قصيدة زدني بفرط الحب فيك تحيراً
يقول الشاعر ابن الفارض:
زِدْني بفَرْطِ الحُبّ فيك تَحَيّرا
وارْحَمْ حشىً بلَظَى هواكَ تسعّرا
وإذا سألُتكَ أن أراكَ حقيقةً
فاسمَحْ ولا تجعلْ جوابي لن تَرى
يا قلبُ أنتَ وعدَتني في حُبّهمْ
صَبراً فحاذرْ أن تَضِيقَ وتَضجرا
إنَّ الغرامَ هوَ الحياةُ فمُتْ بِهِ
صَبّاً فحقّك أن تَموتَ وتُعذرا
قُل لِلّذِينَ تقدَّموا قَبلي ومَن
بَعدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى
عني خذوا وبي اقْتدوا وليَ اسمعوا
وتحدّثوا بصَبابتي بَينَ الوَرى
ولقد خَلَوْتُ مع الحَبيب وبَيْنَنَا
سِرٌّ أرَقّ منَ النسيمِ إذا سرى
قصيدة لقد لامني يا هند في الحب لائم
يقول الشاعر أحمد شوقي:
لقد لامني يا هند في الحب لائم
محب إذا عُدّ الصحاب حبيب
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
ولا هو في شرع الغرام مريبُ
وصفت له من أنتِ ثم جرى لنا
حديثٌ يهمُ العاشقين عجيبُ
وقلت له صبراً فكل أخي هوى
على يد من يهواه سوف يتوب
قصيدة في الحب روعات وتعذيب
يقول الشاعر أبي النواس:
في الحُبِّ رَوعاتٌ وَتَعذيبُ
وَفيهِ يا قَومُ الأَعاجيبُ
مَن لَم يَذُق حُبّاً فَإِنّي امرُؤ
عِندي مِنَ الحُبِّ تَجاريبُ
عَلامَةُ العاشِقِ في وَجهِهِ
هَذا أَسيرُ الحُبِّ مَكتوبُ
وَلِلهَوى فِيَّ صَيودٌ عَلى
مَدرَجَةِ العُشّاقِ مَنصوبُ
حَتّى إِذا مَرَّ مُحِبٌّ بِهِ
وَالحَينُ لِلإِنسانِ مَجلوبُ
قالَ لَهُ وَالعَينُ طَمّاحَةٌ
بِهِ وَالصَبرُ مَغلوبُ
لَيسَ لَهُ عَيبٌ سِوى طيبِهِ
وَبِأَبي مَن عَيبُهُ الطيبُ
يَسُبُّ عِرضي وَأَقي عِرضَهُ
كَذلِكَ المَحبوبُ مَسبوبُ
قصيدة أغالبك القلب اللجوج صبابة
يقول الشاعر المرقش الأكبر:
أَغالِبُكَ القلبُ اللَّجوج صَبابَةً
وشوقاً إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالبُهْ
يهيمُ ولا يعْيا بأسماء قلبُه
كذاك الهوى إمرارُه وعواقِبُهْ
أيُلحى امرؤ في حبِّ أسماء قد نأى
بِغَمْزٍ من الواشين وازوَرَّ جانبُهْ
وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالماً
وبادي أحاديثِ الفؤادِ وغائبهْ
إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني
يُزعزعني قفقاف وِرْدٍ وصالبُهْ
قصيدة قمر أعار الصبح حسن تبسّم
يقول الشاعر ابن رواحة الحموي:
قمرٌ أَعار الصُّبْحَ حُسنَ تَبَسُّمِ
وأَعار منه الغصنَ لِينَ تَأَوُّدِ
واخْضَرَّ شارِبُه فبان لغُلَّتي
منه اخضِرارُ الرَّوْض حَوْلَ المَوْرِد
