تاريخ مدينة تلمسان القديم والسكان الأصليين لها

يُظهر سكان مدينة تلمسان ارتباطاً عميقاً بتراثهم، حيث يتداولون الكثير من القصص والأساطير حول تاريخ مدينتهم. وقد قام المؤرخون، من بينهم المؤرخ الشهير ابن خلدون، بمراجعة هذه الروايات لتسليط الضوء على حقائق تاريخية دقيقة. في هذا المقال، سنستعرض تاريخ تلمسان القديم وأصالة سكانها الأصليين.

التاريخ القديم لمدينة تلمسان

تُظهر الأدلة الأثرية أن البشر استقروا في منطقة تلمسان منذ العصور ما قبل التاريخ، تحديداً في مناطق القلعة العليا وبودغن، تحت هضبة لالة ستي. تُعزز هذه الاكتشافات القول إن مدينة تلمسان تمتلك تاريخاً عريقاً يمتد إلى العصور القديمة.

يرجع الفضل إلى عالم الآثار ج. بلايتشر، الذي كشف عن كهوف بودغن، حيث عثر على آثار تعود إلى العصر الحجري القديم. تدل هذه الاكتشافات على استقرار البشر في مدينة تلمسان لعدة قرون، مما يبرز الأهمية التاريخية للمنطقة كمعلم يزخر بالآثار القديمة.

الأقوال المتداولة حول مدينة تلمسان

يتناقل السكان الحاليون في تلمسان العديد من الأحاديث التي تشير إلى أن مدينتهم شهدت رحلة الخضر ونوسى، وأن الجدار الموجود فيها هو ذاته الجدار المذكور في سورة الكهف في القرآن الكريم، والذي بناه الخضر. ومع ذلك، قام ابن خلدون بإجراء أبحاث مكثفة أثبتت زيف هذه الروايات، مشدداً على أن الجدار على الأرجح هو من إنجاز أهل تلمسان كجزء من محبتهم لبلادهم.

السكان الأصليون لمدينة تلمسان

تاريخ تلمسان مليء بالأحداث، حيث مرت بمراحل تاريخية متعددة، منها العهد الروماني الذي يُعرف بالعصر الروماني، والذي شهد تأسيس أول مركز عسكري في عام 201 للميلاد، فيما يتمتع بإطلالة رائعة على سهل شتوان.

شهدت المدينة فترة غامضة تُعرف بالفترة ما بين الحكم الروماني والفتح الإسلامي، حيث تُعد واحدة من الفترات الضبابية في تاريخ تلمسان، إذ تفتقر المعلومات الدقيقة حولها.

مع الفتح الإسلامي، تأثرت المدينة بشكل كبير وتوالت بعدها الدويلات، بدءًا من الدولة الإدريسية، ثم الفاطمية، ثم المرابطية، والتي تمتد من المحيط الأطلسي إلى مدينة الجزائر، تلا ذلك الدولة الموحدية، وأخيراً دولة بني عبد الواد.

أسس الرومان مدينة تلمسان في القرن الرابع الميلادي، ومع الفتح الإسلامي في القرن الثامن الميلادي، ازدادت أهميتها بشكل ملحوظ، رغم ما تعرضت له من استنزاف للموارد، إلا أنها حافظت على رونقها وجاذبيتها بجوار البحر المتوسط.

أصل تسمية مدينة تلمسان

سُمّيت المدينة باسم تلمسان، وهي كلمة أمازيغية، وقد اختلف العديد من المفسرين في دلالتها، حيث يُفسرها بعضهم بمعنى “النبع الجاف”، بينما يعتبرها آخرون “مدينة الينابيع”، وتعود هذه التسميات إلى كثرة أشجار الزيتون والكروم التي تُحيط بالمدينة، مما يجعلها تبدو كأنها ينبوع. سكن الأمازيغ أولاً في تلمسان، مؤسسين بذلك أحد أوائل تجمعات السكان في المنطقة وتسمية الوطن.

تُعتبر مدينة تلمسان واحدة من أبرز العواصم الثقافية في العالم العربي، حيث تمثل البوابة الأولى للمغرب الأقصى، واشتهرت بكونها دار العلماء والمحدثين، كذلك اعتبرت عاصمة للموسيقى الأندلسية، وهي واحدة من ثلاث مدارس فنية، حيث تنتمي إلى المدرسة المألوفة في قسنطينة. رغم ارتباط الشعر العربي بالفصحى، فإن الشعر الحوزي في تلمسان انغمس أكثر في اللهجة المحلية، وتم توارث هذا النوع المبدع من الشعر عبر الأجيال حتى يومنا هذا.

في ختام هذا المقال، تناولنا تاريخ مدينة تلمسان العريق، وأصالة سكانها، وتاريخ الفتوحات التي مرت بها، بالإضافة إلى الاستثمار الثقافي والمعاني وراء تسمية هذه المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top