تستحق أعمال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تسليط الضوء، حيث كان عمر بمثابة مستشار للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وواحدًا من الصحابة المقربين إليه.
وقد عُرف الفاروق بألقابه المتعددة، مثل أمير المؤمنين عمر، وأبي حفص، والعدوي، والقرشي، إلا أنه اشتهر بلقب “الفاروق”، الذي يدل على قدرته على تمييز الحق من الباطل.
أعمال عمر بن الخطاب العبادية
- قام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بالعديد من الأعمال المفيدة للإسلام والمسلمين.
- سواء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته.
- يمكن تصنيف تلك الأعمال إلى فئات متنوعة، ومن أبرز الأعمال العبادية التي قام بها عمر هي:
جمع القرآن الكريم
- في عهد عمر، تم جمع القرآن الكريم، حيث ارتدت بعض القبائل عن الإسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
- تسبب ذلك في نشوب الكثير من الحروب، مما أسفر عن استشهاد العديد من حفظة القرآن. وبعد انتهاء حرب اليمامة، أدرك عمر بن الخطاب هذا الأمر.
- سرعان ما أسرع إلى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، الذي كلف زيد بن ثابت بجمع القرآن. ويقول زيد في روايته:
- (أرسل إلي أبو بكر بمقتل أهل اليمامة، وإذ بعمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني وقال: إن القتل قد استحَرَّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن، وأخشى أن يستحِرَّ القتل بالقراء في المواطن الأخرى، فيذهب كثير من القرآن. وإنني أرى أن تأمر بجمع القرآن).
- فقلت لعمر: كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، ولم يزل عمر يعاملني حتى شرح الله صدري لذلك.
صلاة التراويح
- تعتبر صلاة التراويح من السنن المؤكدة التي يؤديها المسلمون خلال شهر رمضان المبارك.
- وبما أنها ليست فرضًا، لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يؤديها في جماعة في كل ليالي رمضان.
- بل كان يصليها في بعض الليالي فقط، حتى لا يُظنَّ الناس أنها فرض.
- استمر هذا الوضع حتى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- فقد رُوي عن عبد الرحمن بن عبد القاري رضي الله عنه أنه ذهب إلى المسجد مع الفاروق عمر بن الخطاب في إحدى ليالي رمضان، ووجد الناس يصلون بشكل فردي ومتفرق.
- فقال رضي الله عنه: (إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أفضل).
- فقرر عمر جمعهم، وقد وافقه الصحابة على هذا الأمر دون أي معارضة.
توسيع المسجد الحرام
- قام الفاروق بتوسيع المسجد الحرام، كما قام بتعمير المسجد النبوي الشريف.
- أثناء رحلته إلى مكة لأداء العمرة، قرر الفاروق توسيع المسجد الحرام وتجديده.
- جرت التوسعة على ثلاث مراحل: الأولى كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- بينما كانت الثانية في عهد عمر بن الخطاب، والثالثة في عهد الخليفة عثمان بن عفان.
- وفيما يتعلق بالمسجد النبوي، تم ضم دار العباس له وإضافة عدة دور، كما تم تمهيد الطريق وإفرشه بالحصى بدلًا من التراب.
- أما المسجد الحرام، فقد تم ضم الدور المحيطة به، وأحيط بسور، وأُلبست الكعبة لباسًا يعرف بالقُبَاطي.
- كما أمر الفاروق بإنارة جميع المساجد لتسهيل أداء المسلمين للشعائر ليلاً.
- والجدير بالذكر أن عمر أرسل الأوامر لبناء المساجد في مختلف الأمصار الإسلامية، وقد قيل إنه تم بناء أكثر من أربعة آلاف جامع في عصره.
أعمال عمر بن الخطاب الحضارية
- أسس الفاروق عمر بن الخطاب وطور حضارة الدولة الإسلامية من جميع الجوانب.
- لم يقتصر اهتمامه على الشؤون الدينية وبناء المساجد فقط.
- وكانت الفتوحات الإسلامية في عهده تسير في اتساع، مما ساهم في انتشار عدد كبير من المسلمين في مختلف البلدان.
- من الجدير بالذكر أن الفاروق اهتم بالتعليم والمال والاقتصاد.
- كما عمل على بناء المدن وتطوير العمران، وعين الولاة لتحقيق ذلك.
- إضافة إلى ذلك، أعطى اهتمامًا خاصًا للمواصلات، والمحاسبة، والقضاء.
- وقد دوّن العديد من الكتّاب سيرة عمر، لتعريف الأجيال بأعماله العظيمة.
تفاصيل لبعض أعماله
- تحدثنا في السابق عن توسيع وتجديد الحرمين في خلافة عمر.
- لكن لم يقم بهذا فقط، بل نقل مقام إبراهيم عليه السلام، الذي كان قريبًا من الكعبة، إلى مكــانِه الحالي لتيسير الصلاة.
- خصص الفاروق حصة من بيت المال للإنفاق على كافة وسائل النقل بين الأمصار الإسلامية.
- تيسيرًا لتنقل المسلمين، تم توفير عدد كبير من الجمال لهذا الغرض.
- إضافة إلى ذلك، خصص طعامًا مثل الدقيق والزبيب لمساعدة الفقراء والمحتاجين.
- كما أنشأ أماكن للمسافرين بين مكة والمدينة تحتوي على الماء والطعام.
- اهتم أيضًا بالنقل البحري، حيث أمر بإصلاح خليج لتحسين التجارة بين مصر وبلاد الحجاز عبر البحر الأحمر.
- وعلى صعيد آخر، حفر في العراق مجرى مائي لتوفير المياه للبصرة من نهر دجلة.
- ركز الفاروق على بعض المدن الحاسمة وجعلها مراكز مركزية للدولة الإسلامية، لتكون نقاط دعم للمجاهدين بكل احتياجاتهم.
- وانتشرت مراكز تعليمية خلال عهده لترويج المعرفة والتعليم.
أعمال أخرى بارزة
- أسس الفاروق مساجد وأسواق، وحدد أماكن لتربية الخيول.
- شجع المسلمين على الإقامة في تلك المدن التابعة لشبه الجزيرة العربية، كونها مراكز الدولة التي تنطلق منها الجيوش نحو الفتوحات ونشر الدعوة.
- حرص عمر بن الخطاب على أن تكون الطرق بين هذه المدن والعاصمة سهلة ويسيرة.
- تشمل تلك المدن البصرة، والكوفة في العراق، وسرت، والفسطاط في مصر.
- بنيت وطورت هذه المدن بأسلوب معماري يعكس الحضارة الإسلامية، مما أضفى عليها طابعًا إسلاميًا مميزًا.
- أنشأ الفاروق بيت مال المسلمين، وقام بتدوين الدواوين، وحفظ أموال الزكاة والجزية من أهل الكتاب في بيت المال.
- كما استخرج خمس الغنائم الناتجة عن الفتوحات، وأموال وراثية من توفي بلا وارث.
- من خلال تلك الأموال، قام بتطوير البلاد الإسلامية وسد احتياجات الفقراء والمحتاجين، كما تم تجهيز الجيوش للفتوحات أيضًا.