أسلوب القسم واليمين في القرآن الكريم

أسلوب القسم في القرآن الكريم

تعريف القسم في اللغة: يُشتق القسم من كلمة “قسم” بفتح القاف والسين، وجمعه أقسام. يُعرف القسم بأنه يمين بالله تعالى، أو اليمين التي يحلفها الإنسان بالله وغير الله، كقول “والله ما ذهبت” أو “وربي ما قلت”. أما من الناحية الاصطلاحية، فهو يُعتبر أحد أساليب التوكيد، ويمكن أن يظهر كجملة فعلية أو اسمية تُعزز الجملة الخبرية سواء بالإيجاب أو النفي.

يتم استخدام أحد الألفاظ الدالة على القسم، مثل: “أقسم”، “لعمري”، “آليت”، “والله”، “تالله”، “بالله”، “أحلف” و”عليَّ عهد الله”، وغيرها. تتكون جملة القسم من أداة القسم والمُقسَم به (جملة القسم)، والمقسم عليه (جواب القسم).

أسلوب القسم حسب المقسم به في القرآن الكريم

ينقسم أسلوب القسم من حيث المقسَم به إلى نوعين كما يلي:

  • الأول

القسم بالله سبحانه وتعالى، وقد ذُكر في ثمانية مواضع، على النحو التالي:

    • (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ).
    • (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ).
    • (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).
    • (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ).
    • (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ).
    • (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ).
    • (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ).
    • (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ).
  • الثاني

القسم بمخلوقات الله سبحانه، حيث يوجد العديد من الأمثلة في القرآن الكريم، منها:

    • (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى).
    • (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا).
    • (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ).
    • (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا).
    • (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ).
    • (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ).
    • (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ).
    • (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ).
    • (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ).

أسلوب القسم من حيث المقسم عليه في القرآن الكريم

لقد وُجد أسلوب القسم باعتبار المقسم عليه في عدة أمثلة في القرآن، منها:

  • القَسَم على التوحيد

كما في قوله تعالى: (فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ).

  • القَسَم على أن القرآن حق

كما في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ).

  • القَسَم على أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم حق

مثال قوله تعالى: (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).

  • القَسَم على أن الجزاء حق

كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ).

  • القَسَم على حال الإنسان

كما في قوله تعالى: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى).

أسلوب القسم الظاهر والمضمر في القرآن الكريم

يمكن أن يظهر أسلوب القسم بشكل ظاهر، حيث يكون المُقسَم به واضحًا، أو في صيغة مضمرة حيث يكون المُقسَم به مُضمرًا. ومن الأمثلة على ذلك:

  • الظاهر

(فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).

  • المضمر

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا). هنا يتضح أن اللام تُشير إلى القسم بدون استخدام أداة قسم، والتقدير: والله لتُبلون. ومن أمثلته أيضًا: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)، والتقدير: والله إنكم لواردوا النار.

معاني أسلوب القسم في القرآن الكريم

وفقاً للعلماء، فإنّ القسم في اللغة العربية ينحصر في معنيين هما: الفضيلة والمنفعة كما يلي:

  • الفضيلة

كما يتضح في قوله تعالى: (وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)، حيث أقسم الله سبحانه وتعالى بالبلد الأمين، أي مكة، ليدلل على مكانتها وفضلها.

  • المنفعة

كما في قوله: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)، حيث أقسم الله سبحانه بهما لبيان نفعهما وفائدتهما.

أفعال تجري مجرى القَسَم في القرآن الكريم

تواجد أسلوب القسم في القرآن الكريم بأفعال لا تدل على القسم بشكل مباشر، بل يظهر القسم من خلال السياق والمعنى، مثل قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا).

وكذلك في قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).

لطائف أسلوب القسم في القرآن الكريم

يسهم أسلوب القسم في بداية السورة في جذب انتباه السامع، حيث يُثير القسم في النفس شعورًا بالرهبة، ويُهيّئ النفس لما سيأتي بعده. كما أن أسلوب القسم يُضفي رونقًا وجمالاً للآيات، خاصة عند استخدام ألفاظ محبوبة للعرب، مثل (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) التي تشير إلى مكة. وقد وجد أسلوب القسم في بداية ست عشرة سورة، جميعها مكّيّة، ومنها:

  • (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا).
  • (وَالذَّارِياتِ ذَرْوًا).
  • (والطُّورِ).
  • (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى).
  • (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا).
  • (وَالنَّازِعاتِ غَرْقًا).
  • (وَالسَّمَاءِ ذاتِ الْبُرُوجِ).
  • (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ).
  • (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
  • (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ).
  • (وَالشَّمْسِ وَضُحاها).
  • (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى).
  • (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى).
  • (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ).
  • (وَالْعادِياتِ ضَبْحًا).
  • (وَالْعَصْرِ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top