تحليل قصيدة “نهج البردة” للشاعر أحمد شوقي وعرض لأفكارها ومضمونها

لفهم الأدب العربي الحديث، من الضروري تحليل قصيدة “نهج البردة”، نظراً للمكانة الرفيعة التي تتمتع بها في مجال الشعر الأدبي الحديث. هذه القصيدة تعتبر رد فعل على القصيدة الشهيرة “البردة” للبوصيري، التي ألقاها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. سنتناول في هذا المقال سبب كتابة القصيدة، ونتناول شرح بعض أبياتها وتحليلها.

مناسبة قصيدة نهج البردة

تُعد “نهج البردة” معارضة للقصيدة الشهيرة “البردة” للبوصيري، الذي يُعتبر أول من ابتكر فن المدح النبوي وأطال فيه، على الرغم من أن شعراء آخرين سبقوه في هذا المجال، مثل: حسان بن ثابت وكعب بن زهير، الذي عرف بقصيدته المشهورة “بانت سعاد”.

كتب أحمد شوقي “نهج البردة” احتفالاً بمناسبة حجة حاكم مصر، وتضمنت القصيدة مدح النبي صلى الله عليه وسلم والدعوة إلى الدين. تُعتبر هذه القصيدة واحدة من أطول القصائد التي كتبها شوقي، حيث تتكون من 190 بيتًا، وهي من بحر البسيط.

شرح أبيات نهج البردة لأحمد شوقي

يُعتبر أحمد شوقي أحد أبرز رواد مدرسة الإحياء الشعرية التي تسعى إلى اتباع أسلوب الشعراء القدماء من حيث الوزن الشعري والقافية، واستخدام المقدمة الغزلية، وهذا ما يظهر بوضوح في هذه القصيدة.

يمكنك تحميل القصيدة كاملة بصيغة PDF من خلال الضغط على هذا الرابط.

1ـ المقدمة الغزلية

على نحو مشابه للشعراء القدماء، بدأ أحمد شوقي قصيدته بمقدمة غزلية:

ريم على القاع بين البان والعلم * أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

رمى القضاء بعيني جؤذر أسدا * يا ساكن القاع أدرك ساكن الأجم

تصوّر هذه المقدمة الغزلية الجميلة محبوبته كظبي يتنقل بين سهول الأرض برشاقة وأناقة، مما جعله يتألم من جاذبيتها.

2ـ وعظ النفس

ثم يتوجه إلى موضوع آخر وهو الوعظ، حيث يقول:

يا نفس دنياك تخفي كل مبكية * وإن بدا لك منها حسن مبتسم

هنا يخاطب الشاعر نفسه بمثابة واعظ، مشيرًا إلى ندمه على الذنوب ويطرح حكمًا عميقًا.

3ـ مدح أشرف المرسلين

تنتقل القصيدة بعد ذلك إلى المحور الأساسي، وهو مدح النبي:

محمد صفوة الباري ورحمته * وبغية الله من خلق ومن نسم

يبدأ شوقي بتعريف النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أُرسل برسالة التوحيد وهو صاحب الحوض الذي نسأل الله أن نشرب منه يوم القيامة.

لما رآه بحيرا قال نعرفه * بما حفظنا من الأسماء والسيم

هنا يذكر الشاعر معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، بدءًا من قصة الراهب بحيري، ومواقف تفجّر الماء بين أصابعه، وظل الغمام فوق رأسه.

ونودي اقرأ تعالى الله قائلها * لم تتّصل قبل من قيلت له بفم

ثم يصف مشهد نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم، ويشير إلى القرآن كمعجزة خالدة للنبي.

4ـ معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

يتحدث بعد ذلك عن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم بمفردات تسلط الضوء على جمال المعجزات:

أسرى بك الله ليلا إذ ملائكه * والرسل في المسجد الأقصى على قدم

يُبرز معجزة الإسراء وما تلاها من معجزات، إضافة إلى تفاصيل كيفية حماية النبي من أعدائه.

المادحون وأرباب الهوى تبع * لصاحب البردة الفيحاء ذي القدم

يوضح سبب معارضته، مؤكدًا أنها ليست تحديًا للبوصيري بل إعجاباً بنمطه واحتذاءً بكلماته.

قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا * لقتل نفس ولا جاؤوا لسفك دم

يدافع في قصيدة عن الإسلام مُظهرًا أن الدين لم يُدافع عنه بالسيف كما يزعم البعض، مُقارنًا بين الحضارة الإسلامية وغيرها، مع التركيز على تفوّق الشريعة الإسلامية.

شريعة لك فجرت العقول بها * عن زاخر بصنوف العلم ملتطم

تتوالى المشاعر الشعرية بين الدفاع والفخر والاعتزاز، حتى يُختتم قصيدته ببعض الدعوات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

يا رب صل وسلم ما أردت على * نزيل عرشك خير الرسل كلهم

يارب هبت شعوب من منيتها * واستيقظت أمم من رقدة العدم

لا شك أن “نهج البردة” تعد قصيدة ذات قيمة وجمال، فقد استخدم شوقي فيها مشاعر عميقة تجاه النبي صلى الله عليه وسلم ودينه، موثقًا ذلك بأزمات الأمة ومشكلاتها من خلال ذكر الداء وإيجاد الدواء، وهو الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top