أهمية التراحم والتعاطف بين أفراد المجتمع

تُعَد الرحمة من القيم الأساسية التي أكدت عليها جميع الأديان السماوية والأخلاق الإنسانية، حيث تعكس هذه القيمة مدى أهمية التراحم في المجتمعات وتأثيره على تعزيز المحبة والمودة بين الأفراد.

إن تناغم القلوب نتيجة الرحمة يُسهم في تحقيق التفاهم بين الناس، مما يؤدي إلى تمكن البشرية من عيش حياة كريمة خالية من العنف والضغينة، الأمر الذي يخدم في تعزيز قوة المجتمع واستقراره.

أهمية الرحمة بين الناس

لقد أكد الله سبحانه وتعالى على أهمية الرحمة بين الناس، حيث جعلها صفة من صفاته العظيمة. وقد شدد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ضرورة التراحم، حيث قال: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء”.

  • إن الله ينزل رحمته على العبد الذي يتحلى بالرحمة، فالإنسان الذي يظهر الرحمة في تعاملاته يكون له نصيب من رحمة الله في الدنيا والآخرة.
  • يحقق العبد محبة الله ورضاه عندما يتحلى بصفة الرحمة، مما يجعلها سببًا لنيل رضاه.
  • يرتبط مقام الفرد عند الله بمدى تحليه بصفة الرحمة في أقواله وأفعاله، فعلى قدر هذه الصفة تكون المنزلة لدى الله سبحانه وتعالى.
  • تعزز الرحمة في المجتمع قوته وتماسكه وترقيته، بينما غياب الرحمة يؤدي إلى انحلاله وضعفه.
    • وقد أوضح النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: “ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ومن لم يعرف حق كبيرنا، وليس منا من غشنا، ولا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
  • يحظى الراحمون بمحبة الناس ومودتهم، إذ يؤلف الله بين قلوب الراحمين والناس مما يزيد من مكانتهم.
  • تسهم الرحمة الواسعة في تقليل الفقر ونشر الرخاء، حيث يقوم الراحمون بمساعدة المحتاجين، مما يساعد في تخفيف حدة الفقر.
    • بذلك يُساهم الراحمون دائمًا في دعم الفقراء والمساكين.
  • يساهم انتشار الرحمة بين المسلمين في تقديم صورة إيجابية عن الدين الإسلامي.
    • إذ يُظهر أن الإسلام هو دين الرحمة والرأفة، ويسعى لنشر الصفات الحميدة.
  • إن التحلي بصفة الرحمة يُعتَبَر من الصفات النبيلة، فهي من سمات الأنبياء، كما ورد في القرآن الكريم: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
  • تتجلى الرحمة في سلوك الإنسان في حرصه على التحلي بالصفات الحميدة الأخرى مثل الأمانة والصدق والحياء.
  • يحرص الشخص الرحيم على صلة الرحم وبر الوالدين، مما يعكس قلبه الرحيم في خدمة عائلته.
  • تُعزز الرحمة في نفوس الناس الحفاظ على ما شرعه الله في الأرض.
    • فلا يتسبب الإنسان الرحيم في الإضرار بأي مخلوق خلقه الله، سواء أكان حيوانًا أم نباتًا، مما يضمن التوازن والاستقرار في المجتمع.

أهمية الرحمة في الإسلام

تظهر أهمية الرحمة في الإسلام من خلال آيات عديدة، منها:

  • باسم الله الرحمن الرحيم “ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم” صدق الله العظيم.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الله أرحم بعباده من المرأة بولدها”، وهذا يعكس مدى رحمة الله بعباده في الدنيا والآخرة.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي، فهو مكتوب عنده فوق العرش”.
  • تظهر رحمة الله عز وجل باستجابة توبة العبد، مهما كانت ذنوبه، كما ورد في قوله: “فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم”.
  • يؤكد الله على أهمية عدم اليأس، حيث قال: “قُل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله”.

كيف علمنا النبي التحلي بالرحمة؟

  • درب النبي محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه على الرحمة وكيف يكون الإنسان رحيمًا بخلقه، ليصبح من أقوى الرجال وأشدهم صرامة في التعامل مع الآخرين.
    • وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان مثلاً يُحتذى به في الشدة، إلا أن رحمة الإسلام غيّرت مفهومه.
  • تجلت رحمة النبي في تعامله مع الصغار والكبار؛ فعندما كان يُواسي أحد الأطفال بعد فقد عصفوره، كان ذلك برهانًا على كيف يجب أن نكون رحماء ونشارك الآخرين مشاعرهم.
  • أظهر النبي حنانه واهتمامه بأطفال المسلمين من خلال سؤاله عن طعامهم وشرابهم، مما يعكس رحمته العظيمة.
  • كما علمنا أن نكون رحماء حتى مع غير المسلمين، حيث رفض النبي دعوة أحد الصحابة للدعاء ضدهم قائلًا: “إني لم أُبعث لعّانًا، وإنما بُعثت رحمًة”.

مفهوم الرحمة في الإسلام

  • تعني الرحمة في اللغة التعاطف والشفقة تجاه الآخرين، وتعكس الشعور بالألفة.
  • في الإسلام، تُعبّر الرحمة عن الصفة الإلهية لله تعالى، وتشمل الرحمة مفهومًا شاملاً يتضمن الرحمة الإلهية ورحمة الأفراد تجاه بعضهم البعض وللمخلوقات الأخرى.
  • تتجلى رحمة الله في القرآن الكريم من خلال التأكيد المتكرر على كونه الرحمن الرحيم، حيث تظهر رحمته في خلقه وتوجيهه وتشريعاته.

صور الرحمة بين الناس

  • تشمل صور الرحمة بين الأفراد الترابط بين الزوجين، كما جاء في قول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
  • تمثل الرحمة أيضًا في البيوع والتجارة، حيث يُحث التجار على تجنب احتكار السلع وبيعها بأسعار exorbitante في مواسم الأزمات.
  • تتجلى الرحمة في التمسك بالحق والتجنب عن الذنوب.
  • تساهم الرحمة في ترابط المجتمعات، كما يُدَلَل على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top