أسباب الفقر وسبل معالجته

أسباب الفقر

عوامل مرتبطة بالفرد والمجتمع

نقص المياه والغذاء الكافي

يعاني أكثر من 800 مليون شخص حول العالم من الجوع، ويواجه أكثر من ملياري شخص مشكلة نقص المياه الصالحة للشرب داخل منازلهم. فانتشار الجوع وعدم تأمين المياه يشكلان أسبابًا رئيسية في تفشي الفقر. إن عدم توفر الغذاء الكافي للناس يقضي على طاقاتهم وقدرتهم على العمل، مما قد يؤدي في النهاية إلى فقدان وظائفهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص الغذاء والمياه النظيفة يسهمان في تفشي الأمراض، ما يزيد من حاجة الأفراد للرعاية الصحية، وهذا بدوره يرتب تكاليف إضافية تقود الفئات ذات الدخل المنخفض إلى درجات أعلى من الفقر. في بعض المجتمعات الريفية، تقضي الفتيات نحو 200 مليون ساعة يوميًا في نقل المياه النظيفة من مصادر بعيدة إلى المنازل، مما يضيع وقتًا كان من الممكن استغلاله في العمل أو التعليم.

الحروب والكوارث

تؤدي النزاعات المسلحة وما ينتج عنها من اضطرابات سياسية إلى هجرة العديد من الأسر من أوطانها، حيث يتركز الفقر بشكل خاص بين المشردين. تتسع هذه النظرة لتشمل البلدان التي تعاني من الحروب الأهلية، حيث تؤدي هذه الصراعات إلى تقليص الإنتاجية وتدهور الناتج القومي. بدورها، تؤدي حالة عدم الاستقرار السياسي الناتجة عن الحروب إلى نفور المستثمرين، ما يسهم في ضعف الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه. ومن هنا، لخص الباحث ديليس وليامز في مشروع بورجين إن أكثر بلدان العالم فقرًا هي تلك التي عانت من حروب أهلية واضطرابات سياسية، حيث تمتلك حكومات ضعيفة لا تستطيع حماية مواطنيها من العنف.

ضعف التعليم

تعدّ ضعف التعليم أحد أبرز عوامل انتشار الفقر. ورغم أن ليس جميع الأفراد غير المتعلمين يعانون من الفقر، إلا أن التعليم المنخفض يسهل دخول الأفراد في دوامة الفقر، إذ يُنظر إلى التعليم كوسيلة رئيسية للحصول على فرص العمل في عالم يتطور باستمرار. ووفقًا لمنظمة اليونسكو، يمكن حماية 171 مليون شخص من الفقر المدقع فقط من خلال تعليمهم مهارات القراءة الأساسية. وبالتالي، فإن زيادة معدلات التعليم تؤدي إلى تقليص نسبة الفقر في العالم إلى النصف.

الزراعة التقليدية

تسعى البلدان المتقدمة لتطوير زراعتها من خلال إنشاء قطاع زراعي أصغر وأكثر كفاءة، مما يؤدي إلى انتقال العديد من العمال الريفيين إلى القطاع الصناعي. في المقابل، لا تزال البلدان النامية تعتمد بشكل كبير على الزراعة، مما يؤدي إلى خفض أسعار المحاصيل الزراعية، وهو ما قد يزعزع استقرار وضع المزارعين ويجعلهم في دائرة الفقر، مما يعزز من تفشي الفقر ليصبح تهديدًا لاستقرار المجتمعات.

تدني الأجور

يعتبر تدني الدخل أو انعدامه أحد الأسباب الرئيسية للفقر، حيث يعود السبب في تدني الأجور إلى الحد الأدنى للأجور أو الاضطرار للعمل بوظائف ذات دخل منخفض. ورغم اتصال مشكلتي البطالة والفقر، فإن البنك الدولي نفى أن تكون البطالة هي السبب الرئيسي للفقر. وقد أظهرت دراسة في إحدى الدول العربية أن 6% فقط من مجموع الفقراء هم عاطلون عن العمل.

تغير المناخ

يشير البنك الدولي إلى أن تغير المناخ يمكن أن يدفع 100 مليون شخص نحو الفقر المدقع خلال العقد المقبل. حيث تؤثر الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات بشكل أكبر على المجتمعات الأكثر فقرًا، نظرًا لأن أغلب الفقراء يعتمدون على الزراعة والصيد، وغالبًا ما يكون لديهم موارد تكفي لموسم واحد فقط. في ظل التغيرات المناخية الحادة، يفقد الملايين احتياطيهم من الغذاء، مما يقودهم إلى مستويات فقر أعلى.

النوع الاجتماعي

تُعد النساء أكثر عرضة للفقر في الغالب، نظرًا لموافقتهن بأجور أقل مقارنة بالرجال في وظائف مختلفة. هذا الفرق في الأجور بين الجنسين يضيق الفجوة الاقتصادية ويزيد من تعرض النساء للفقر.

