصير الدوري المعروف الذي اكتشفه هؤلاء العلماء. ويُعتقد أن المذنب كان يدور حول كوكب المشتري مدة تقارب العقد قبل أن يتفتت إلى أكثر من 20 قطعة بفعل قوى المد والجزر الناتجة عن جاذبية كوكب المشتري القوية في عام 1992.
استمرت هذه القطع في مدار حول كوكب المشتري لمدة عامين، حيث قامت مركبة جاليليو المدارية التابعة لناسا بالتقاط مشاهد مباشرة، مما يعد أول توثيق لتأثير اصطدام شظايا هذا المذنب بكوكب المشتري بقوة تعادل 300 مليون قنبلة ذرية.
مذنب هيكوتيك (Comet Hyakutake)
اكتشف عالم الفلك الياباني هيكوتيك المذنب الذي يحمل اسمه في عام 1996 باستخدام تلسكوب ضخم. ويُعتبر من الأجرام السماوية الأكثر تألقًا خلال القرن العشرين بسبب اقترابه النسبي من الأرض، حيث استمر ظهور هذا المذنب لفترة طويلة تصل إلى ثلاثة أشهر. فقد شوهد بالعين المجردة في أواخر فبراير 1996، ليصبح أكثر وضوحًا وإبهاراً في مارس بفضل ذيل من البلازما الطويل وذيل آخر قصير مكون من غبار أبيض، قبل أن يتلاشى ظهوره تقريبًا في أوائل مايو.
تتباين شدة سطوع مذنب هيكوتيك باختلاف بعده عن الأرض، إذ قد تصل شدة سطوعه إلى ستة أضعاف سطوع نجوم من الدرجة الأولى عند نقطته الأقرب، في حين أنه قد يصل إلى أضعف سطوع أو قد يختفي عند اقترابه من الشمس.
مذنب هيل-بوب (Comet Hale-Bopp)
يُعتبر مذنب هيل بوب – المعروف أيضًا باسم C / 1995 O1 – أحد أكثر المذنبات مشاهدةً على مر تاريخ البشرية، حيث ظل مرئيًا بالعين المجردة لمدة 18 شهراً. تم اكتشافه من قبل عالمي الفلك الهواة آلان هيل وتوماس بوب في 23 يوليو 1995، وقد أسهم لمعانه الرائع في اكتشافه إذ فاق سطوعه سطوع مذنب هالي بحوالي ألف مرة عند نفس البعد.
تميز مذنب هيل بوب بلمعانه الخارجي خارج مدار كوكب المشتري، وهو ما يُعتبر غير معتاد حيث نادراً ما تتألق المذنبات عند تلك النقطة. ويعزى هذا السطوع غير المعتاد بشكل رئيسي إلى الحجم الكبير لنواة المذنب، التي تُقدر بقطر يتراوح بين 40 و60 كيلومترًا، بينما تُقدّر فترة دوران مذنب هيل بوب بحوالي 2530 سنة أرضية.
مذنب ماكنوت (Comet McNaught)
اكتشف المذنب ماكنوت على يد عالم الفلك روبرت إتش ماكنوت في أغسطس عام 2006، وقد تم تصنيفه في عام 2007 كألمع مذنب يمكن رؤيته من الأرض خلال الأربعين سنة الماضية، وعُرف باسم “المذنب العظيم لعام 2007” لكونه الأكبر قياساً حتى الآن.
مذنب بورلي (Comet Borrelly)
تم اكتشاف مذنب بورلي من قبل عالم الفلك ألفونس لويس بورلي في 28 ديسمبر 1904 في مرسيليا، فرنسا، وسُمّي المذنب تكريماً له. يتميز مداره الإهليجي حول الشمس، حيث يدور من داخل مدار المريخ إلى خارج مدار المشتري ويعود، ليستغرق حوالي 7 سنوات لإتمام دورة حول الشمس. نواة مذنب بورلي تُقدّر بحوالي 8 كيلومترات، ويحيط بها سحابة كبيرة من الغاز والغبار تُعرف باسم الغيبوبة.
مذنب إنك (Comet Enck)
سُمّي مذنب إنك تقديراً للعالم يوهان فرانز إنك الذي قام بحساب مداره بعد اكتشافه على يد العالم ميشين في 17 يناير 1786. يُعتبر مذنب إنك صغيراً حيث يبلغ قطر نواته حوالي 4.8 كيلومترات، وفترة مداره حول الشمس تُقدّر بنحو 3.3 سنوات، وهي الأقصر لمذنب معروف في النظام الشمسي، مما تربع صحته العلمية على أساس أن هذه الفترة تتقلص بمقدار 2.5 ساعة في كل دورة نتيجة المؤثرات النفاثة الناتجة عن تسامي جليد الماء على سطح النواة ودورانها.
مذنب سبتمبر العظيم عام 1882 (Great September comet of 1882)
أُشاهد المذنب لأول مرة في صباح الأول من سبتمبر 1882، وكان مرئيًا بالعين المجردة، حيث اكتشفه العديد من الأشخاص بشكل مستقل، وكان عالم الفلك فينلي هو الأول الذي رصد المذنب. عُرف هذا المذنب باسم المذنب العظيم لعام 1882، وبتسميات رسمية عديدة مثل C / 1882 R1 و1882 II و1882 ب، وقد تمت رؤيته بجوار الشمس نهارًا نظرًا لشدة سطوعه الاستثنائي.
