أروع أشعار النصر
- يقول الشاعر ابن دينير:
نصرٌ من الله جاءنا به الخبر
فلتهنأ العزة العالية والنصر
فتحٌ قريبٌ وملكٌ قد خصصت به
جرى به القدر قبل أن يتكون البشر
هذا الرجاء الذي كنا نتمنى
قادَ إلى تحقيقه التيسير اليسير
قد صمت لله شكرًا حين سمعته
وأشرقت نفسي بما حملته البشر
ملكٌ رسا وعلا جانباه
أصبحت الأيام بفخر حيا
أحرزته وسيوف الهند تحوم حوله
حمايةً له واللّوح يشتبك
فلن تخلو الأيام من ندى أو دفق
كرم يفور لديه أو دمٌ مدرار
عزّ يوم الكرب إذ شفيت
منك الجماجم في اسطول الهند والقصر
فتحت فتحًا عظيمًا قد رَامَ الملك
فلم يُوفق أحدٌ في طلبه زمنًا
راح هذا الفتح بين الناس مثالا
وسيرت لك الخطى نحو تحقيقه
نهضت للدين بِفأسٍ حادة
والله مُعين والجنان وقدر
أبرزت في عتمة الزمن نور هداية
فقصرت عن مداك الشمس والقمر
جئت إلى دمياط حين عجزت رياضتها
كل الناس من الجانبين والقبائل
فكنت حين زرتها مفتاح مقفلها
الحق منتصر والشرك في انطفاء
صدمته بجيشٍ لولا الصدمة انفجر
بعدما كان في آماله الأمد طويل
يوم الكفاح وفي أعمارهم قصّر
أوردوا أنفسهم حوض الردى فصارت
رفت هذي الورد بارتواء ما له صدر
أنزلت من الأفئدة فيهم رياض حزن
زرق الأسفّة تحيطها الزهور
ما أتيت بالنصيب طوال الدهر من خذلان
غادرته ولم يُترك فيه ثمرٌ
فلما جاءتهم قالوا بصوتٍ واحد
هذا القضاء فلا يشفق ولا يحرق
- يقول الشاعر ابن خفاجة:
وأبيض عَضبٍ حالف النصر صاحبا
يكاد ولم يُستَلّ يمضي فيفتك
يُبشره بالنصر إرهف نَصله
فيهتز في كف الكميّ ويضحك
قصيدة النصر حزب والمقادير أعوان
- يقول الشاعر أبو العباس الجراوي:
لك النصر حزب والمقادير أعوان
فحسب أعدائك انقياد وإذعان
وما تعصم الأعداء منك حصونها
ولا الأسد خفان ولا العصم ترسى
أنابت إلى أمر الإله مَيْرقَةٌ
فليس عليها للشقاوة سلطان
هنيئًا لك الإعلان بالحق بعدما
تمادى لها الزور والإفك بيان
غرائب سُنتها السعادة لم تكن
لتوهم البشر أنها تجري على الفكر
فبعدًا وسحقًا لابن إسحاق، إنه
مطيعٌ لأحلام الكرى وهو يقظ
سواءٌ لديه من غباوة طبعهم
هلاكٌ ومنجاةٌ وربحٌ وخسران
فمن حيث أراد العز جاءته ذلة
ومن حيث أراد الحظ لاقاه حرمان
يرى الأرض ذات الطول والعرض حلقةً
وكان له فيها مكان وإمكان
ويهوى لقاء الموت لما أضافه
إلى عقبات تشوّشته الألوان
به لا بظبي بالصريمة أعفر
فقد طاح منه مارس الإنس شيطان
تجاهل عبر وعظ الزمان بقلبه
ومن دونه عند الألباء سحبان
وكان له فيمن تقدم زاجر
ولكن ذوو الأهواء صُمّ وعميان
وهل هو إلا من أناس تهافتوا
كفراشي على أسيافكم وهي نيران
عصوا دعوة المهدي وهي سفينة
فأغرقهم طغيانهم وهو طوفان
رغا فوقهم سقب السماء فأصبحوا
كأنهم في عالم الأرض ما كانوا
وما الجن ممن يرعوي عن تمرد
على حالتها الكبرى إلا بُعذِمَان
ولما حاقت بهم سحابة فرعون
أتيحت عصا موسى له وهي ثعبان
لقد ألبس الله الخلافة بهجةً
بملكٍ به يُزهى الوجود ويزدان
بأضاء أما شيم نور جبينه
إنما وأما حبه فهو إيمان
