آثار التعصّب القبلي
تُعتبر القبيلة هيكلًا اجتماعيًا يضم مجموعات عدة، مثل القرى والعشائر، ويختلف مفهومها عن القبلية التي تُشكل رابطة قائمة على التحالف. إن التعصّب القبلي هو سلوك عصبي قديم تعرّف عليه العرب منذ زمن الجاهلية، ويُعتبر أحد أبرز مظاهر التعصّب. تتضمن آثار التعصّب القبلي ما يلي:
نصرة الأقارب بغض النظر عن العدالة
يدفع التعصّب القبلي الأفراد إلى نصرة أقاربهم، سواء كانوا ظالمين أو مظلومين. إنه يشجع على الدفاع عنهم والوقوف بجانبهم بدون النظر إلى مبدأ العدالة.
الصراعات القبلية
عندما تستدعي إحدى القبائل النعرة، أي تستغيث بقبيلة أخرى للانضمام إليها في قتال ضد قبيلة منافسة، يلبّي الناس هذا النداء دون التفكير في موضع قبيلتهم، سواء كانوا على حق أم باطل. كما قال قريط بن أنيف:
قَوْمٌ إِذا الشَّرُّ أَبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ
طاروا إليهِ زُرَافَاتٍ ووُحْدَانًا
لا يَسْألونَ أخاهم حينَ يَنْدُبُهُمْ
في النَّائِبَاتِ على ما قالَ بُرْهَانَا!
سلوك الثأر
كان الأخذ بالثأر عادة شائعة في العصر الجاهلي، حيث كانوا يقتلون شخصًا آخر من القبيلة، بدعوى الثأر، بالرغم من كونه بريئًا. كانت القبائل تأخذ الثأر بأنفسهم، دون الاعتماد على سُلطات الحكم، وكان يُعتقد أن العزة العربية تتجلى في التعصّب والحفاظ على الكرامة، مما يدفعهم إلى استهتارهم بالموت من أجل الثأر.
التمييز الطبقي
يعتبر التمييز الاجتماعي أحد الآثار السلبية للتعصّب القبلي، حيث يُنظر إلى الناس وفق درجاتهم الاجتماعية. كان هذا التمييز سائدًا في الجاهلية، حيث كان سادة القوم يتعالى على الفقراء والطبقات الأدنى.
الفخر بالنسب والطعن في الأنساب
كان الفخر بالنسب من الصفات البارزة لدى أهل الجاهلية، حيث كانت المفاخرة بإرث الآباء والأجداد شائعة. وكان من أبرز مظاهر الارتباط بالقبيلة هو الحرص على اختيار شريكة الحياة من ذوات الأنساب الرفيعة. نقل عن بدر بن معشر من بني مدركة أنه افتخر بنسبه في سوق عكاظ قائلاً:
نحن ينو مدركه بن خندف
من يطعنوا في عينه لا يطرف
ومن يكونوا قومه يغطرف
كأنهم لجة بحر مسدف
التقليل من قيمة القبائل التي ترفض الشر
كان يُنتقص من مرتبة القبائل التي ترفض الظلم والشر. ومثال على ذلك قول قريط بن أنيف:
لكنَّ قومِي وإِنْ كانوا ذَوِي حسب
ليسوا مِن الشَّرِّ في شيءٍ وإِنْ هَانَا
يَجْزُونَ مِن ظُلْمِ أَهْلِ الظَّلْمِ مَغْفِرَةً
ومِن إِساءَةِ أَهْلِ السَّوءِ إِحْسَانَا