لي صديقٌ في حديثه بركة
- يقول عبد الصمد بن المعذل:
لي صديقٌ في حديثه البركة
يزيد في حالتي السكون والحركة
إن قال: “لا” في القليل من أحرف كلماتها
ليردها بالحروف متداخلة.
إلى صديقٍ عزيز
- عبد الله عبد الوهاب نعمان:
إلى من يتعامل مع المجتمع بمعاملة ذات خلق نبيل
ومع الجاه في الحياة بحسن السيرة
فليس غير الحب يجود بالنفس
أبداً من كل فضيلة ملبساً.
فإن النفس تزكى عاشت العمر
بالحب نهاراً مشمساً.
وهو لا ينزع شوقاً إلى
أي نفس طبعتها قد تلوثت.
أو تواجهه بابتسامة في فمٍ
فيه للعقوبة نابٌ قد غُرس.
ولو أن الكره كان شعاعاً
لجاء الضياء من تلك الجوانب.
مالنا لأن نسكن الصدق
لتسير معنا معانيه، رويداً رويداً.
مالنا خارج منه نحيا
فلا نشقى به أو نتعس.
ليس من يمتلك الدنيا بلا
صلةٍ بالصدق إلا مُفلساً.
تفرغ الأيام من مسلكه
فيه ذعرٌ رافضٌ للأنس.
لو أتى الأمان ليُبعد خوفه
صرخ فيه الغش أن احترس.
وإذا الإنسان آخى وحشةً
نزلت الأحزان من حوله مأسى.
واستضافت روحه في الكراهيات شؤماً وقنوطاً تعيسًا.
يلبس الأيام صفراء كما
تلبس الأوراق عيداناً يبساً.
قلبه فيه طفليٌّ يجيء
حياة الناس أو مختلساً.
فإذا قابل البرارات بها
جدَّ فيه المكرُ أن لا يعبس.
وصافحته سجايه ونعمت الغاية في ملمس.
وهو في أعماقه قنفذٌ
شوكه في روحه قد غُرس.
صديق الطفولة
- يقول طلال الرشيد:
صديق الطفولة، ماذا جرى لك مع الأيام؟
هي أنصفت دنياك، أم أنت مثلي؟
فقدنا ملامحنا مثل بقية البشر،
عبث بنا جور الزمن والزمن يبتلي.
وقفنا جميعاً وبيننا حاجز الأعوام،
صعب وصولي إليك.. وصعب لك وصلي.
وأنا أرى في وجهك طريقاً غشاه الظلام،
وذاك النخل أرى دارك ودار أهلي.
وسدره أكرم من أهل بيتها اللؤام،
وفي وجهك أصحابي.. عصا مدرسي وفصلي.
وعود كبير ودائماً في الظلال ينام.
في ذكرياتي له لمحة واضحة،
وسور كتبنا فيه ذكريات عبث وأوهام.
ولي في عيونك صورة زينتها طراوة جهلي،
بثوبٍ تبلل بالمطر والتراب وشام.
وأنا حب أسير العب وهي حافية رجلي،
أنا وأنت طفل وطفل دائم رضا وخصام.
بكائنا سهل والضحك أمر بعد سهل،
دعاني بوجهك، ناداه يندب الأحلام.
معه رمح لا أدري، هل علي غاضب أم لي؟
كيف أواصل والأمل خلف، لا أمام.
كثير الأسى والسهد، يا من فعل فعلي.
لي صديقٌ سيدٌ سندٌ
- يقول ابن نباتة المصري:
لي صديقٌ سيدٌ سندٌ،
بيننا الآداب مشتركة.
كلما قابلت طلعته،
قيل لي سعدها بركة.
صديق المجد
- يقول عبد الله عبد الوهاب:
جئت فاخراً مستزيداً كلماً بمجد القلم،
وجه من أقنع صدق الحرف، إن عروش الصدق لم تنهدم.
لا يؤاخي عفة الحرف سوى قمة تضرب فوق القمم.
قبلته الغيم، فيها لم تدع جانباً من وجهه لم يلثم.
وأجل الناس في قلبي فتىً لم يلبِّ وجهاً في مأثم.
أو تكلفني بالأخلاق ما أختفي منه وراء اللثم.
لم يكن يوماً لنفسي عيبٌ أو يذيقها لحظة من ندم.
لم أهون في نفسه بل خالطت نفسي نفسه وآخت شمي.
لم يلوثني من الإفكِ ولا طرح الزور سوى حديث في فمي.
غير هذا ما رآني وإلى غيره ما سارحت قدمي.
ليس أي الناس قد تأتي إليه حروفي كطائر حُوَّم.
