هل تسبب الدهون أضرارًا صحية؟
قبل الحديث عن أضرار الدهون بالتفصيل، من المهم توضيح أن هناك أربعة أنواع من الدهون التي يتناولها الإنسان، ولكل نوع منها تركيب كيميائي وخصائص فيزيائية مميزة، وهي:
الدهون الضارة
تتضمن الدهون الضارة كلا من الدهون المشبعة (Saturated Fats) والدهون المتحولة (Trans Fats). يُعتبر تناول الدهون المشبعة عاملًا مساهمًا في تراكم الكوليسترول داخل الشرايين، مما قد يؤثر بشكل سلبي على صحة القلب ويزيد من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية. بينما تُعتبر الدهون المتحولة من أخطر أنواع الدهون التي يمكن أن يتناولها الإنسان، حيث تساهم في رفع مستويات الكوليسترول الضار وتقليل مستويات الكوليسترول النافع في الجسم.
الدهون النافعة
تشمل الدهون النافعة الدهون غير المشبعة (Unsaturated Fats)، والتي تُقسم إلى الدهون الأحادية غير المشبعة (Monounsaturated Fats) والدهون المتعددة غير المشبعة (Polyunsaturated Fats). يجب تناول هذه الدهون بشكل معتدل لضمان عدم الإضرار بالصحة، مع مراعاة التوازن بين السعرات الحرارية التي يتم تناولها وتلك التي يتم حرقها.
دراسات علمية حول أضرار الدهون
تم إجراء العديد من الأبحاث والدراسات حول تأثير الدهون على الصحة، وفيما يلي بعض النتائج البارزة:
زيادة عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب (الدهون المشبعة)
تؤدي زيادة استهلاك الدهون المشبعة إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، مما يعد مؤشرًا على ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد أظهرت مراجعة منهجية أن تقليل استهلاك الدهون المشبعة واستبدالها بالدهون غير المشبعة المتعددة له تأثير إيجابي، بما في ذلك خفض مستويات الكوليسترول الضار، وفقًا لما ورد من منظمة الصحة العالمية (WHO) في عام 2016.
خطر زيادة الوزن (الدهون المشبعة)
تناول الأطعمة الغنية بالدهون، وخاصة تلك التي تحتوي على الدهون المشبعة، مثل البيتزا والحلويات والأطعمة المقلية، قد يؤدي إلى زيادة حادة في السعرات الحرارية اليومية، مما يسهم في زيادة الوزن. وأفادت دراسة منشورة في مجلة (European Journal of Nutrition) عام 2014 بأن الدهون المشبعة قد تساهم بشكل أكبر في السمنة مقارنةً بأنواع الدهون غير المشبعة.
زيادة خطر الإصابة بالسكري (الدهون المتحولة)
يمكن أن يؤدي استهلاك كميات كبيرة من الدهون المتحولة إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري، حيث تؤثر سلبًا على حساسية الإنسولين. إلا أن الأبحاث في هذا السياق لا تزال محدودة، مما يستدعي مزيد من الدراسات لفهم تأثيرها بشكل أفضل.
زيادة خطر الإصابة بالسرطان (الدهون المتحولة)
لوحظ وجود علاقة بين ارتفاع استهلاك الدهون المتحولة وزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، مثل سرطان الفم وسرطان البلعوم والمريء. وقد ورد هذا في مراجعة منهجية نُشرت في مجلة (American Society of Clinical Oncology Journal) عام 2018، مع ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث لفهم هذه العلاقة وآثار الدهون المتحولة بشكل أعمق.
تجنب أضرار الدهون
إليك بعض النصائح للحد من أضرار الدهون:
عدم تجاوز الكميات الموصى بها من الدهون
وفقًا للإرشادات الغذائية المرجعية، يُوصى بأن تُشكل الدهون ما بين 20% إلى 35% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية. هذا يعني أنه في حال تناول 2000 سعرة حرارية يوميًا، ينبغي أن تتراوح كمية الدهون ما بين 44 إلى 77 غرامًا يوميًا. وتحدد الكميات الموصى بها وفقًا لنوع الدهون كالتالي:
- 15 – 20% من الدهون غير المشبعة الأحادية.
- 5 – 10% من الدهون غير المشبعة المتعددة.
- أقل من 10% من الدهون المشبعة.
- 0% من الدهون المتحولة.
- أقل من 300 ملغ من الكوليسترول يوميًا.