ومتى يُباحُ لعاشقيه مُقَبَّلٌ
كالدُّرِّ في الياقوت تَحْتَ زَبَرَجْدَ
قصيدة حسنها كل ساعة يتجدد
يقول الشاعر ابن سناء الملك:
حسنُها كلَّ ساعةٍ يتجَدّدْ
فلهذا هَوايَ لا يَتَحدَّدْ
إِنَّ عِشْقي كَحُسنِها ليس ينـ
ـفكُّ وهَمِّي كَهَجرِها ليس يَنْفَدْ
غير أَنَّ الخيالَ يأْتي فيا طو
لَ حيائِي منْ طُول مَا قَدْ تَردَّد
بات ذاكَ الخيالُ في العين لَكِنْ
مِسْكُ أَرْدَانِه تعلَّق في اليَدْ
غادَةٌ عادةٌ لها الفتكُ فِينا
ولكلٍّ مِنْ دَهْرِه ما تَعوَّدْ
هِيَ لا شَكَّ مُعْصِرٌ غيرَ أَن الـ
ـقَدَّ مِنْها يَقُولُ لِي هِيَ أَمْرَدْ
حملَتْ زينةَ الفَريقين فوقَ النـ
ـهدِ عِقدٌ وفي الجفونِ المُهَنَّد
قدْ رَوى السحرَ لحظُهَا فهو يُمْلي
كلَّ يومٍ منه علينا مُجَلَّد
وقرأَنَا الغريبَ من فمِها الكا
مِلِ حُسْناً والثَّغْرُ فيه المبرّدْ
كَحَلُ الجَفْنِ مَازَجَ الكُحلَ فيه
فَشرِبْنا مِنه السُّلافَ مُوَلَّدْ
هي من حُسنها تُميتُ وتُحيي
وَهْي من لِينِها تَحِلُّ وتَعْقِد
قصيدة تعلق روحي روحها قبل خلقنا
يقول الشاعر قيس بن ذريح في الغزل العذري:
تَعلَقُ رَوحي رَوحَها قَبلَ خَلقِنا
وَمِن بَعدِ ما كُنّا نِطافا وَفي المَهدِ
فَزادَ كَما زِدنا فَأَصبَحَ نامِيا
فَلَيسَ وَإِن مُتنا بِمُنفَصِمِ العَهدِ
وَلَكِنَّهُ باقٍ عَلى كُلِّ حادِثٍ
وَزائِرُنا في ظَلمَةِ القَبرِ وَاللَحدِ
يَكادُ حُبابُ الماءِ يَخدِشُ جِلدَها
إِذا اِغتَسَلَت بِالماءِ مِن رِقَتِ الجِلدِ
وَإِنِّيَ أَشتاقُ إِلى ريحِ جَيبِها
كَما اِشتاقَ إِدريسُ إِلى جَنَّةِ الخُلدِ
وَلَو لَبِسَت ثَوباً مِنَ الوَردِ خالِصاً
لَخَدَّشَ مِنها جِلدَها وَرَقُ الوَردِ
يُثَقِّلُها لُبسُ الحَريرِ لِلينِها
وَتَشكو إِلى جاراتِها ثِقَلَ العِقدِ
وَأَرحَمُ خَدَّيها إِذا ما لَحَظتُها
حِذاراً لِلَحظي أَن يُؤَثِّرَ في الخَدِّ
قصيدة بانت سعاد ففي العينين ملمول
يقول الشاعر الأخطل:
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ مَلمولُ
مِن حُبِّها وَصَحيحُ الجِسمِ مَخبولُ
فَالقَلبُ مِن حُبِّها يَعتادُهُ سَقَمٌ
إِذا تَذَكَّرتُها وَالجِسمُ مَسلولُ
وَإِن تَناسَيتُها أَو قُلتُ قَد شَحَطَت
عادَت نَواشِطُ مِنها فَهوَ مَكبولُ
مَرفوعَةٌ عَن عُيونِ الناسِ في غُرَفٍ
لا يَطمَعُ الشُمطُ فيها وَالتَنابيلُ
يُخالِطُ القَلبَ بَعدَ النَومِ لَذَّتُها
إِذَ تَنَبَّهَ وَاِعتَلَّ المَتافيلُ
يُروي العِطاشَ لَها عَذبٌ مُقَبَّلُهُ
