المعالجة النفسية في المجتمع
يميل الإنسان بطبعه إلى العيش ضمن مجتمعات، وتلعب الخبرات التي يكتسبها الفرد خلال مراحل نموه دوراً مهماً في تشكيل شخصيته. إذ يمكن أن يصبح الفرد شخصاً إيجابياً يعود بالنفع على المجتمع أو عنصراً سلبياً يؤثر سلبًا على من حوله. تشير مجالات علم النفس إلى وجود علاقة واضحة بين أساليب المعاملة التي يتبعها الآباء تجاه أطفالهم وطبيعة تكوين شخصياتهم، والتي بدورها تؤثر على كيفية تعامل الأجيال الجديدة مع بعضهم البعض ومع أبنائهم في المستقبل. يمكن ربط أساليب المعاملة التي يتبعها الآباء بأساليب المعاملة السائدة في المجتمع، حيث نلاحظ عدم وجود فوارق كبيرة بين تلك الأساليب.
أنماط المعاملة
أسلوب الحماية المفرطة
يظهر هذا الأسلوب في الرعاية المبالغ فيها للأطفال، سواء من ناحية الصحة أو الجوانب الاجتماعية والنفسية. وغالباً ما يتدخل الأهل في كافة جوانب حياة الطفل، بدءاً من اختيارات الملابس إلى حل مشكلاتهم بأدق تفاصيلها. وقد يظهر هذا النموذج أيضًا في علاقات الأزواج داخل الأسرة، وعلاقات الأشقاء، بل وحتى بين الأصدقاء.
أسلوب الصرامة
يُعرف الأشخاص الذين يتبعون أسلوب الصرامة بقسوتهم حيث يتعاملون مع الآخرين بأسلوب الأمر والنهي. إن استخدام النقد الحاد وتجاهل مشاعر الآخرين يعكس عادةً تجربة قاسية تعرض لها الطفل من قبل ولي أمره، سواء كان ذلك بفرض عقوبات على الأخطاء البسيطة أو عدم ترك مجال للتجربة والتعلم. وهذا النمط يُفضي إلى مشاكل نفسية جادة نتيجة مشاعر عدم الإشباع، كما أن النقد أمام الآخرين يقلل من احترام الطفل لذاته، مما قد يؤدي إلى سلوكيات عدائية ورغبة في إثبات الذات في مراحل عمرية لاحقة.
أسلوب المبالغة
يُمارس بعض الأفراد المبالغة في توقعاتهم تجاه العلاقات المختلفة، سواء كانت شراكات عمل أو صداقات جديدة. يبدأ هؤلاء الأشخاص برسم خطط وأحلام للمستقبل قد تكون صعبة التحقيق، وعند عدم تحققها، يشعرون بالإحباط. هذا الشعور يدفعهم لإجبار الآخرين على البحث بجدية لتحقيق تلك الأهداف، ما ينتهي به الحال بانهيار العلاقات فيما بينهم.
الأسلوب السوي
يكمن الأسلوب السوي في تجنب الأنماط السلبية المذكورة، والتي تؤدي إلى ضغط نفسي على المحيطين، وخاصة الأطفال الذين تتأثر شخصياتهم سلباً نتيجة ذلك. يتطلب هذا الأسلوب قبول الآخر، والحرص على الاستماع والفهم، وتنمية القدرة على التعلم من خلال التفاعل الاجتماعي، مما يسهم في بناء علاقات صحية وإيجابية.