ليس أي الناس قد يلقاه كبر يراعي في خشوع المحرم.
ما أرى الكثرة إلا حُفراً ابداً فاغرتاً لم تردم.
وبحوري ليس تعطي لؤلؤاً غير بحرٍ ملؤء أرض يرمى.
هادئ الأعماق والأفواق ليس بموارٍ ولا ملتطم.
إن شعري معقلٌ ساحته حرماً .. فيها جلال الحرم.
بعد نفسي لم أبوئ عرشه غير شهمٍ نبله لم يأثم.
أبداً ما هزم الخير وليس أمام السوء بالمنهزم.
فرقدي يهتدي الناس به إن تمت على المسار الأيمن.
أو وفيٌ عايش الناس بلقبٍ حمي لا بقلبٍ شبح.
سارحاً ينمو وجوداً من مزايا نفسه لا سارحاً في العدم.
ماجداً ما أجهد الجهد به باهض.. غير جلال القيم.
نهمت نفسي إلى الصدق فراجعتني الصدق ليكفي نهمي.
ذاك من ألقت عصا ترحالها عنده نفسي ويأتي مقدمي.
ليس يأتي الضخم إلا ذروةً تتعالى فوق وكَر القشعم.
وضئيل النفس يأوي كل منحدرٍ مستوحشاً للوخم.
إنني كل الذي أبقاه من عبق الفردوس سيلُ العرم.
خبأتني روح أرضي كما يخبؤ الألماس جوف المنجم.
بخلت بي أن ترى جوهرها في مكانٍ غير صدر الكرم.
أو كأني ظلت مذخوراً بها لمضيءٍ روحُه لم تُظلم.
بأذخٌ أحسبه يوماً أتى الفجر أو زار مدار الأنجم.
لم تقل زوراً يراعاتي وميزانها قسطاسه لم يظلم.
إنها معصومة أن ترتئي ورع التقوى بشدقي أرقم.
إنها ما ضرغمت عنزاً ولا وصمت ليثاً بطبع الغنم.
كم يكون القبح في الحرف إذا قدر الدنيار قدر الدرهم.
إن رأى البوم طواويساً وإن ألحق الباز بسرب الرخم.
أو تمادى في نفــاق لاثماً سبحة القسّ ونصل المجرم.
كم بيان سقطت منه الكرامة في الإفك .. ولم تقم.
وأسطرٌ فاجرتٌ لم أجد فوقها غير حريق الذمم.
ولكم أحزنني شعرٌ تبيع الخطايا ضوءه بالظلم.
ولكم أحزنني شعرٌ به نكهة الخبز وريح اللقم.
ما أراني ألبس الشعر سوى شرف الصدق ونبل الشيم.
إنه العز فلا أكسو به رأس ذي ظلفٍ ولا ذي منسم.
ليس في شعري ولا نثري سوى لبدة أطرحها في ضيغم.
صديقٌ لي له أدب
- يقول جحظة البرمكي:
صديقٌ لي له أدبٌ،
صداقة مثله حسبٌ.
رعى لي فوق ما يُرعى،
وأوجب فوق ما يجب.
ولو نُقدت خلايقه،
لبهرج عندها الذهب.
إلى صديق
- يقول مسعد محمد زياد:
يا أيها الصحب الكرام تحية
أزجي بها في الأمسيات العاطرة.
الليل يهمس باللقاء مرحّباً،
والغصن يرقص كالفتاة الماهرة.
وصبا النسيم مع النجوم ملامساً،
ومدغدغاً هذه الوجوه الناضرة.
وتدحرجت حبّات الندى.. ريانة،
تروي حكايا من سنين عابرة.
ويحفنا نور الإله .. وفضله،
ويظلنا ملك السماء العامرة.
جئنا نهنئ فارساً.. مترجلاً،
لا أن نودع.. ذكريات غابرة.
وأرى الوفاء.. مع المحبة أقسماً،
أن يفرح الخلان بابن الزاهرة.
لا تعجبوا إن قلت طلقني الخيال،
وعشت فرداً.. في حياة قاهرة.
واليوم ملهمة القصيد تصدني،
وتشيح عني في الليالي الداجرة.
لكنني أشتاق للكلم الجميل،
وهاج في الأعماق طيف الخاطرة.
لحظات أنس حركت في داخلي،
ذكرى سنينٍ.. كالثواني العابرة.
كم صديقٍ عرفته بصديقٍ
- يقول البحتري:
كم صديقٍ عرّفتُهُ بصديقٍ،
صار أحظى من الصديق العتيق.
ورفيقٍ رافقتُهُ في طريقٍ،
صار بعد الطريق خير رفيق.