سوء الحالة الصحية

سوء الصحة مثل الإعاقات أو الإصابة بأمراض معينة يعوق قدرة الأفراد على الانتقال للعمل، فضلا عن التأثير السلبي الذي يترتب على ذلك من تكاليف مالية إضافية للحصول على العلاج.

التمييز العنصري

يؤدي كون الأفراد من أقليات معينة في بلدانهم، مثل المهاجرين أو ذوي الأصول العرقية المختلفة، إلى تعرضهم للتمييز العنصري، ما يعيق فرصهم في الحصول على وظائف أو خدمات أساسية.

عدد أفراد الأسرة

الأسرة الكبيرة تكون أكثر عرضة لخطر الفقر، خاصًة إذا كان أحد الوالدين هو المعيل الوحيد، مما يزيد من تعقيد احتياجاتهم، وتزداد الأمور صعوبة اذا كان المعيل لا يجد فرصة عمل مناسبة بمستوى دخل ملائم.

أسباب مرتبطة بنوع الفقر

الفقر الدوري

يُعرف الفقر الدوري بأنه الفقر الذي يظهر بشكل دوري بين السكان خلال فترة زمنية معينة، حيث ينجم عن نقص مؤقت في الموارد الغذائية في المجتمعات النامية، وعادةً ما يقترن بكوارث طبيعية أو سوء التخطيط الزراعي. بينما في المجتمعات الصناعية، يرتبط الفقر الدوري بالبطالة الناتجة عن فترات الركود.

الفقر الجماعي

يعرف الفقر الجماعي بأنه نقص دائم نسبيًا في إمكانية تلبية الاحتياجات الأساسية للحياة. ينتشر هذا النوع في المجتمع بشكل واسع أو يتركز في مجموعات كبيرة داخل المجتمعات ذات المستوى الاقتصادي المرتفع، وينتقل الفقر الجماعي من جيل إلى جيل نتيجة للضعف الاقتصادي الذي تعاني منه الدول النامية بفعل ارتفاع معدل النمو السكاني مقارنة بالنمو الاقتصادي.

الفقر الجماعي المركّز

ينتشر الفقر الجماعي المركّز في المناطق التي تفتقر إلى النشاط الصناعي أو الزراعي، أو تلك التي تكون فيها هذه القطاعات غير فعالة، مما يعرضها لفقر طويل الأمد، رغم أن هذه المناطق قد تقع في دول ذات دخل مرتفع نسبيًا.

الفقر المختص بحالة معينة

يظهر الفقر المختص بحالة معينة على الأفراد أو الأسر المؤهلة على الرغم من إقامتهم في بيئة اقتصادية مزدهرة، حيث يكون السبب هو العجز عن العمل وكسب المال بسبب حالات مثل الإعاقة الجسدية، أو الأمراض المزمنة، مما يعيق تلبية احتياجات الحياة الأساسية.

أسباب أخرى

توجد أسباب أخرى للفقر التي ظهرت في العديد من الدول، منها:

  • انخفاض معدل النمو الاقتصادي على مدى العقود الأربعة الماضية.
  • نقص الكفاءات في سوق العمل وقلة الفرص المتاحة.
  • العجز عن تحديث القطاع الزراعي.
  • ارتفاع معدل التضخم خلال الأزمات.
  • ارتفاع النمو السكاني.
  • زيادة الفجوة الاقتصادية بين أفراد نفس المجتمع على مستوى الدخل أو المال.
  • التعرض للأزمات المفاجئة، مثل الكوارث الطبيعية أو الأزمات الاقتصادية أو الفقر البيئي.

الآثار الناتجة عن الفقر

تأثير الفقر على الاقتصاد

يؤدي سوء التغذية الناتج عن الفقر الشديد إلى تدهور الحالة الصحية للفرد البدنية والعقلية، مما يسبب أمراضًا قد تمنعه من القيام بالأنشطة العملية الضرورية. ينتج عن ذلك نقص في قوى العمل التي تشكل مصدر الإنتاج. وقد أكدت دراسة أجرتها الأمم المتحدة على أهمية الصحة في زيادة الإنتاجية، حيث الفرد ذو الصحة الجيدة يمكنه تقديم مزيد من الجهد بالمقارنة مع نظيره الذي يعاني من الأمراض. كما يؤثر الفقر سلبًا على الأطفال، الكبار من الذين يعانون من نقص التغذية، مما ينعكس سلبًا على أجسامهم وذهنهم. الأطفال الرضع الذين يصابون بسوء التغذية يكونون عرضة لمشاكل صحية مثل التهابات الجهاز التنفسي والإسهال.

تأثير الفقر على التعليم

يمثل التعليم الجيد خيارًا صعبًا للفقراء نظرًا لتكاليفه المادية التي تشمل المستلزمات الدراسية ووسائل النقل. يتضح تأثير الفقر في عدم قدرة الطلاب الفقراء على التركيز والمواظبة على الدراسة بسبب سوء الظروف المعيشية وسوء التغذية التي تؤثر على صحتهم وتركيزهم.

