أثر السهر وقلة النوم على الصحة العامة

الشعور بالتعب والنعاس مع نقص اليقظة

يُعتبر السهر وقلة النوم من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى الشعور بالنعاس وانعدام اليقظة، حتى وإن كانت مدة النوم أقل من المعتاد بساعة ونصف فقط. هذه الساعات المفقودة تتمتع بتأثيرات سلبية على شعور الشخص طوال اليوم، كما تُسهم في تقليل أدائه العام. يُذكر أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يساهم في ظهور علامات التعب والإرهاق على الوجه، مما يؤدي إلى ظهور الهالات السوداء تحت العينين وازدياد التجاعيد المبكرة على المدى الطويل.

ضعف الذاكرة وانخفاض التركيز

السهر يؤثر سلبًا على مهارات التفكير والتذكر ومعالجة المعلومات، ويُسبب الشعور بالتعب وتقلب المزاج. مع استمرار السهر وقلة النوم، يصبح نقص التركيز وضعف الذاكرة أبرز المشاكل التي يواجهها الفرد، مما يعيق القدرة على اتخاذ القرارات. وقد تظهر مشكلات متنوعة مثل التهيّج والقلق والاكتئاب وفقدان الشغف، كذلك يُلاحظ حاجة الفرد إلى وقت أطول لتقديم ردود فعل صحيحة.

تشير الدراسات التي أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب النوم إلى أن نقص النوم له آثار سلبية على الصعيدين الجسدي والذهني. كما يؤثر نقص النوم بشكل مباشر على أنواع عدة من التفكير، بما في ذلك التفكير الإبداعي، وبالتالي يؤثر على كيفية تفاعل الأفراد مع الآخرين. تؤدي قلة النوم أيضًا إلى ضعف الذاكرة قصيرة المدى وتكوين ذكريات مشوشة وغير دقيقة.

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة أبحاث الدماغ التجريبية، طُلب من 18 رجلًا إتمام مهام معينة؛ حيث أُنجزت المهمة الأولى بعد نوم مريح، بينما أُكملت الثانية بعد فترة سهر طويلة. وقد أظهرت النتائج اختلافات ملحوظة في وظائف الدماغ، بما في ذلك الذاكرة وصنع القرار والتفكير وحل المشكلات.

تدهور العلاقات الاجتماعية

تؤدي قلة النوم إلى ضعف العلاقات الاجتماعية، حيث تسهم المزاجية في حدوث تصادمات متكررة مع الآخرين. أظهرت بعض الأبحاث من جامعة كاليفورنيا بركلي أن الأفراد الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم يشعرون بالوحدة، وتقل قدرتهم على بناء روابط وثيقة مع الآخرين، مما يجعل تصرفاتهم مشابهة لتلك التي تصدر عن الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي.

ارتفاع خطر الإصابة بالأمراض

يؤدي نقص النوم إلى تعرض الفرد لمخاطر صحية عديدة، بما في ذلك السكري وأمراض القلب والسمنة. كما أن استمرار قلة النوم على المدى الطويل قد يتسبب في الإصابة بمشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم وتضرر الدماغ والنوبات القلبية. حسب الأكاديمية الأمريكية لطب النوم، أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين ينامون خمس ساعات أو أقل يوميًا يكون معدل وفاتهم أعلى بنسبة 15% مقارنةً بمساحة أخرى تنام لمدة سبع ساعات، وهو ما يشير إلى تأثير السهر على الصحة العامة وكفاءة الجهاز المناعي وقدرته على مقاومة الأمراض.

زيادة معدل حوادث الإصابات

يتسبب نقص النوم المتكرر في التأثير على الوظائف العقلية وزيادة الشعور بالنعاس خلال النهار، مما يزيد من خطر التعرض للحوادث في المنزل أو العمل أو أثناء القيادة. لقد سجل التاريخ العديد من الحوادث الكبرى التي وقعت نتيجة قلة النوم، مثل الحادث النووي في جزيرة الثلاثة أميال في عام 1979 والانفجار النووي في تشيرنوبل عام 1986. هذه الحوادث كانت نتيجة عدم اتخاذ العمال للقرارات المناسبة بسبب تأثير قلة النوم على ردود أفعالهم.

كما يبرز تأثير قلة النوم على زيادة نسبة التعرض للحوادث المرورية، حيث تُشير إحصاءات الإدارة الوطنية للسلامة على الطرق السريعة إلى أن التعب كان سببًا في 100,000 حادث سنوي، مما أسفر عن 1,550 حالة وفاة ترتبط بهذا النوع من الحوادث في الولايات المتحدة، وبصفة خاصة بين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا، حيث يؤثر السهر على ردود الأفعال ويجعل السائق في شبه حالة من عدم الوعي.

تزايد القلق وانخفاض الدافع

ينتج عن نقص النوم شعور بعدم الاستقرار العاطفي وسرعة الغضب، مما يؤدي إلى مشاعر سلبية وانخفاض في الحافز للعمل على مدار اليوم. تساهم هذه الحالة في ظهور ردود أفعال غير عقلانية وسلوك عدواني. ومن المهم الإشارة إلى أن قلة النوم تؤثر على قدرة القشرة الجبهية الأمامية للدماغ على التحكم في المشاعر والعواطف. كما أن السهر قد يؤثر سلبًا على الشهية، مما يؤثر على النمو الصحي.

يمكن اعتبار نقص النوم متكررًا أمرًا غير صحي، فهو يؤدي إلى آثار متعددة على مختلف الأصعدة. من بين هذه الآثار التعب الدائم وصعوبات التركيز وضعف الذاكرة وصعوبة اتخاذ القرارات المناسبة يوميًا. كما يتسبب في تدهور العلاقات الاجتماعية ويُسهم في ظهور مشكلات صحية متعددة على المدى القريب والبعيد، بالإضافة إلى تقلب المزاج وتراجع الدافع تجاه الحياة والنشاطات اليومية. ومن أبرز هذه الآثار زيادة خطر التعرض لحوادث متزايدة في العمل والمنزل وعلى الطرق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top