أحبك! هذا توقيعي
- يقول الشاعر الكبير نزار قباني:
هل لديك أي شك أنك أجمل امرأة في هذا العالم؟
وأنتِ أهم امرأة في التاريخ!
هل تشكين في أني عندما وجدتك،
قد حصلت على مفاتيح العالم؟
هل لديك أي doubt أنني حين لمست يديك،
تغير كون الأرض بأكمله؟
هل لديك أي doubt أن دخولك قلبي،
يعد أعظم يوم تاريخي؟
وأجمل خبر في حياتي!
هل لديك أي doubt في هويتك،
يا من تُسيطرين بعينيك على كل دقيقة؟
يا امرأة تكسر جدار الصوت عندما تمر!
لا أفهم ما يحدث لي،
فكأنك أول امرأة أحببتها،
وكأني لم أعثر على الحب قبلك،
وكم كنت عازفاً قبل أن ألتقي بك.
لقد كنت ميلادي، وقبل أن أتعرف عليك،
لا أتذكر أنني كنت.
وأنت غطائي، وقبل حنانك،
لم أكن أعلم ماذا يعني العيش.
وكأنني، يا ملكتي،
خرجت من أعماقك كالعصفور.
هل لديك أي doubt أنك جزء مني،
وأنني سرقت النار من عينيك،
وأطلقت أخطر ثوراتي؟
أيتها الوردة، والياقوتة، والريحانة،
والسيّدة الشرعية بين جميع الملكات،
يا سمكة تسبح في مياه حياتي،
يا قمراً يظهر كل مساء من نافذة الكلمات،
يا أعظم إنجاز بين جميع إنجازاتي!
يا آخر وطن أعيش فيه،
وأدفن فيه،
وأكتب فيه أفكاري.
يا امرأة الدهشة، يا زوجتي،
لا أفهم كيف ألقتني أمواج حياتي على قدميك،
ولا كيف مشيت نحوك،
وكيف اخترقت أعماق روحك.
يا من يتزاحم جميع طيور البحر
لتستوطن بين ذراعيك،
كم كان حظّي عظيماً عندما وجدتك!
يا امرأة تُدخَل في عناصر الشعر،
دافئة كرمش البحر،
رائعة كليلة القدر،
منذ اللحظة التي طرقت فيها بابي بدأت حياتي،
كم أصبح شعري جميلاً،
عندما أنسج بين يديك!
كم ازدهرت وغنيت عندما أهداني الله لك!
هل لديك أي doubt أنك شعاع من عيني،
ويداك هما استمرارية ضوئية ليدي؟
هل لديك أي doubt أن كلامك يأتي من شفاهي،
وأنني فيك، وأنت فيّ،
يا ناراً تحرق كياني،
يا ثمراً يملاً أغصاني،
يا جسداً يقطع مثل السيف،
ويضرب مثل البركان.
يا نهداً يعبق مثل حقول التبغ،
ويركض نحوي كحصان.
قولي لي،
كيف سأنقذ نفسي من أمواج الطوفان؟
قولي لي،
ماذا أفعل، فأنا مدمن عليك،
قولي لي ما الحل، فإن شوقي
وصل إلى حدود الهذيان!
يا ذات الأنف الإغريقي،
وذات الشعر الإسباني،
يا امرأة لا تتكرر عبر العصور،
يا امرأة ترقص حافية القدمين على ومضات شرياني،
من أين أتيت وكيف وصلت،
وكيف اقتحمت وجداني؟
يا إحدى نعم الله علي،
وغيمة حب وحنان،
يا أغلى لؤلؤة في يدي،
آه، كم أعطاني ربي!
تأملات في وجه حبيبتي
- من قصائد محمود درويش في الغزل:
وحين أحدق فيك،
أرى مدنًا ضائعة،
أرى زمنًا قرمزيًّا،
أرى سبب الموت والكبرياء،
أرى لغة لم تُسجل،
وآلهة تتنحى،
أمام مفاجأة رائعة،
وتنتشرين أمامي
صفوفًا من الكائنات التي لا تُسمى،
وما وطني سوى هذه العيون التي
تجهل الأرض جسدًا،
وأسهر فيك على خنجر،
واقف في جبين الطفولة؛
هو الموت في بداية الليلة الحلوة القادمة،
وأنتِ جميلة،
كعصفورة نادمة.
وحين أحدق فيك،
أرى كربلاء،
وأوتوبيا،
والطفولة،
وأقرأ لائحة الأنبياء،
وسفر الرضا والرذيلة،
أرى الأرض تلعب،
فوق رمال السماء،
أرى سببًا لاختطاف المساء
من البحر،
والشرفات البخيلة.
النصيف
- يقول النابغة الذبياني:
سقط النصيف، ولم تُرِد إسقاطه،
فتناولتهُ واتقيتنا باليد،
بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ
عمى على أغصانه لم يُعقد،
نظرت إليك بحاجةٍ لم تُقضِها،
نظر السقيم إلى وجوه العود،
قامت تراءى بين سجفي كلة،
كالشمس يوم طلوعها بالأسعد،
أو دُرَّةٍ صَدَفِيّة، غوّاصها
بهجٌ متى يرها يهلّ ويسجد،
أو دُميَةٍ مِن مَرْمَرٍ، مرفوعة
من لؤلؤٍ متتابعٍ، متسرد،
لو أنها عرضت لأشمط راهب
عبد الإله صرورةٍ متعبد،
لرنا لبهجتها وحسن حديثها،
ولخالهُ رشداً وإن لم يرشد.