تجنب الأطعمة الغنية بالدهون الضارة
تشمل الأطعمة التي تحتوي على الدهون الضارة، سواء المشبعة أو المتحولة، ما يلي:
الأطعمة التي تحتوي على الدهون المشبعة
توجد الدهون المشبعة في مجموعة من المنتجات، حيث يختلف تأثيرها بناءً على مصادرها. وبشكل عام، تعتبر الأطعمة المصنعة التي تحتوي على الدهون المشبعة أكثر ضررًا من منتجات الألبان كاملة الدسم. إليك بعض الأمثلة على هذه الأطعمة:
- المنتجات الحيوانية، مثل الزبدة، والجبنة، والمثلجات، والحليب كامل الدسم.
- اللحوم ذات المحتوى العالي من الدهون.
- بعض الزيوت النباتية كزيت جوز الهند وزيت النخيل.
- أطعمة الوجبات السريعة والمقلية.
- المخبوزات غنية السكر واللحوم المعالجة.
الأطعمة التي تحتوي على الدهون المتحولة
على الرغم من أن الدهون المتحولة الطبيعية الموجودة في المنتجات الحيوانية تعتبر آمنة عند تناولها بكميات معتدلة، إلا أن استهلاك الدهون المتحولة المصنعة يرتبط بالمخاطر الصحية. ومن الأمثلة على الدهون المتحولة المصنعة:
- الأطعمة المقلية في زيوت غزيرة، مثل البطاطس المقلية والكعك المحلى.
- الأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة للعرض، كرقائق البطاطس والبسكويت.
- الأطعمة المجمدة، خاصة اللحوم والبيتزا.
- الأطعمة الصلبة عند درجة حرارة الغرفة ولكنها تُصنع من الزيوت، مثل السمن النباتي أو المارغرين.
اختيار الدهون الصحية
يُنصح بالاعتماد على الأطعمة الغنية بالدهون الصحية مع تجنب الإفراط في تناولها. من بين الخيارات الصحية:
- السمك: الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل والسردين هي مصادر غنية بأحماض أوميغا 3.
- زيت الزيتون: يُعتبر زيت الزيتون غنيًا بالدهون المفيدة ويمكن استخدامه في الطهي أو كإضافة للسلطة.
- البيض: يُعد البيض من المصادر الغنية بالبروتينات والدهون النافعة، حيث تحتوي البيضة الكبيرة على حوالي 4.7 غرام من الدهون.
- الحبوب: مثل الفاصوليا وفول الصويا، حيث تحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية.
- الأفوكادو: غني بالدهون الصحية، وبالتحديد الدهون غير المشبعة الأحادية مثل حمض الأوليك.
- الزبادي كامل الدسم: يحتوي على العناصر الغذائية الهامة والبكتيريا النافعة المفيدة للصحة.
- الأجبان: تحتوي الجبنة على العديد من العناصر الغذائية المهمة وتعتبر مصدرًا جيدًا للفيتامينات والمعادن.
- المكسرات: تحتوي على الدهون الصحية، فيتامين هـ، والمغنيسيوم، وتعتبر من أفضل المصادر للنباتات الغنية بالبروتينات.
- بذور الكتان: تزوّد الجسم بأحماض أوميغا 3 والألياف الغذائية، حيث تشير الدراسات إلى أن ملعقتين كبيرتين من بذور الكتان توفران 9 غرامات من الدهون غير المشبعة.
- بذور الشيا: تُعد غنية بالعديد من العناصر الغذائية وأحماض أوميغا 3.
- التوفو: مصدر غني بالبروتين النباتي والدهون الصحية غير المشبعة.
هل توجد فوائد للدهون؟
لا شك أن الدهون تلعب دورًا هامًا في نظام غذائي صحي، ولكن يجب اختيار أنواع الدهون الصحية كما ذُكر. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي مراعاة توازن كمية السعرات الحرارية المتناولة. من بين الفوائد العامة للدهون:
- تساعد الدهون في امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبان فيها.
- تزود الدهون المخزنة الطاقة اللازمة للجسم خلال فترات الجوع، وتحمي الأعضاء الحيوية من الإصابات.
- تعد ضرورية للحفاظ على صحة الجلد وتعزيز الإبصار وتطور الدماغ عند الأطفال.
- تزود الجسم بالأحماض الدهنية الأساسية التي يحتاجها ولا يستطيع إنتاجها، مثل حمض اللينوليك وحمض ألفا لينوليك.
ملخص المقال
إنّ النظام الغذائي الذي يعتمد بشكل كبير على الدهون المتحولة أو المشبعة يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة، حيث يزيد من مخاطر السمنة ومشاكل القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى مخاطر الإصابة بالسكري وبعض أنواع السرطان. لذا يُوصى باختيار أنواع الدهون الصحية (مثل الدهون غير المشبعة الأحادية والمتعددة) مع مراعاة توازن السعرات الحرارية المستهلكة خلال اليوم.