أسباب تحريم لحم الخنزير
يُحظر في الإسلام تناول لحم الخنزير، ويُعتبر هذا الالتزام استجابةً لأمر الله -تعالى- واتباعاً لشريعته. وعلى الرغم من عدم وجود نصوص شرعية واضحة تحدد الأسباب وراء هذا التحريم، إلا أن العلماء قد قدموا مجموعة من الحِكَم والاجتهادات، أبرزها ما يلي:
- يعود استقذار لحم الخنزير إلى طبيعة غذائه، حيث يتناول القاذورات والمواد الضارة التي يستقذرها البشر، مثل الفئران والجيف، مما يؤدي إلى تفشي بعض الأمراض والأضرار الصحية نتيجة تناوله.
- يُعتبر الخنزير من الحيوانات الخبيثة، فقد عُرِف بأنه يجمع بين صفات الحيوانات الأليفة والشرسة، حيث يتغذى على الجيف والنباتات.
- بالإضافة إلى كونه من الحيوانات القذرة، فقد وصف الله -تعالى- لحمه بأنه مسبب للنجاسة، كما في قوله: (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ).
- يُعتبر لحم الخنزير من الخبائث المحرّمة، والتي تُعد من المستقذرات وفقاً لطبيعة الإنسان السليمة، ويساوي ذلك تحريمه حتى في حالة ذبحه بطريقة شرعية.
- يُجمع على تحريمه في سائر الديانات السماوية، بما في ذلك اليهودية والمسيحية. فقد أعلن السيد المسيح -عليه السلام- تحريمه في الإنجيل، مما يجعل تحريمه في الإسلام استمرارًا لما أقرته هذه الديانات.
- يُعتبر الخنزير من ذوات الأنياب، وقد جاء في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (كُلُّ ذِي نابٍ مِنَ السِّباعِ فأكْلُهُ حَرامٌ) مما يجعله مُحرماً وفقاً لهذه المعايير.
ما يَعتبر مُحرَّمًا من أجزاء الخنزير
المتفق عليه حول ما يُحرَّم من الخنزير
فرض الله -تعالى- حظر تناول لحم الخنزير في العديد من الآيات، ومنها قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ). وقد أشار أهل التفسير إلى أن المقصود هو جميع أجزاء الخنزير وليس فقط اللحم، حيث تم التأكيد على تحريمه لكونه أعظم مكوناته. ويرى غالبية الفقهاء أن تحريم لحم الخنزير وشحمه قائماً، لأن اللحم هو جزء من الشحم.
كما اتفق علماء الأمة على أن تناول لحم الخنزير محظور إلا في حالة الضرورة، وذلك استنادًا إلى قوله -تعالى-: (قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ).
المختَلَف فيه في ما يُحرَم من الخنزير
تعددت آراء الفقهاء حول أجزاء مختلفة من الخنزير بخلاف اللحم والشحم، ومنها:
- شعر الخنزير: يُعتبر شعر الخنزير مثار خلاف، حيث ذهب أبو حنيفة وتلميذه محمد إلى جواز الانتفاع به، بينما يرى أبو يوسف أن هناك روايتين، إحداهما بإباحته والأخرى بالكراهة. وأما الأوزاعي فقد أكد عدم وجود حرج في استخدامه في الخياطة. وأشار الشافعي إلى أنه لا يجوز الانتفاع بشعر الخنزير. بينما ذكر الإمام القرطبي جواز استخدامه في الخياطة والخرز بناء على ممارسات زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأوضح وهبة الزحيلي أن بعض الفقهاء أجازوا استخدامه من باب الضرورة، والتي تُقدر بقدرها.
أما جمهور الفقهاء فقد رأى نجاسة شعر الخنزير، وبالتالي فإنه لا يجوز استخدامه، حيث إن ذلك يُعد استخداماً لعين نجسة. وذكرت الشافعية أنه إذا أخذ شخص ما شعره ليخيط به، فإن المكان الذي خُيط فيه لن يُطهر، سواء غُسِل بالتُربة أو الماء، لكن يُعفى عن هذه المسألة جراء الشيوع. ورأى الحنابلة وجوب غسل ما خُيّط به الشعر إذا كان رطباً، وإن كان جافاً فلا ينقل النجاسة. وأجاز الحنفية استخدام شعره للخياطين في حالات الضرورة، بينما أفتت المالكية بطهارته إذا قُصَّ بمقص، حتى بعد الموت، لكن يجب غسله للشك في طهارته.
- سؤر الخنزير، أي لعابه: اتفق جمهور الفقهاء من الشافعية والحنفية والحنابلة على نجاسة سؤر الخنزير؛ لأنه مُتولّد من عين نجسة. ويُطهَر لدى الشافعية والحنابلة إذا جُمع في إناء وتم غسله سبع مرات، إحداهن بالتُراب، كما هو الحال مع لعاب الكلب. وقد رأى المالكية أن لعاب الخنزير طاهر.