تأثير الفقر على الصحة

يعيش الأفراد في ظروف غير صحية، خاصةً في المنازل ذات التمديدات السليمة، مما يزيد من خطر الإصابة بعدد من الأمراض، مثل الإسهال والالتهابات المعوية. كما تفتقر المنازل التي لا تحتوي على تهوية جيدة إلى راحة السكان، مما يتسبب في إصابات بأمراض تنفسية. وفي كل عام، يموت أكثر من 10,000 طفل بسبب الظروف المعيشية السيئة. بينما تعزز الظروف الصحية الجيدة من مستوى الصحة العامة وتقليل انتشار الأمراض الخطيرة مثل السل والملاريا.

تنخفض مستويات الإنتاجية ومعدل الاقتصاد عندما يقل المستوى الصحي للأفراد، مما يؤدي إلى تحمل الدول خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنويًا بسبب انتشار الأمراض. وباء السل والمشاكل الصحية المرتبطة بها تؤثر بشكل كبير على الانتاجية، حيث شهد عام 2007 وحده نحو 990,000 حالة وفاة بسبب السل، و1.7 مليون حالة وفاة بسبب فيروس نقص المناعة، بينما تصل تكاليف الملاريا إلى حوالي 12 مليار دولار من الناتج المحلي الضائع في أفريقيا.

تأثير الفقر الاجتماعي

وضع علماء النفس الاجتماعي هرم ماسلو الشهير، حيث رتبت فيه حاجات الإنسان من الأكثر أهمية إلى الأقل أهمية. القضية الجوهرية التي طرحها ماسلو هي أن الحاجة لتحسين الذات وتحقيق الإنجازات لا يمكن تلبيتها دون تلبية الاحتياجات الأساسية مثل المأكل والمأوى. وهذا ما يبرر مشاعر الإحباط واليأس التي يعاني منها الفقراء. الحالة الاقتصادية السيئة تؤدي إلى فشل العلاقات الأسرية، مما يزيد من المشاكل الاجتماعية، حيث يمكن أن تتولد مشاكل العنف نتيجة للفجوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء.

أهمية مكافحة الفقر

وجد الباحثون اختلافات ملحوظة في مستويات الذكاء بين الأطفال وفقًا للمستوى الاقتصادي الذي ينتمون إليه، حيث يظهر أن الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض يواجهون صعوبة في تحقيق درجات جيدة في التعليم. كما تمثل هذه الفئة من الأطفال أكثر عرضة للتعرض للسلوكيات العدوانية، مما يزيد من احتمال فشلهم في التعليم ومن ثم زيادة فرصتهم في البطالة مستقبلًا. لذا فإن معالجة مشكلة الفقر تُعتبر ضرورة ملحة لتفادي العديد من المشاكل الاجتماعية المترتبة عليه، مثل التشرد والتسول والاستغلال.

اليوم الدولي للقضاء على الفقر

تم تحديد السابع عشر من تشرين الأول من كل عام يومًا دوليًا للتأكيد على ضرورة القضاء على الفقر. هذا اليوم يمثل تجديد الالتزام من قبل جميع الأفراد لدعم ومساندة الفقراء، وقد تم إقراره من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 كانون الأول من عام 1992. ويعود أصل هذا اليوم إلى عام 1987، حيث تجمع أكثر من مائة ألف شخص في تروكاديرو في باريس للتوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تكريمًا لضحايا الفقر والجوع والعنف، مع إدراكهم بأن الفقر هو انتهاك لحقوق الإنسان ويحتاج إلى التزام دولي لضمان احترام هذه الحقوق.

تعريف الفقر

يُعرف الفقر لغويًا بأنه حالة من الحاجة والعوز، وهو عكس الغنى. أما وفقًا للإمام الشافعي، فيشير إلى أنّ الفقراء هم الزمنى أو هم من لا تكتفي حرفتهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

من القواميس الاصطلاحية، يتضح أن الفقر يشير إلى نقص الوسائل المادية اللازمة لتلبية الحاجات الأساسية. ويُعتبر الفقر حالة من الحرمان المادي، حيث يتمثل فيما يُظهره من تدني الاستهلاك في الغذاء، والنقص في مستوى التعليم والصحة، بالإضافة إلى عدم توافر السلع القابلة للاستثمار.

أما الفقر العام، فهو عدم قدرة الفرد على تأمين مستوى الدخل اللازم لتلبية حاجاته الأساسية مثل الغذاء، المسكن، الملابس، التعليم والصحة. ويتفاوت تعريفات الفقر باختلاف ثقافة البلد والزمان، ما يعطيه معاني متعددة. يُعرّف أيضًا كعدم القدرة على تلبية الحد الأدنى من مستوى المعيشة المعتبر اجتماعيًا، ويظهر في مظاهر الحرمان المادي مثل انخفاض استهلاك الغذاء والضعف في مستوى التعليم والصحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top