أسباب معركة اليرموك
تعتبر معركة اليرموك من الأحداث البارزة في التاريخ الإسلامي، وقد كانت هناك عدة عوامل أدت إلى وقوعها، نذكر منها:
- تفشي ضعف الإمبراطورية البيزنطية، إذ سقطت عدة مدن في أيدي المسلمين، من بينها مدينة حمص.
- رغبة إدارة بيزنطية في استعادة السيطرة على الدول العربية والإسلامية، وتحقيق انتصارات على المسلمين لاستعادة هيبتهم.
- خطط هرقل للقضاء على القادة المسلمين، حيث قام بتجميع جيش كبير من البيزنطيين والعرب الذين يعتنقون الديانة النصرانية، مما أعطى طابعاً صليبياً لحشد الجيش.
- انسحاب المسلمين من أمام الجيش البيزنطي بعد توجه الأخير من أنطاكية نحو حمص، مما جعلهم يتبعون المسلمين في محاولة لتطويقهم وقطع اتصالاتهم مع باقي الجيوش الإسلامية.
- وصول المعلومات عن الحشود البيزنطية إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح، الذي قام بعقد اجتماع طارئ مع القادة لقراراتهم المتعلقة بنقل المسلمين من حمص إلى دمشق حيث يتواجد القائد خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، كونهما الأقرب إلى الحدود في جزيرة العرب.
الدعم من جيش خالد بن الوليد في معركة اليرموك
بعد أن كلف خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- القادة بفتح بلاد الشام، بدأت الجيوش بقيادة أبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان تقدمها نحو بلاد الشام. وعند وصولهم إلى جنوب الشام ورؤية تجمعات الروم الكثيفة، أرسلوا رسالة إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- لإبلاغه بحجم القوات الرومية واستعداداتهم.
وقد بلغ عددهم حوالي مئتين وخمسين ألف مقاتل من الروم بقيادة أخ هرقل، الاسمه تذراق، بالإضافة إلى ستين ألف مقاتل عربي بقيادة جبلة بن الأيهم الغساني. وعندما علم أبو بكر بالصعوبات التي يواجهها المسلمون، اختار خالد بن الوليد -رضي الله عنه- تحسباً لهذا الموقف، قائلاً: “والله لأُنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”. ثم أرسل له رسالة يتضمن تعليمات خاصة.
في الرسالة، قال: “أما بعد، فإذا جاءك كتابي، فدع العراق مع أهله الذين قدمت عليهم وامضِ متخففاً مع أقدر أصحابك الذين قدموا العراق معك، حتى تصل إلى الشام، فتلتقي بأبي عبيدة ومن معه من المسلمين، فإذا التقيتم، فأنت أمير الجماعة، والسلام عليك”.
وتلقى خالد بن الوليد التعليمات من أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وانطلق من العراق مع سبعة آلاف مقاتل، قاطعًا أكثر من ألف كيلومتر خلال ثمانية عشر يوماً، متحملًا ظروفًا صعبة من صحراء جافة ودرجات حرارة مرتفعة. وقد سجلت هذه المسيرة في التاريخ كواحدة من أعظم المسيرات العسكرية، وانتهت بوصوله إلى منطقة اليرموك واستلام القيادة من أبي عبيدة بن الجراح.
أهم أحداث معركة اليرموك
كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قائدًا شجاعًا في الجيش الإسلامي، حيث خاض معركةً حاسمة ضد الجيش الرومي، وقد ذكر أن أحد المسلمين قال له: “ما أكثر الروم وأقل المسلمين”، فرد عليه خالد: “ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان”.
أبرز الأحداث خلال معركة اليرموك بدأت بتخطيط قائدنا الحكيم خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، الذي وضع خطة تهدف إلى ثبات المسلمين أمام الهجمات البيزنطية حتى تضعف قوتهم وتختل صفوفهم. كما أن خالد بن الوليد لم يغفل احتمال عدم صمود المسلمين، فهو في كل الأحوال كان يسعى لإضعاف الجيش الرومي ليتسنى له الهجوم بعد ذلك.
استمرت المعارك بين المسلمين والروم مدة خمسة أيام دون توقف، حيث كانت النتيجة في أغلبها لصالح المسلمين، حتى قرر الرجال في اليوم الخامس إنهاء المعركة في يوم يُعرف بيوم الواقوصة، الذي شهد ظروف حرارية شديدة وعواصف رملية أدت إلى عرقلة الروم وسط تحليق الغبار في وجوههم.
هاجمت القوات الإسلامية الروم في ظل هذه الظروف الصعبة، مما أدى إلى إظهار التعب والإرهاق في صفوفهم وتزايد ملامح الفشل على وجوههم.
نتائج معركة اليرموك
تُعتبر معركة اليرموك واحدة من المعارك الفاصلة في تاريخ المسلمين، وأسفرت عن عدة نتائج، ومنها:
- انتصار المسلمين انتصارًا ساحقًا يُكتب في التاريخ الإسلامي حتى يومنا هذا، خاصةً أن الجيش البيزنطي كان من أقوى الجيوش في تلك الفترة.
- فرار الروم من ساحة المعركة، مما أدى إلى تكبدهم خسائر فادحة على الرغم من استعدادهم الجيد.
- تحديد مصير بلاد الشام وما ستؤول إليه مستقبلاً، إذ تمثل معركة اليرموك بداية سلسلة من الانتصارات في هذه المنطقة.
- وقف طموحات هرقل، الإمبراطور البيزنطي، حيث تم القضاء على الجيوش التي كانت قد أعدت لمواجهة المسلمين وقد استنفدت الكثير من موارد الدولة.
- تحطيم أسطورة الجيش البيزنطي، حيث أدت المعركة إلى إضعاف قدراتهم العسكرية وفتحت صفحة جديدة في صراع الجيوش القديمة.