الابتلاء
يُعتبر ابتلاء الله لعباده في بعض الأحيان وسيلة لعلاجهم من الأمراض الروحية والنفسية التي قد تتسلل إلى قلوبهم وحياتهم، مثل الحقد، والشح، والبخل، والابتعاد عن الواجبات مثل عقوق الوالدين وقطع الأرحام. في حالات عديدة، يُعد الابتلاء سبيلاً لرفع منزلتهم وامتحان إيمانهم، خاصةً إذا كانوا من عباد الله الصالحين المخلصين الذين يسعون لنيل رضوان الله والاقتراب منه في الدارين: الدنيا والآخرة. لذلك، فإن الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام- هم أكثر الأشخاص الذين تعرضوا للاختبارات والابتلاءات، مما يجعلهم في أرفع المنازل عند الله تعالى، نظرًا لصبرهم وتوكلهم على الله وحده.
حثت الشريعة الإسلامية المسلم المبتلى على اتخاذ نهج معين يساعده في التخلص من البلاء، ويتضمن هذا النهج مجموعة من الأسباب التي تدعم تعزيز العلاقة مع الله تعالى، بالإضافة إلى أخذ الأسباب الدنيوية مع التوكل على الله إذا كان نوع الابتلاء يتطلب ذلك. وفيما يلي توضيح لهذه الخطوات.
أسباب رفع البلاء
- يجب على المسلم المبتلى أن يقوم بمحاسبة نفسه ومراجعة تفاصيل حياته. إذا وجدها مملوءة بالذنوب والمعاصي، فعليه أن يسلك طريق التوبة، وأن يتذكر الله تعالى في جميع الظروف، وخاصة أثناء الخلوة بالنفس. وإن كان قلبه مشحونًا بالأحقاد والضغائن، عليه أن يسعى لتصفية وتنقية قلبه، واستبدال تلك المشاعر السلبية بمشاعر المحبة والرحمة. كما يتوجب عليه الالتزام بنصائح الله تعالى والابتعاد عن ما نهى عنه، وإعادة الحقوق لأصحابها إذا كان المبتلى قد اغتصب حقوق الآخرين.
- زيادة الأعمال الصالحة التي تساعد في نيل رضا الله تعالى، ومن أبرز هذه الأعمال مساعدة الآخرين وتقديم الدعم للفقراء والمحتاجين بكل الوسائل المتاحة، بالإضافة إلى الابتعاد عن الأنانية وإظهار الإيثار. وقد وردت نصوص شرعية عديدة تؤكد أن الصدقات تُعتبر من أفضل الأعمال التي تجلب محبة الله. بالإضافة إلى الصدقات، توجد أعمال أخرى مثل بر الوالدين، وصلة الأرحام، والدعاء، وغيرها.
- الإكثار من الاستغفار وذكر الله تعالى والتسبيح والصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث تساهم هذه الأعمال في ملء قلب المسلم بالإيمان وتجعل لسانه دائم الذكر، مما ينعكس إيجابيًا على حياته بالخير والبركة.
- قد يحتاج بعض أنواع الابتلاء إلى اتخاذ المبتلى لأسباب مادية مع معرفته اليقينية بأن الله تعالى هو رافع البلاء. على سبيل المثال، إذا كان الابتلاء عبارة عن مرض شديد، يجب على الشخص أن يتخذ كافة التدابير اللازمة لعلاج حالته، مثل زيارة الطبيب واتباع تعليماته، أو إجراء تدخل جراحي إذا استدعى الأمر.