أحكام زكاة الفطر وفق رأي ابن عثيمين
بين ابن عثيمين أن زكاة الفطر تُعتبر مقداراً معيناً من الطعام الذي يتناوله الناس، ويجب إخراجه عند انتهاء شهر رمضان. ومن الأسباب التي تقتضي إخراج زكاة الفطر ما يلي:
- السبب الشرعي
يتمثل السبب الشرعي وفقاً لما قاله ابن عثيمين في التعبير عن شكر الله -عز وجل- على نعمة الإفطار في شهر رمضان وبلوغ نهايته. ويعزى سبب تسميتها زكاة الفطر أو صدقة الفطر أيضاً إلى هذا الشكر. وقد وردت كلا التسميتين، الزكاة والصدقة، في النصوص الشرعية.
- السبب الوضعي
يتطلب وجوب زكاة الفطر دخول وقتها، والذي يتمثل في غروب الشمس ليلة العيد، أي غروب شمس اليوم الأخير من رمضان. فإذا توفي إنسان قبل غروب شمس اليوم الأخير، فإن الزكاة تسقط عنه. وأيضاً، إذا وُلِد مولود بعد دقيقة من غروب الشمس، فلا زكاة عليه. أما في حالة عقد النكاح قبل غروب الشمس من آخر يوم رمضان، فيكون على الزوج إخراج زكاة الفطر عن زوجته، وفقاً لكثير من العلماء.
وفيما يتعلق بحكم زكاة الفطر، فهي فرض على كل مسلم. وقد أوجبها الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند الإفطار من رمضان. ويُستشهد على ذلك بما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: “أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ المُسْلِمِينَ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ رَجُلٍ، أَوِ امْرَأَةٍ، صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ صَاعا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعا مِن شَعِيرٍ.”
تجب زكاة الفطر على كل مسلم، سواءً كان ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، صائماً أو مفطراً، مثل المسافر الذي لم يصم. وتستحب عند ابن عثيمين إخراج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، لكن لا تعد فرضاً.
حكم ترك زكاة الفطر وإخراجها في بداية رمضان
يعتبر منع زكاة الفطر عملاً محظوراً، حيث إنه يتنافى مع ما أوجبه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما في حديث ابن عمر الذي ذكر به فرضها. وقد اتفق العلماء على أن ترك الفريضة يعتبر محرمًا ويؤدي إلى الإثم.
أما فيما يخص التعجيل بإخراج زكاة الفطر في الأيام العشر الأولى من رمضان، يرى ابن عثيمين أن أفضل وقت لإخراجها هو يوم العيد قبل الصلاة. يُعزَى ذلك إلى أن زكاة الفطر ترتبط بفترة الفطر، لذا ينبغي أن تُؤخر حتى ذلك الحين.
ولكن يجوز وفقاً لما قاله ابن عثيمين أن تُخرج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين، وذلك تيسيراً على الناس. أما إخراجها في الأيام الأولى من رمضان، فإن أغلب أقوال العلماء تشير إلى أنه لا يجوز، وأيضاً تأخير إخراجها إلى ما بعد صلاة العيد يعد محرماً، ولن تُعتبر زكاة فطر.
وأشار ابن عثيمين أيضاً إلى أنه يمكن زيادة زكاة الفطر بنية الصدقة، وهذا أمر يفعله بعض الأشخاص الذين يشترون أكياساً من الأرز تفوق القيمة المطلوبة للزكاة. وهذا الأمر مسموح، بشرط أن يكون الكيس كافياً لما يجب إخراجه.
أنواع الزكاة والفئات المستحقة
وفق رأي ابن عثيمين، فإن إخراج الزكاة يجوز أن يتم من أصناف الطعام التي يأكلها الناس، حتى لو لم تكن من الأصناف الخمسة التي تحددها العلماء، مثل البر والتمر والشعير والزبيب والأقط. ويعتبر الأرز خياراً أفضل حالياً، نظراً لرغبة الناس به.
لا يجوز إخراج زكاة الفطر بوساطة النقود أو الأثاث أو الملابس وغيرها، لأن ذلك يتعارض مع ما أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم-. المقدار المحدد الذي حددته السنة النبوية لزكاة الفطر يعادل 2 كيلو و40 غرام.
وزكاة الفطر تُصرف فقط للفقراء، كما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه-: “قالَ فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ”. لذا، لا يجوز إعطاؤها للعمال غير المسلمين، كما أنه لا يجوز نقل زكاة الفطر من البلد الذي أخرج منه الزكاة إلى بلد آخر، إلا في حالة عدم وجود محتاجين في البلد الأصلي.