تعمُّ أياديهِ ولكن عمارته
تُخصص به دون البرية عدنان
أهم أشعار النصر
- يقول الشاعر ابن قلاقس:
طليعة جيشك النصر المبين
ورائد عزمك الفتح اليقين
وحيث حللت فالرايات تهفو
عليك وتحتها الرأي الراسخ
وما ينفك ذو عِرض مُباح
يبيت وراءه عرض محفوظ
لك الأعطاء والأعطاب تُجرى
بأمرهما الأماني والموت
ومنك اليسر يطلقه يسار
ومنك اليمين يوقفه يَمين
أقرت حين صَلَتْ لك الأعادي
وقرت إذا وصلت بك العيون
فإن يُعقد على بغيٍ نظير
فأنت بحل عقدته ضمين
يجرّد لا يحجب لها عذر
وملد لا يُبلّ بها طين
وبيض في سواد النقب تهوي
وليس هُما الوجوم ولا الدُجون
عَرين بكف كل هزبر حرب
من الأسل طوال له عرين
إذا غنت على الهامات قلنا
أعَلّمَها القيانُ أم القيُة
بحيث الخير في أعراف خيل
كمثل الدوح والسمر الأغصان
أكبّت فالحُزونُ لها سهول
وشبّت فالسهول لها حُزون
هي الأوعال في الأوعار تسير
وأرماح القروم لها قرون
صقور إن هيَت والقاف فاء
إذا ما وُقّفت والراء نون
تقدمها شجاع من شجاع
هو البطل الكمي بل الكمين
وقام لها أبو الفتح المعلى
بأمر الفتح وهو متمكن
وفي الحرب الزبون مُتاجرات
له خسران وأما الزبون
وتابعُه وبائعُه أناس
يمين وفيهم أبداً يمين
وما بسَطوا له إلا شمالاً
فكيف يصح بينهم يمين
- يقول الشاعر عمارة اليمني:
النصر من قرناء عزمك فاعزم
والدهر من إسراء حكمك فاحكم
والحزم قبل العزم فاحزم واعزم
وإذا استبان لك الصواب فصمم
واستعمل الرفق الذي هو مكسب
ذكر القلوب جد وأجمل واحلم
واحرس وسس وأشجع ولز وأنعم
واصل وأعدل وادع واحفظ وارحم
وإذا وعدت فعد بما تقوى على
إنجازه وإذا اصطنعت فتمم
قصيدة الآن سحّ غمام النصر فانهمل
- يقول الشاعر ابن خفاجة:
الآن سحّ غمام النصر فانهمل
وقام صغو عمود الدين فاعتدل
ولاح للسعد نجم قد خوى فهوي
وكرّ للنصر عصر قد مضى فخلا
وبات يطلُع نقع الجيش معتكرًا
بحيث يطلُع وجه الفتح مُقتبلا
من عسكر رجف الأرض بالعدو
حتى كأن بها من وطئه واهلا
ما بين ريح طِرادٍ سُمّيَت فرسًا
جورًا وليث شراعٍ يدعونه بطلًا
من أدهَمٍ أخضر الجلباب تحسبه
قد استعار رداء الليل واشتمل
وأشهب ناصع القرطاس مؤتلق
كأنما خاض ماء الصبح فاغتسل
ترى به ماء نصل السيف مُنسكبًا
يَجري وجاحم نار البأس مُشتعلًا
فغادر الطعن أجنحة الجراح به
رمضى وصيّر أطراف القنا فُتلا
وأشرق الدم في خد الثرى خجلًا
وأظلم النقع في جفن الوغى كحلا
وأقشع الكفر قسراً عن بلنسية
فانجاب عنها حجابٌ كان مُنسدلا
وطهّر السيف منها بلدةً جنُباً
لم يجزيها غير ماء السيف مُغتسلًا
كأنني بعُلوُج الروم سادِرةً
وقد تضعضع ركن الكفر فاستفلا
تظل تدرأ بالإسلام عن دمها
وهبَّة السيف منها تسبق العذلا
في موقف يذهل الخل الصَفيُ به
عن الخليل وينسى العاشق الغزلا
ترى بني الأصفَر البيض الوجوه به
قد راعهم السيف فَاصفَرَّت به وجلا
فكم هناك من ضرغامةٍ سفرَت
سُمر العوالي إلى أحشائها رسلًا
يرى على جمرات المِرّيخ مُلتَهبةً
تحت القتام ويعلو همّةً زُحلا