قوم لوط
تُعتبر قصة قوم لوط من القصص الدينية المهمة، حيث ذُكِرت في الديانات السماوية الثلاث: الإسلامية، المسيحية، واليهودية. يُعتبر لوط -عليه الصلاة والسلام- ابن أخ نبي الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، وقد آمن به وسانده في دعوته إلى عبادة الله الواحد. لكن قومه كانوا قد ارتكبوا فاحشة عظيمة، وهي إتيان الذكور دون النساء. وقد جاء لوط -عليه الصلاة والسلام- إليهم لينصحهم بعبادة الله وتوحيده، داعيًا إياهم لترك الفاحشة، لكنهم عارضوه وأصروا على مفاسدهم. وحتى زوجته كانت منهم، فعاقبهم الله بخسف الأرض، إلا لوطًا ومن آمن معه.
قصة قوم لوط
تبدأ القصة عندما ترك لوط عمّه إبراهيم بأمره، واستقر في مدينة تُدعى سدوم الواقعة في أرض الغور شرق نهر الأردن. عاشت في تلك المدينة مجموعة من الناس الفاسدين والمستكبرين، الذين لم يتقبلوا النصح والإرشاد، واستباحوا المحرمات وارتكبوا الفواحش. كانوا بحق من أسوأ الأقوام على مر الزمان.
لم يترك الله قوم لوط دون إرشاد، بل أرسل إليهم سيدنا لوطاً لكي ينصحهم ويرشدهم نحو عبادة الله وحده، محذرًا إياهم من العقاب. انفصل لوط -عليه الصلاة والسلام- إلى أهل سدوم داعيًا لهم، مستنكرًا أفعالهم ومحذرًا من عواقبها. ومع أن عدداً قليلاً قد استجاب لدعوته، إلا أن الآخرين استهزؤوا به وهددوه بإخراجه. لكن لوطًا -الذي كان يحرص على سلامتهم- لم يفقد الأمل، وعاد إليهم مرة أخرى، رغم إصرارهم على الاستكبار والعناد.
حذر لوط قومه من عذاب الله، لكنهم تمسكوا بفاحشتهم، إلى أن جاء أمر الله بمعاقبتهم. أرسل الله ثلاثة ملائكة إلى قرية سدوم، في هيئة رجال عند سيدنا إبراهيم، وهم: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، لتنفيذ عقاب الله عليهم.
خسف المدينة
بعد وصول الملائكة إلى سدوم، استقبلهم نبي الله لوط -عليه الصلاة والسلام- كضيوف، وخاف عليهم من قومه. ولكن الملائكة طمأنوه بأنهم ملائكة الله، وأنهم سيقومون بإنقاذه ومن آمن معه. فأمر لوط المؤمنين بمغادرة المدينة المغضوب عليها فورًا. ومع حلول الليل، غادر لوط ومن آمن معه، وما هي إلا لحظات حتى جاء أمر الله. في صباح ذلك اليوم، اهتزت المدينة بزلزال عظيم دمر المنازل، وجعل عاليها سافلها، فزالت قرية سدوم وأهلها الفاسدون، ولم يبق لهم أي أثر.
آثار قوم لوط
بحسب المصادر المسيحية، استقر قوم لوط في مدينتي سدوم وعمورة، كما ورد في الكتاب المقدس الذي يشير إلى أن الرب أمطر عليهما كبرتين ونارًا. بينما لم يحدد القرآن موقع قوم لوط بشكل قاطع، لكن العلماء استدلوا على مكانهم من خلال فهم النصوص. حديثًا، تمكن علماء الآثار من تحديد موقع مدينة سدوم في منطقة تُدعى تل الحمام، شمال شرق مصب نهر الأردن، على بُعد 14 كم شمال البحر الميت، حيث وُجدت أحواض صخرية ضخمة وشواهد أثرية أخرى.
تم تقسيم الآثار المكتشفة في المدينة إلى جزئين: سفلي وعلوي. يحتوي الجزء العلوي على سور ضخم مبني من الطين، يعود للعصر البرونزي، بالإضافة إلى بوابة ضخمة تعود للعصر الحديدي، ومنازل من فترات تاريخية مختلفة تتضمن أدوات منزلية من الفخار.
اكتشاف المدينة
بدأت عمليات التنقيب في منطقة البحر الميت خلال ديسمبر 2005 بقيادة عالم الآثار ستيفن كولينز من جامعة ترينيتي في نيو مكسيكو، وبإشراف دائرة الآثار الأردنية.
عُثِر في المدينة على آثار تعود للعصر الحجري الحديث والعصر النحاسي والعصر البرونزي والعصر الحديدي، وقد أكد العلماء أن هذه الآثار تعود لمدينة سدوم المذكورة في النصوص المسيحية.