قصيدة خمس أغنيات إلى حبيبتي
على جناح طائر
مسافر..
مسافر..
تصل إليك خمس أغنيات حب
تصل إليك كالمشاعر الهادئة
من بعيد، من غربة المصب
إليك: يا حبيبتي الأميرة
الأغنية الأولى
ما زلت أنت أنت
تتألقين كوسام الليل في صمت التأمل
لكنني هنا
بلا وجود
سألت أمس طفلة عن اسم أحد الشوارع
فاجفلت ولم ترد
امشي بلا هدف في شوارع تمتد
وينتهي الطريق إذا بآخر يظهر
تقاطع
تقاطع
مدينتي طريقها بلا مصير
فأين أنت يا حبيبتي
لكي نسير
معاً
فلا نعود
ولا نصل
الأغنية الثانية
تشاجرت امرأتان عند باب منزلنا
تناثرت على الجدران بقايا الكلمات
لكن لفظاً واحداً حيرني معناه
قالته إحداهن للأخرى
فارتعشت عند نطقها كابتسامة الأسرى
هل تخونني حبيبتي؟
أنا الذي أروي الدموع نجوم شوقنا
ولتغفري حبيبتي
أنت تعرفين أن عدد النساء حولنا
قد انهار في مصاعب الزمن
وانتِ يا حبيبتي بشر
في القرن العشرين تعشقين أمسيات ملونة
قد جاد بخاطري هذا القلق
لكني بلا بصر
وقد وجدت في حقيبتي تذكرك الثمين
يضمنا هناك في بحيرة القمر
عيناك كما يصل ألف رب
وجبهة ماسية تتلاشى في بشرة المحب
أحسست أنني فوق مستوى الشك
وأنت فوق كل الشك
وإني قد آثمت عندما قرأت اسم ذلك الطريق
لذا كتبت لك
لتغفري
الأغنية الثالثة
ماذا لديك يا هوى
أكثر مما سقيتني
أقيمت هنا بلا هجر
حبيبتي: جاءني هذا الهوى
بكلمة من فمك فتركته يقيم
وظل يا حبيبتي يشب
حتى أصبح في تأثير قوى
ولم يعد لدي مكان في غرفتي
ما عادت الجدران تتسع
حطمت، يا حبيبتي، الجدران
حملته يحملني
إلى مدائن خلف الزمن
أسكرته وأسكرني
من خمرة أكوابها قليلاً من التوازن
لم أفلت
من قبضة تجرني إلى مدى الحقيقة
بأنني أصبت الشوق يا حبيبتي
قصيدة ماريا
ماريّا يا ساقية المشرب
هذه الليلة عيد
لكنّنا نخفي جمرات الألم!
صبى النشوة على شكل نخبة
صبى حبّا
قد جئنا هذه الليلة من أجلك
لنريح العمر التائه خلف الغيب المهلك
في ظل الأهداب اليونانية
ما أجمل استرخاء الحزن في ظلّك
في ظل الهدب الأسود
ماذا، يا ماريّا؟
الناس هنا كالأشخاص هناك في اليونان
بسطاء العيش محبوبون
لا يا ماريّا
الناس هنا في المدن الكبرى لديهم ساعات
لا تتخلف
لا تتوقف
لا تتصرف
آلات، آلات، آلات
كفى، يا ماريّا
نحن نريد حديثاً ننقذ منه النسيان
ماذا، يا سيدة البهجة؟
العام القادم في بيتي زوجة
قد ضاعت، يا ماريّا، من كنت أودّ
ماتت في أحضان أخرى
لكن ما فائدة الذكرى؟
ما جدوى الحزن المقعد؟
نحن جميعاً نحجب ضوء الشمس ونهرب
كفى، يا ماريّا
نحن نريد حديثاً ننقذ منه النسيان
قولي، يا ماريّا
أو لم تكوني في زمان طفلة
يلقي الشعر على جبهتها الظل
من أول رجل دخل الجنة واستلقى على الشطآن
علقت في جبهته خصلة من ليلك
فضّ الثغر بأولى قبلاته
أو ما غنّيت لأولى حب؟
غنّينا، يا ماريّا
أغنية من سنوات الحب العذب
ما أجمل النغمة
لتكاد تترجم معناها كلمة.. كلمة
غنّيها مرة أخرى.. غنّي
لا تتجهمي
ما دمت بجواري فلتتسمين
بين يديك و جودي كنز الحب
عيناي ليلا ووجهي نور
شفتاي نبيذ معصور
صدري جنّتك الموعودة
وذراعي وساد الرب
فينسم للحب تبسّم
لا تتجهمي
لا تتجهمي
ما دمت بجوارك، يا ماريّا، لن أتجهم
حتى لو كنت الآن شاباً
فأنا مثلك كنت صغيراً
أرفع عيني نحو الشمس كثيراً
لكنّي منذ هجرت بلادي
والأشواق
تمضغني وعرفت الطرق
مثلك منذ هجرتِ بلادك
وأنا أشتاق
أن أعود يوماً ما للشمس
أن يتورق في جدبي فيضان الأمس
قولي، يا ماريّا
العام القادم يبصر كل منّا أهله
كي أعود طفلاً وتعودي طفلة
لكنّا هذه الليلة محرومون
صبى أشجانك نخبا نخبا
صبى حبّا
فأنا ورفاقي
قد جئنا هذه الليلة من أجلك
قصيدة العينان الخضراوان
العينان الخضراوان
مروّحتان
في أروقة الصيف الحار
أغنيتان مسافرتان
أبحرتا من نايات الرعاة
بعطر حنان
بعزاء من آلهة النور إلى مدن الأحزان
سنتان
وأنا أبني زورق حب
يمتد عليه من الشوق شراعان
كي أبحر في العينين الصافيتين
إلى جزر المرجان
ما أجمل أن يضطرب الموج فينسدل الجفنان
وأنا أبحث عن مجداف
عن إيمان!
في صمت الكاتدرائيات الوسنان
صور للعذراء المسبلة الأجفان
يا من أرضعت الحب صلاة الغفران
وتمطي في عينيك المسبلتين
شباب الحرمان
ردّي جفنيك
لأبصر في عينيك الألوان
أهما خضراوان
كعيون حبيبي؟
كعيون يبحر فيها البحر بلا شطآن
يسأل عن الحب
عن ذكرى
عن نسيان
والعينان الخضراوان
مروّحتان!
قصيدة شبيهتها
انتظري
ما اسمك؟
يا ذات العيون الخضر والشعر الثري
أشبهت في تصوري
بوجهك المدور
حبيبة أذكرها أكثر من تذكري
يا صورة لها على المرآة، لم تكسر
حبيبتي مثلك
لم تشبه جميع البشر
عيونها حدائق مليئة بالصور
أبصرتها اليوم بعينيك
اللتين في عمري
طفولة منذ اتزان الخطو لم تنحسر
يا ظل صيف أخضر
تصورّي
كم أشهر وأشهر
مرّت ولسنا نلتقي
مرّت ولم نخضوضر
الماس في مناجمي
مشوّه التبلور
والذكريات في دمى
عاصفة التحرّر
كراقصة نارية من فتيات الغجر
لكنني حين رأيت الآن صورة لها
في مهجري
أيقنت أن ماسنا ما زال
حيّ الجوهر
وأننا سنلتقي
رغم رياح القدر
وأنني في فمك المستضحك المستبشر
أغنية للقمر
أغنية ترقص فيها القرويات
في ليالي السمر
يا ظل صيف أخضر
تصوّري
كم أشهر وأشهر
مغترباً عن العيون الخضر والشعر الثري