صلح الحديبية
أبرم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- اتفاقية صلح مع قريش بهدف تعزيز مصالح الإسلام والمسلمين. تم التوقيع على هذه الاتفاقية في منطقة الحديبية، التي تبعد بضعة أميال عن مكة المكرمة. وكان الصحابي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هو كاتب النبي، بينما مثل قريش في هذا الصلح سهيل بن عمرو.
أسباب صلح الحديبية
تلقى النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤية في المنام تُظهر أنه يؤدي مناسك العمرة برفقة الصحابة -رضي الله عنهم- في مكة. وتعتبر رؤى الأنبياء حقاً، وعليه أبلغ النبي الصحابة بما رآه وأمرهم بالاستعداد لأداء العمرة. انطلق النبي والصحابة من المدينة المنورة متجهين نحو مكة المكرمة، ووصلوا إلى منطقة الحديبية.
كلف النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابي عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالتوجه إلى مكة لإبلاغ أهلها بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة قد جاؤوا لأداء العمرة وليس للقتال، وطلب السماح لهم بالدخول إلى مكة.
وصل عثمان بن عفان إلى مكة وأبلغ قريش بذلك، لكن الأمر لم يكن سهلاً بالنسبة لهم. تأخر عثمان في مكة وهو بانتظار رد قريش، مما أدى إلى انتشار أنباء عن مقتله.
كان هذا الأمر مخالفاً للأعراف السائدة آنذاك، حيث يُعتبر قتل المبعوثين انتهاكاً. وعقد النبي -صلى الله عليه وسلم- مبايعة مع المسلمين، حيث بايعوه على قتال قريش تحت شجرة، وهو ما عُرف فيما بعد ببيعة الرضوان. وذكرت آية من القرآن الكريم تعبر عن رضا الله تعالى عن المؤمنين الذين بايعوا النبي في تلك الأثناء، حيث قال -تعالى-: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا).
بنود صلح الحديبية
عند وصول عثمان بن عفان، انتشرت أخبار حول نية المسلمين قتال قريش، مما جعل قريش تشعر بالقلق. لذلك، أرسلت وفداً للتفاوض مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن الصلح. وفي هذه الأثناء، أمر النبي كاتبه بتدوين بنود الصلح. بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتابة بسم الله الرحمن الرحيم، لكن أحد رجال قريش اعترض قائلاً: “نحن لا نعرف الرحمن الرحيم. اكتب باسمك اللهم.” ومن ثم تمت المفاوضات وتم الاتفاق على البنود التالية:
- يجوز لمن يرغب الانضمام إلى حلف النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفعل، وكذلك لمن يرغب في دخول حلف قريش.
- تتوقف الأعمال العدائية بين الطرفين لمدة عشر سنوات.
- لا يُسمح للمسلمين بأداء العمرة في هذا العام، وإنما يُسمح لهم بذلك في العام المقبل.
- أي شخص يأتي من قريش إلى المسلمين يجب على المسلمين إعادته، بينما من يأتي من المسلمين إلى قريش فلا تردّه قريش.