الرزق في الإسلام
يجب على كل مسلم أن يُدرك بوضوح أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد قرر نصيب كل مخلوق من الرزق، وقد دلّ على ذلك قوله سبحانه وتعالى: (وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها وَيَعلَمُ مُستَقَرَّها وَمُستَودَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ). ويشير الرزق في اللغة إلى العطاء، سواءً كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة. من الضروري أن نعلم أن الله هو المصدر الوحيد للرزق، فلا شيء يأتي إلا منه. فقد خلق الله البشر ورزقهم دون أي جهد أو تكلفة، وهو يقدم ما يتوسل به عباده دون أن ينقص من ملكه. وقد ذُكِرَ اسم الرزّاق في القرآن الكريم في العديد من الآيات، مما يدل على أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يرزق عباده بشكل متكرر، وهو القادر على ذلك. ومع ذلك، يُطلب من العبد السعي للحصول على رزقه مع حسن التوكل على الله. من المهم أيضًا أن نفهم أن كثرة الرزق لا تعني بالضرورة حب الله -عَزَّ وَجَلَّ- لعبده، رغم أن بعض المؤمنين قد يعاينون أنهم أقل حظًا من الكافرين. يُستحسن للمسلم أن يتحلّى بالصبر ويتوجه إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- بشأن رزقه، والتقدير للنعمة من خلال النظر إلى من هم أقل حظًا في الرزق.
أسباب البركة في الرزق
يشكو البعض من نقص البركة في أرزاقهم، سواء كانت مالية أو في الأولاد أو الزوجات أو حتى في الأعمار والمنازل. ولتحقيق البركة في الرزق، يجب على المرء أن يقوم ببعض الأمور الأساسية، ومنها:
- تحقيق تقوى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، والتي تعني توفير الحماية للمسلم من عذاب الله، وذلك من خلال الالتزام بالطاعات وتجنّب المحرمات. كما جاء في قوله تعالى: (وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ).
- تلاوة القرآن الكريم وفهم معانيه، فالقرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويجب على المسلم تلاوته بانتظام، وعدم الاقتصار على القراءة في رمضان فقط.
- الصدق في التجارة، بما في ذلك الإفصاح عن عيوب السلعة إن وجدت؛ فالصدق يجلب البركة ويزيد الرزق.
- الالتزام بالصدق والنزاهة بين الشركاء، مما يؤدي إلى بركة في العمل وزيادة في العطاء.
- تجنب الفسق بشتى أنواعه، بما في ذلك الفسق الأكبر الذي يخرج من ملة الإسلام، والفسق الأصغر كارتكاب الذنوب مع العلم بأنها محرمة. يجب الرجوع إلى الله عن طريق التوبة والاستغفار.
- القيام بالأعمال في الساعات الأولى من اليوم. فإضاعة الوقت تؤدي إلى نقص البركة، ويلزم الاقتداء بسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الإنجاز المبكر.
- التقرب إلى الله بالدعاء، حيث يُعتبر الدعاء من أعظم العبادات، إذ يربط بين العبد وربه.
- التوكل على الله، مع العمل الجاد والسعي للحصول على الرزق بدلاً من الانتظار.
- بر الوالدين وصلة الأرحام، فالتواصل مع الأهل يعتبر من الأشياء التي تُبارك الرزق.
السعي والعمل في الإسلام
يعد العمل والسعي لتوفير القوت من الضرورات التي لا غنى عنها في الحياة، وقد أوجد الله الأسباب اللازمة لذلك. إن العمل والكسب هما السبيل لتحصيل الأجر والثواب من الله -عَزَّ وَجَلَّ-. ورد في القرآن الكريم الربط بين العمل والعبادة، كما في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ). كما تم ذكر العمل مع الجهاد في سبيل الله، حيث يقول الله تعالى: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). لذلك، يشجع الإسلام على العمل وكسب الرزق بكل الطرق المشروعة، حيث يُعتبر العمل من القيم العظيمة في الدين، مقارنةً بالتسول أو انتظار المساعدة من الناس، إذ أن ذلك يجلب العار على المرء في الدنيا والآخرة، كما ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قوله: “مكسبةٌ فيها دناءةٌ خيرٌ من سؤال الناس.” وللأسف، زاد انتشار ظاهرة التسول في الآونة الأخيرة. وقد حذر الإسلام من ذلك، نظرًا لما يسببه من أذى للأشخاص والمجتمع على حد سواء. وقد وضّح الإمام الغزالي أن التسول يعتبر أمرًا محرمًا، إذ يرتبط بذلك ذل للنفس وتعلق بغير الله، إلا في حالات الضرورة.