أحبك أكثر
- يتغزل محمود درويش في قصيدته بالأرض والوطن:
تكبر، تكبر،
فمهما يكن من جفاك،
ستبقى في عيني ولحمي ملاك،
وتبقى كما شاء لي حبنا أن أراك،
نسيمك عنبر،
وأرضك سكر،
وإني أحبك .. أكثر!
يداك خمائل،
ولكنني لا أغني
ككل البلابل،
فإن السلاسل
تعلمني أن أقاتل،
أقاتل .. أقاتل،
لأني أحبك أكثر.
غنائي خناجر ورد،
وصمتي طفولة رعد،
وزنبقة من دماء
فؤادي،
وأنت الثرى والسماء،
وقلبك أخضر،
وجزر الهوى فيك مد،
فكيف إذن لا أحبك أكثر،
وأنت كما شاء لي حبنا أن أراك.
نسيمك عنبر،
وأرضك سكر،
وقلبك أخضر،
وغني طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو وأكبر.
أشواقك من عبل الخيال المبهج
- يقول عنترة بن شداد:
أشاقكَ من عبل الخيال المبهج،
فقلبكَ فيه لاعج يتوهج،
فقدت التي بانَت فبتَّ معذبًا،
وتلك احتواها عنكَ للبين هودج.
كأن فؤادي يوم قمت مودعًا،
عبيلة مني هارب يتعوج.
خليلاي ما أنساكُمَا بل فداكُمَا،
أبي وأبوها أين، أين المعراج؟
ألمَّا بماء الدحر المطر،
ديار التي في حبها بتُّ ألهج.
ديار لذَت الخدر، عبلة أصبحت،
بها الأربع الهوج العواصف ترهج.
ألا هل ترى إن شطَّ عني مزارها،
وأزعجها عن أهلها الآن مزعج؟
فهل تبلغني دارها شدنية،
هملعة بين القفار تهملج؟
تريك إذا ولت سناماً وكاهلاً،
وإن أقبلت صدراً لها يتررج.
عبيلة هذا دُرُّ نظمٍ نظمته،
وأنتِ لهُ سلكٌ وحسنٌ ومنهج.
وقد سِرْتُ، يا بنت الكرام، مُبادئًا،
وتحتي مهريٌ من الإبل أهوج.
بارضٍ ترَدَّى الماء في هضباتها،
فأصبح فيها نبتها يتوهج.
وأورق فيها الآس والضال والغضا،
ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسج.
لئن أضحت الأطلال منها خوالياً،
كأن لم يكن فيها من العيش مبهج.
فيا طالما مازحت فيها عبيلة،
ومازحني فيها الغزال المغنج.
أغنّ مليح الدل، أحور أَكحلٌ،
أزجٌ نقيٌ الخدّ، أبلجٌ أدعج.
له حاجبٌ كالنون فوق جفونِهِ،
وثغرٌ كزهر الأقحوان مُفلَّج.
وردفٌ له ثقل وبدنٍ مُهفّه،
وخدّ به ورد وساقٌ خدلج.
وبطنٌ كطي السابرية لين،
أقض لطيفٌ ضامر الكشح أنعج.
لهوتُ بها والليل أرخى سدولهُ،
إلى أن بدا ضوء الصباح المبلج.
أراعي نجوم الليل وهي كأنها،
قوارير فيها زئبق يترجرج.
وتحتي منها ساعدٌ فيه دملجٌ،
مضيءٌ وفوقي آخر فيه دملج.
وإخوان صدق صادقين صحبتهم،
على غارةٍ من مثلها الخيل تسرج.
تطوف عليهم خندريس مدامة،
ترى حبًا من فوقها حين تمزج.
ألا إنَّها نِعْمَ الدواء لشاربٍ،
ألا فسقنيها قبل أن أنت تخرج،
فنضحي سكارى والمدام مصفّف،
يدار علينا والطعام المبهج.
وما راعني يوم الطعان دهاقه،
إلى مثلٍ من بالزعفران نضِّرج.
فأقبل منقضًّا عليَّ بحلقهِ،
يقرّب أحيانًا، وحينًا يهملج.
فلما دنا مني قطعت وتينه،
بحد حسام صارم يتفلج.
كأن دماء الفرس حين تحادرت،
خلوق العذارى أو خباء مدبج.
فويل لكسرى إن حللت بأرضهِ،
وويل لجيش الفرس حين أعدج.
وأحمل فيهم حملةً عنترية،
أرد بها الأبطال في القفر تنبج.
وأصدم كبش القوم ثم أذيقه،
مرارَة كأس الموت صبرًا يُمَجَّج.
وآخذ ثأر الندب سيِّد قومهِ،
وأضرِمها في الحرب نارًا تؤجَّج.
وإني لحمالٌ لكل ملمةٍ،
تخرُّ لها شُمُّ الجبال وتُزعج.
وإني لأحمي الجار من كل ذلة،
وأفرح بالضيف المقيم وأبهج.
وأحمي حمى قومي على طول مدتي،
إلى أن يروني في اللفائف أدرج.
فدونكمُ يا آل عَبْسٍ قصيدةً،
يلوحُ لها ضوءٌ من الصبِح أبلج.
ألا إنها خيرُ القصائدِ كلها،
يفصَل منها كل ثوب وينسج.