نسب المرينيين
تعود أصول المرينيين إلى قبيلة زناتة الأمازيغية، وهي قبيلة بربرية تشمل عدة قبائل كانت لها تأثير بارز في تاريخ المغرب العربي، مثل قبيلة مغيلة ومديونة ومغراوة وعبد الواد وجراوة. وقد كان المرينيون في بداياتهم من البدو الرحل. وفي سنة 601 هـ، نشبت حرب بين المرينيين وبني عبد الواد وبني واسين، مما أجبرهم على النزوح إلى المناطق المرتفعة في المغرب، حيث استقروا في وادي ملوية الذي يقع بين المغرب والصحراء.
على خلاف أبناء عمومتهم من بني زيان وبني وطاس، لم يخضع المرينيون لحكم دولة الموحدين التي كانت تسيطر على المغرب العربي والأندلس. لذلك، قرروا الهجرة إلى الصحراء الجنوبية، ولكنهم شاركوا في الأحداث السياسية التي شهدها المغرب خلال فترة الموحدين.
المرينيون ودولة الموحدين
كما ذكر سابقًا، يعتبر المرينيون قومًا من البدو غير القابلين للخضوع للآخرين، وقد عملوا على تعزيز قوتهم في الأراضي التي عاشوا فيها، وشنوا الغارات على المناطق المحيطة بهم كما هو معتاد بين سكان الصحراء. ومع تفشي الفساد في صفوفهم وكثرة الشكاوى ضدهم، قرر الخليفة المستنصر الموحدي القضاء عليهم.
استغل المرينيون الهزيمة التي تعرضت لها الموحدون في عام 610 هـ خلال معركة العقاب ضد الممالك النصرانية الإسبانية، مما أسفر عن انهيار السلطة المركزية وانتشار وباء الطاعون الذي أدى إلى فقدان عدد كبير من الجنود وزعزعة الأمن في البلاد. فقامت المرينيون باستغلال هذه الظروف وهزموا الجيوش المتبقية وتوسعوا في الجهة الريفية والغربية، ووضعوا أنفسهم مؤقتاً تحت السيطرة الاسمية لسلطنة الحفصيين، بعد دعوة أهل مكناس لمبايعة الحفصيين عند فتح المدينة.
من تلك السنة إلى عام 668 هـ، نشبت بين المرينيين والموحدين حروب شرسة انتهت بانتصار المرينيين وتلاشي دولة الموحدين في مراكش. وكانت مدينة فاس عاصمتهم، حيث تولى الحكم أول سلطان لهم وهو أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق الذي أعلن فك الارتباط عن الحفصيين.
دخول السلطان يوسف بن يعقوب إلى الأندلس
بعد وصول يوسف بن يعقوب إلى مراكش وقضائه على حكم الموحدين فيها، استنجد به بنو الأحمر الذين كانوا يحكمون مملكة غرناطة آنذاك. فدخل يوسف بن يعقوب مع بني الأحمر إلى الأندلس للحد من توسع القوات القشتالية، مما أدى إلى وقوع عدة معارك كان أبرزها معركة الدونونية.
في عام 1275، قاد القشتاليون جيشًا ضخماً يضم 90 ألف مقاتل تحت قيادة القائد دونونه، وواجهوا جيش المرينيين بقيادة يعقوب بالقرب من غرناطة. اشتعلت المعركة ولكنها انتهت لصالح المسلمين، حيث قُتل القائد دونونه مع 18 ألفًا من جنوده، بينما فقد المسلمون 24 مقاتلاً فقط.
نتيجة لذلك، تمكن يوسف بن يعقوب من التوغل في أراضي قشتالة واسترجاع مدينة إشبيلية بعد أن كانت تحت السيطرة القشتالية، مما منح آخر دويلة للمسلمين في الأندلس قوة جديدة بعد أن كانت مهددة بالسقوط، وأسهم في وقف الزحف القشتالي.