في جيدِ آدَمَ زانَتهُ التَهاويلُ
حَليٌ يَشُبُّ بَياضَ النَحرِ واقِدُهُ
كَما تُصَوَّرُ في الدَيرِ التَماثيلُ
أَو كَالعَسيبِ نَماهُ جَدوَلٌ غَدِقٌ
وَكَنَّهُ وَهَجَ القَيظِ الأَظاليلُ
غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوَارِضُها
كَأَنَّها أَحوَرُ العَينَينِ مَكحولُ
أخرقَهُ وَهوَ في أَكنافِ سِدرَتِهِ
يَومٌ تُضَرِّمُهُ الجَوزاءُ مَشمولُ
فَسَلِّها بِأَمونِ اللَيلِ ناجِيَةٍ
فيها هِبابٌ إِذا كَلَّ المَراسيلُ
قَنواءَ نَضّاخَةِ الذِفرى مُفَرَّجَةٍ
مِرفَقُها عَن ضُلوعِ الزَورِ مَفتولُ
تَسمو كَأَنَّ شَراراً بَينَ أَذرُعِها
مِن ناسِفِ المَروِ مَرضوحٌ وَمَنجولُ
قصيدة أنا لست بالحسناء أول مولع
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
أَنا لَستُ بِالحَسناءِ أَوَّلَ مولَعِ
هِيَ مَطمَعُ الدُنيا كَما هِيَ مَطمَعِ
فَاِقصُص عَلَيَّ إِذا عَرَفتَ حَديثَها
وَِسكُن إِذا حَدَّثتَ عَنها وَاِخشَعِ
أَلَمَحتَها في صورَةٍ أَشهِدتَها
في حالَةٍ أَرَأَيتَها في مَوضِعِ
إِنّي لَذو نَفسٍ تَهيمُ وَإِنَّها
لَجَميلَةٌ فَوقَ الجَمالِ الأَبدَعِ
وَيَزيدُ في شَوقي إِلَيها أَنَّها
كَالصَوتِ لَم يُسفِر وَلَم يَتَقَنَّعِ
فَتَّشتُ جَيبَ الفَجرِ عَنها وَالدُجى
وَمَدَدتُ حَتّى لِلكَواكِبِ إِصبَعي
فَإِذا هُما مُتَحَيِّرانِ كِلاهُما
في عاشِقٍ مُتَحَيِّرٍ مُتَضَعضِعِ
وَإِذا النُجومُ لِعِلمِها أَو جَهلِها
مُتَرَجرِجاتٌ في الفَضاءِ الأَوسَعِ
رَقَصَت أَشِعَّتُها عَلى سَطحِ الدُجى
وَعَلى رَجاءٍ فِيَّ غَيرَ مُشَعشَعِ
وَالبَحرُ كَم ساءَلَتهُ فَتَضاحَكَت
أَمواجُهُ مِن صَوتِيَ المُتَقَطِّعِ
فَرَجَعتُ مُرتَعِشَ الخَواطِرِ وَالمُنى
كَحَمامَةٍ مَحمولَةٍ في زَعزَعِ
وَكَأَنَّ أَشباحَ الدُهورِ تَأَلَّبَت
في الشَطِّ تَضحَكُ كُلُّها مِن مَرجَعِ
قصيدة أتتنا العذارى الغيد في حلل النهى
يقول الشاعر أبي الحسن الجرجاني:
أَتَتنَا العَذَارى الغِيدُ في حُلَلِ النُّهى
تَنشُرُ عن عِلمٍ وتطوى على سِحرِ
تَلاعَبُ بالأذهانِ رَوعَةُ نَشرها
وتشغلُ بالمرأى اللطيفِ عن السير
أَلَذُّ من البُشرَى أَتَت بعد غَيبَة
وأحسنُ من نُعمَى تُقَابَلُ بالشُّكرِ
فلم أر عقداً كان أبهى تألُّقا
وأَشبهَ نَظما مُتقَناً منه بالنَّثرِ
ترى كلَّ بيتٍ مُستَقلاًّ بنفسه
تُبَاهِى معانيه بألفاظِه الغُرِّ
تَحَلَّت بوصفِ الجسم ثم تَنَكَّرَت
