تشغل الفلسفة والعلم أذهان الناس، فكلاهما مرتبط بالتفكير، ورغم ذلك، قد يعتقد البعض بوجود تباين بينهما. في هذا المقال، سنوضح لكم ملامح كل من الفلسفة والعلم، بالإضافة إلى أبرز صفاتهما والعلاقة التي تربط بينهما.
ما هي الفلسفة والعلم؟
يمكن تعريف كل من الفلسفة والعلم على النحو التالي:
1- تعريف الفلسفة
ترتكز الفلسفة على فهم طبيعة الأفكار، حيث تعبر عن محاولة التعمق في مفهوم ما؛ وبالتالي، تعتبر الفلسفة نشاطًا فكريًا يهدف إلى وصف القوانين العامة للوجود في الطبيعة أو المجتمع أو الفكر البشري، ويسعى للتعبير عنها.
مصطلح الفلسفة يعود إلى اللغة اليونانية ويعني “حب الحكمة”. يسعى الفيلسوف من خلال الفلسفة إلى فهم الحقائق الأساسية للعالم وعلاقاتها المتبادلة، كما أنها تسلط الضوء على أسئلة الحياة من زاوية تأملية.
2- تعريف العلم
يمثل العلم شكلًا متقدمًا من المعرفة، التي يتم استكشافها والتحقق منها عبر الملاحظة والاستنتاج. يُعد العلم عادة موضوعيًا، بحيث يمكن تعميم التجارب الدقيقة والتأكد من الحصول على النتائج ذاتها.
يتسم نهج العلم بالمنطقية والتنظيم، حيث يتبعه الباحثون للوصول إلى تفسير للظواهر المحيطة بهم. ويركز العلم على الحقائق وموضوع البحث، ولا يعتمد على الآراء أو وجهات النظر الشخصية.
ميزات الفلسفة والعلم
يتباين مفهوم كل من الفلسفة والعلم، مما ينعكس على ميزاتهما، وفيما يلي أبرز الخصائص لكل منهما:
1- خصائص الفلسفة
تتميز الفلسفة بالخصائص التالية:
- تتمتع الفلسفة برؤية شمولية تجاه جميع الظواهر، حيث لا تحددها بزمان أو مكان معين.
- تعتمد الفلسفة على التساؤل المستمر للوصول إلى أجوبة مناسبة حول القضايا المتعلقة بالحياة.
- يعتبر الشك والنقد جزءًا أساسيًا من التفكير الفلسفي، مما يعزز عملية التفكير بعيدًا عن الإجابات التقليدية.
- تُظهر الفلسفة عقلانية في التفكير وتسعى لتقديم براهين منطقية لدعم أفكارها.
2- خصائص العلم
يمكن تلخيص خصائص العلم بما يلي:
- الحقائق العلمية قابلة للتعديل والتغيير لأنها نتائج استنتاجية بشرية.
- يعمل العلم على تصحيح نفسه من خلال أدوات البحث الحديثة.
- يتصف العلم بالشمولية والتعميم، حيث يسعى لتقديم رؤى عامة.
- تميّز العلم بالتراكم المعرفي، حيث يعتمد على ما سبق من أبحاث لدعم التقدم العلمي.
الرابطة بين الفلسفة والعلم
تتسم العلاقة بين الفلسفة والعلم بالغرابة بعض الشيء، حيث تتغير هذه العلاقة بتغير العصور. في الماضي، اعتُبر العلم أحد فروع الفلسفة، وكان العلماء في تلك الفترات يعتبرون فلاسفة بفطرتهم.
بدأ انفصال العلم عن الفلسفة خلال القرن السادس عشر، حيث تطور تدريجيًا مع ظهور عدد من الفلاسفة مثل غاليليو ونيوتن، الذين أحدثوا انتقالًا في التفكير من الفلسفة إلى البحوث والتجارب العلمية.
بفضل هذا التحول، بدأت رؤية العلم تتطور، بينما تراجع الفكر الفلسفي في هذه الأثناء، نتيجة الاعتماد المتزايد على المنهج العلمي في البحوث والدراسات.
على الرغم من هذا الانفصال، لا يزال كلاهما بحاجة إلى الآخر. يستحيل فهم الكون ومفاهيم الحياة اعتمادًا على العلم وحده، كما تحتاج الفلسفة إلى العلم لتوضيح الحقائق المتعلقة ببعض الظواهر.
في الختام، قدمنا لمحة عن خصائص كل من الفلسفة والعلم وتعريفاتهما، مما يبرز الفروق بينهما ويعكس العلاقة المتغيرة التي تجمعهما عبر العصور، حيث تم الفصل بينهما في العصر الحديث رغم حاجتهما المتبادلة لفهم الحياة وظواهرها.