قصيدة مديحك خير مدح المادحينا
- يقول الشاعر إبراهيم الأسود:
مديحك يعدّ أفضل ما يمكن مدحه،
وشكرك واجب علينا في كل الأديان،
فكأننا والقوافي مزدهرة،
نفوق بها نظام الأسلاف والله قدرا.
كما صَغنا في مديحك من النجوم،
كالعقد الثمين الذي يتلألأ في الظلام.
لكن رغم تفوقنا على الأوائل،
إلا أن وصفك يفوق كل وصف ممدوح.
فلا نستطيع الوصول إلى مدائك العالي،
فقد قصّرنا عن ذلك بجهلنا.
قد ملأت جوانب الدنيا هيبة،
وكم علمتنا الحقائق الناصعة.
فبفضل نور علمك اهتدينا،
وبفضل سخاءك استنبتنا،
نزلت في قلوبنا كروح حيا،
وحل الرفق يوم حلت فينا.
كنت معيناً لنا عبر الزمان،
وكان بيدك العطاء المعين.
أينما وجهت نظرتك،
تجاهك كانت الأبصار شاخصة،
ولا يرغبون إلا في رضاك.
أبناء لبنان اهتزوا شوقاً،
فدوروا حولك مسلمينا.
كما خافت بنو بيروت تسعى،
نحو رضاك مدّوا أيديهم البيضاء.
فكن لهم يا بطريرك بدر،
ولن تغادر حصنك المنيع.
قصيدة لكم مني الود الذي لا يزول
- يقول الشاعر بهاء الدين زهير:
لكم مني الود الذي لا يتغير،
وفيكم يقيم الشوق المدمي.
كم لي من رسائل وكتب إليكم،
لكنها قد أخفت لوعتي في قلوبهن.
وفي نفسي مشاعر لا أستطيع إفصاحها،
ولستُ سمحاً بها للكتّاب والرسائل.
هل زعمتم أنني قد أخلفت عهودكم؟
فقد كذب الذي أساء الظن.
وإلا فلست أدري، لعلي كنت نائماً،
أو كنت سكراناً أو أمزح.
ولدت وفياً، لا أرى الغدر في الحب،
وذلك خلق لا أتراجع عنه.
اسألوا الناس عن وفائي بعهدكم،
فإني أرى الشكر لنفسي يسيء.
ألى أحبابنا حتى متى وإلى متى،
أعرض بالشكاوى لكم وأخبركم.
عذابي وصبري منذ هجركم كلاهما،
على حال غريب ودمعي يسرد الأسف.
رعى الله طيفاً منكم أضحى مؤنسي،
فما أثر عليه أن يبقى ليصبح.
لكن جاء ليلاً وذهب بسحره،
درا أن نور الصبح يفضح الأسرار.
ولدي رشأ لا تعيب فيه مشائمي،
إلا أنه من خده تنفث جمر.
فتنت به حلوى مليحة فتحدثوا،
بأعجب شيءٍ كيف يزدهر ويفرح.
تبرأ من قتلي وعيني ترى دمي،
على خده من سيف جفنيه يراق.
وحسبي أن ذلك الخد لي منه شاهد،
ولكني أراه باللوح يجرح.
ويبتسم عن ثغر يُقال إنه،
حبابٌ برائحة المسك العطر.
وقد شهد المسواك عندي بطيبته،
ولم أجد عدلاً وهو في سكراته.
ومعاذلي فيك جوابك قريب،
لكن صمتي عن جوابك أفضل.
إذا لم أجد لي في حديثي راحة،
فإن بقائي صامتاً ليراحة.
وعن قده فهو أهيف،
رشيق وأما وجهه فهو مشرق.
كأن الذي فيه من الحسن والضياء،
قد تداخلت فيه زهو فأصبح يُفرح.
كأن نسيم الروض قد هز قوامه،
ليخجل غصن البانة المتمايل.
كأن المدام الصرف انحنت بعطفه،
كما مال في الأرجوحة المجنحة.
كأني أنشدته مديح يوسف،
فاكتفى حتى أذعن وتميع.
وإن مديح الناصر بن محمد،
لصير جميع القلوب ميالة إليه.
مدحاً يُعلي من قدر المادحين،
ومديحاً بمادحٍ ثم ينمو ويرتفع.
وليس بحاجة إلى مدح مادح،
فمكارمه تُمجد وتُعلي.
وكل فصيح أكن في مديحه،
لأن لسان الجود بالمدح أبلغ.
وقد قاس بعضهم جود يمناه بالبذل،
فقد أخطأوا، يمناه أكرم وأجود.
وخيرات سمعت الناس يطلبونها،
فأين يراها غيلان وصيدح؟
لئن كان يفضل اختيار بلاله،
فإن بلالاً عينه تتلألأ شرر.
دعوا ذكر كعب في السخاء وحاتم،
فليس يُعد اليوم مسألة السخاء.
وليس صعلوك العربي كيوسف،
تعالوا نباهى الحق والحق أظهر.
فما يوسف يقيم بضعفاءٍ ناعمين،
ولا شيء مقصود ولا الخراف تُذاب.
لكن سلطاني أقل عبيده،
يستحق مجد كسرى الملوك ويعلو.
وبعض هباته تعتد بالمدائن والقرى،
فمن ذا الذي في ذلك البحر يسبح؟
فلو سئل الدنيا لرآها حقيرة،
وجاد بها سراً ولا يتفاخر.
وإن خليجاً من يديه للناس،
يرى كل بحر عنده يتجدد.
فقولوا لملوك الأرض ما لا تصلون،
لقد أثرى المتجولون الذي يتجول.
كثير حياء الوجه يقطر ماؤه،
على أنه من بأسه النار تتوهج.
كذلك الليث قد قالوا هو شجاع،
للأجرأ بين الناس وأخصر.
مناقب قد شهدتها الدهور بحال،
فهنا عطفه منها موشياً موشّح.
من الرجال الأغرار الذين وجوههم،
مصابيح في الظلام بل هي أضواء.
فهلائل ملائك كأن كفوفهم،
بحار بها الأرزاق للخلق تسبح.
فكم أشرقت منهم أشعة طوالع،
وكم هطلت منهم سحب دلج.
قصيدة مدح النبي أمان الخائف الوجل
- يقول البوصيري:
مدح النبي أمان للخائفين الوجل،
فامتدحه مُرتجلاً أو غير مُرتجل.
ولا تشبب بأوطان ولا آثار،
ولا تعرج على رُبُع ولا طلل.
واصف جمال حبيب الله منفرداً،
بوصفه فهو خير وصف وغاية الغزل.
ريحانتاي على زهر الربى،
ريحانتاي من الزهراء فاطمة.
خير النساء ومن صنوه الإمام علي.
إذا مدحت نسبي من سلالته،
فهو النسيب لمدحي سيد الرسل.
محمدٌ أفضل الرسل الذي شهدت،
بفضلِه أنبياء العصور الأول.
لم يعد الحسن في خلق وفي خلق،
ولم يزل حبه لكل خليل.
ووقف على سنن الممدوح من سنن،
فإن فيها شفاء الخبل والخبل.
ونزه الفكر في روضات فكرته،
واجعل البلاغة من أغصانها الذلت.