ومالت مع الإعراضِ في حَيَّز تَجري
أَرَّنَت سحابُ الفِكرِ فيها فأَبرَزَت
لآلئ نُورٍ في حَدَائِقها الزُّهرِ
فجاءت ومعناها مُمازجُ لفظها
كما امتزجت بنتُ الغَمَامةِ بالخَمرِ
أشَدَّ إليه نسبَةً من حُرُوِفهِ
وأَحوَجَ من فعلٍ جَميلٍ إلى نشرِ
نَظَمتُها عقداً كما نظم الحجَى
وفاءَك في عِقدِ السماحةِ والفَخرِ
كأَنَّكَ إذ مرَّت على فيك أفرغت
ثناياك في ألفاظها بَهجةَ البشر
كَفَتنَا حُمَيَّا الخمرِ رِقةُ لفظِها
وأَمَّنَنَا تهذيبُها هَفوةِ السكرِ
قصيدة دعتنا لمسرى ليلة رجبية
يقول الشاعر أبي وجزة السعدي:
دَعَتنا لمسرى لَيلَةٍ رَجَبيَّةٍ
جَلا بَرقُها جَونَ الصَناديدِ مُظلِما
يَزيفُ يَمانِيهِ لأَجزاعِ بيشَةٍ
وَيَعلو شَآميهِ شَرورى وَأَظلَما
وَسِرنا بِمَطلولٍ مِنَ اللَهوِ لَيِّنٍ
يَحُطُّ إِلى السَهل اليَسوميّ أَعصَما
تَنادَوا بِأَغباشِ السَوادِ فَقَرَّبَت
عَلافيف قَد ظاهَرنَ نِيّاً مُعَوَّما
يَقرمنَ سَعدانَ الأَباهِر في النَدى
وَعذقَ الخُزامى وَالنصيّ المُجَمَّعا
وَإِن سَبَّتَته مالَ جَثلاً كَأَنَّما
سَدى واثِلاتٍ مِن نَواسِجِ خَثعَما
قصيدة يا ثريا إذا بكرت إلى الروض
يقول الشاعر وديع عقل:
يا ثريا إذا بكرت إلى الرو
ضة يوماً ولم تلاقي الطيورا
ووجدت الأراك أوحشه السا
جع والزهر يابساً منثورا
ورأيت الندى يذوب سخيناً
وبليل الصباح يغدو هجيرا
فاعلمي أنّ في خلال شجون ال
دوحِ والزهر يا ثريا نذيرا
يا ثريا قد جاء بالأمس ذو ما
لٍ إلى والديكِ يغلي المهورا
وأراه يخلو بوالدك الشي
خ ويمضي مرنحاً مسرورا
إن دهاني الداهي وأقصاك عني
خاطبٌ يبذلُ النضار الكثيرا
فاذكري في رخاك هذا المعنى
واذكري في غناك هذا الفقيرا
قصيدة بشراي نلت من السرور منائي
يقول الشاعر علي الغراب الصفاقسي:
بشراي نلتُ من السّرُور مُنائي
بهنا الحبيب وحسرة الأعداء
فعلى فُؤادي للسّرُور تزاحمٌ
كالازدحام على ورُوُد الماء
والمشكلاتُ من المسائل أسفرت
تفترُّ بعد كآبة وخفاء
بُشرى الفؤاد به كبشرى عاشق
بمزار من يهواهُ بعد جفاء
من بعد ما كادت تفيض نُفوسُنا
فزعا كفيض دُمُوعنا بدماء
بجليل خطب قد دهى من ذكره
تسلو به عن مرشف العذراء
يا من أصيب من الزّمان بمحنة
أومت لفضلك أيّما إيماء
لا تأسفنّ فلست أوّل فاضل
بالنّائبات رمي وكلّ أذاء
فضلُ الفتى يُغري به أعداءه
والفضلُ للأعدا من الأكفاء
لك أسوةٌ بأيّمة لولاهُمُ
عمّت جهالةُ سائر الأشياء
فلئن سُجنت فإنّ كلّ ذخيرة
مُمتازةٌ بالسّتر والإخفاء