قام عالم الفلك الألماني هاينرس كروتز بدراسة عدة مذنبات تتشابه مداراتها بشكل كبير، مما أدى إلى استنتاج أنها في الأصل كانت مذنبًا واحدًا انقسم، حيث رُصد أربعة أجزاء للمذنب العظيم لعام 1882 بمدارات مختلفة تتراوح فتراتها المدارية بين 670 و950 سنة.
مذنب وايلد 2 (Comet Wild 2)
حمل مذنب وايلد 2 اسم مكتشفه بول وايلد في 6 يناير 1978. يُعتبر مذنبًا دوريًا صغيراً يدور حول الشمس بمدار يقع بين المريخ والمشتري، ويحتاج نحو ست سنوات ونصف لإكمال دورة واحدة. يتميز بشكله الكروي المفلط، حيث أبعاده 1.65 × 2 × 2.75 كيلومترًا، ويُعتبر نموذجًا مثاليًا لاكتشاف المزيد حول النظام الشمسي الأولي، إذ تم العثور على الجلايسين في عينات مأخوذة من جزيئات المذنب.
تبين الصور الملتقطة للسطح وجود حفر بقطر يزيد عن 1.6 كيلومتر نتيجة الاصطدامات عالية السرعة مع أجسام صغيرة تشبه النيازك، مما يدل على البنية المتماسكة لمذنب وايلد 2.
مذنب تشوريوموف-جيراسيمنكو (Churyumov-Gerasimenko)
سُمّي هذا المذنب نسبةً إلى العالِمين كليم تشوريوموف وسفيتلانا جيراسيمنكو، حيث رصد تشوريوموف في عام 1969 جسمًا شبيهًا بالمذنب في صورة التقطتها جيراسيمنكو للمذنب 32P / Comas Solá خلال بعثة علماء الفلك من كييف إلى معهد ألما آتا للفيزياء الفلكية في كازاخستان. وعند عودته إلى كييف، وبعد دراسات دقيقة، تبين أن الجسم الذي في الصورة هو مذنب جديد.
بعد عشر سنوات من المراقبة بواسطة بعثة Rosetta التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، تم تحديد أن المذنب يتميز بشكل غير منتظم، حيث قُدر عرضه بحوالي 3 × 5 كيلومترات، ويدور حول الشمس كل 6.5 سنوات، مما يجعله زائرًا منتظمًا للنظام الشمسي الداخلي.
مذنب آيسون (Comet ISON)
اكتشف العالمان الروسيان فيتالي نيفسكي وأرتيوم نوفيتشونوك – وهما من علماء الفلك الهواة – مذنب آيسون في سبتمبر 2012، وسُمي المذنب نسبةً للتلسكوب ISON الذي تم من خلاله التقاط الصور للمذنب. ورقمه الرسمي هو ISON (C / 2012 S1) وفقًا للاتحاد الفلكي الدولي (IAU). عند اكتشافه، كان المذنب يتوهج بشكل خافت، وتتغير درجة توهجه باختلاف بعده.
يمكن رصد المذنب باستخدام تلسكوبات صغيرة أو متوسطة الحجم، ويُصنف على أنه واحد من المذنبات الصغيرة التي تحمل احتمالية ضئيلة للنجاة. يُقدّر قطر نواته ما بين 100 إلى 10000 متر، وقد توصل العلماء ماثيو نايت وديفيد شلايشر، من مرصد لويل، إلى أن نواة المذنب تعرضت لفقد كبير في الكتلة مما أدى إلى تدهور كبير في حالتها.
مذنب نيو وايز (Comet NEOWISE)
في أواخر مارس 2020، رصدت البعثة التابعة لوكالة ناسا (NEOWISE) المذنب الذي أصبح يُشار إليه باسمها، وعُرف رسمياً باسم C / 2020 F3. يُقدّر قطر نواة المذنب بحوالي 5 كيلومترات، ويتكون من مزيج من الغبار والصخور والغازات المتجمدة المتبقية من تشكل النظام الشمسي، ويمتاز بوجود ذيلين أيونيين إلى جانب ذيل الغبار الخاص به، ويُتوقع أن يستغرق مدار المذنب حوالي 6800 إلى 7000 سنة.
ذكرت الباحثة إميلي كرامر، وهي مشاركة في فريق العلوم بمهمة NEOWISE، بأن المذنب يحتوي على حوالي 13 مليون حوض سباحة أوليمبي من المياه، مضيفة أن معظم المذنبات تتكون من مزيج متساوي من الماء والغبار.
الخلاصة
تُمثل المذنبات أحد أشكال الظواهر الفلكية المتنوعة – من الكويكبات إلى المذنبات والنيازك والشهب – حيث تتكون عادةً من نواة جليدية وذيل يتكون من جزيئات الغبار والغاز. تقوم الأجهزة الفضائية بفحص هذه المذنبات لتحديد خصائصها وتأثيراتها وتفاعلاتها مع الرياح الشمسية. تُسمى بعض المذنبات نسبياً لمكتشفيها مثل مذنب هالي، ومع ذلك، هناك ميل من قبل الاتحاد الفلكي الدولي لتسمية المذنبات بناءً على تاريخ اكتشافها وأسماء المشاريع أو الأدوات التي استخدمت في اكتشافها، كما هو الحال مع مذنب آيسون.
ساهمت ملاحظات الفلكيين الهواة، بالإضافة إلى التصوير الفوتوغرافي والفيديو عالي الدقة، إلى جنب المركبات الفضائية التي تمكنت من دراسة المذنبات عن قرب، في التعرف على انبعاثاتها ومساراتها عبر الفضاء. من بين المذنبات الشهيرة، يأتي مذنب هالي، ومذنب هيكوتيك، ومذنب بورلي، ومذنب آيسون.