قصيدة وكلانا في الصمت حزين
يقول فاروق جويدة:
لن أستطيع مداواة صمتك بعد الانلن أستطيع التغاضي عن صمتي،فقد ضاع عمري عند أقدامك.أتأمل ملامحك، أصغي إليك، بينما لا تنطق.أطلالي تتوسل بين يديك.حرك شفتيك، أطلق صوتك،لكي أستطيع أن أنطق.ما زال لساني معلّقاً بين الكلمات.عارٌ أن تعيش في سجن الشوارع.عارٌ أن تبقى كتمثال،تروي وشم الماضي.عبدتك زماناً، واتحدت الصلوات فيك،وغدوت مزاراً لمحبّي الدنيا.خبرني، ما الذي يرويه صمت الأموات؟ماذا في عقلك، طمني.. أزمنة مضت، وملوك هوت،وعروش تهاوت،وأنا ما زلت أسير صمتك.يهيم العمر بأسى ماضٍ،وكما هي الأطلال على وجهك.في هذا العالم، إما الأموات، أو الأحياء،أما أنت، فشيء لا أفهمه.فلا أنت حي، ولا ميت.وكلاهما في الصمت سواء.أعلنت تمردك، ولم أتعلم لغة التمرد.فأنا إنسان تمزقه قهر الإنسان.أراك الحاضر والماضي،أراك في الكفر مع الإيمان،أهرب، فإذا بك على وجهي.وأراك القيد يمزقني،وأراك القاضي والسجان.أنطق، لأستطيع أن أتكلم.أحقاً أنك في يوم عبثت بالآفاق؟وغُصت في عمق العالم،تبحث عن مغزى الأرض،وخلق الحياة،ومسألة الحب،وسر الحزن والشوق.ثم عرفت السر ولم تنطق به.خبرني، ماذا تخفي في قلبك؟هل كنت ملكاً ثم انحرفت،هل كنت تقياً ثم عصيت.لقد ظلموك بأبشع الصور.صلبوك ليتذكرك الجميع.أخبرني، من أنت؟دعني أعمق في خباياك.ويلي من صمتي ومن صمتك.سأحطم صمتك من أجل أن أتحدث.فصخورك تصدر أصواتاً ولكنها تختفي.ودموع قلبي نارٌ تشتعل،تحرق عيوني.والمخبر يقيّدني،والناس تصرخ: هذا مجنون!لم أستطع أن أنطق بكلمة واحدة.ماذا سأقول؟ وماذا سأقول؟
قصيدة ونشقى بالأمل
يقول فاروق جويدة:
ويحملني الحنين إليك طفلاً،بعد أن سلب الزمن صبري.ووضعت فوق صدرك أمانياً،وقد تعبت روحي من التمنّي.غرست الطريق أزهاراً بأحلامي،لكن الشكوك خيبت ظني.أطلقت زمام العمر للزمن،وعشت الحياة في صرخات تشتكي.كان العمر في عينيك أماناً،وعبثت الأيام به حين ابتعدت.
قصيدة عندما يرحل الرفاق
يقول فاروق جويدة:
تاهت خطواتي عن الطريق،لا نور فيها، لا حياة، لا رفقاء.وأين البيت؟ لقد صار كالأمل الغريق.تجريف الأيام يقتلع القلب،بالأسى العميق.تحجرت شفتي، ظننت أنني ضللت الطريق في الليل.وسمعت صدى الليل يتردد في شجن:قدماك قد افترقتا عن الطريق،رحل الرفاق يا صديقي من زمن.يا ليل، يا من اجتمعت بعباءتك على جفوننا.يا من وزعت أريج دفئك حولنا،وحملت نسيم الربيع بحنان.أتراك تذكر من أكون؟أنا صاحب البيت القديم،تركت لديك حبًا عاش مفتوناً بالمنى.رحل الرفاق، وهذه هي حكايتي.دخلت بيتي، والسنون تعود بذكرياتها.هنا، في مدخل هذا البيت الحزين رأيت كل حكايتي.الأرض تبتلع الزهور،وأزهار النور تندثر.تلك كانت أعلاماً، والخراب يسود.تمعنت في عينيك، وأجبت: هل جئت لتحطّم بيتنا؟استغربت، فذلك منزلي القديم.وتمثال الماضي أفقدني ملامحي كأنها حكايتي.ودموعي أصبحت تروي لطمة الزمن.ومع تلك الأحلام، وجدت أوراقاً لجريدة بها مواعيد سفر وأحلام.برغم الاشتياق، تلاشت الأحلام، وشريط أغنية علّقت ذاكرتي.وحدّقت في صمتي قبل أن تحين لحظات الوداع.ماتت أحلامي، وكل ما أحببت تلاشى.أنا صاحب البيت القديم،لم يعد لذاكرتك صدى!وظهرت علامة تحيق:أنت من ترك الزهور تموت في البرد،هنا كل شيء يعيش في حلم الربيع.مضيت نحو صوتٍ يجرح صمتي،فوجدته قلمي،وآثاره على صفحات الأيام.وبدأ يحدثني بحزن:لماذا هجرت منزلنا وتركت الحب الضعيف يعاني بيننا؟وفي كل يوم كان يسأل: أين أمي؟ أصلاً، من أنا؟!ما زلت أذكر يا رفيقي يوم البسمة القديمة.أعني، هل خدعتك الشوق؟ لنا حديثٌ طويل.أمسكت بالقلم الغارق في جنوني،إلحق بي، عسى نتمكن من إيجاد الطريق.
قصيدة كذبت أحزاني
يقول فاروق جويدة:
أحزاني تخدعني يا قلبي،لم أعد أصدق تلك الأحزان،قالت: ستمضي وتتركني.وسأعود كعصفورٍ في حبي،سافراً في وجداني،والدمع الحائر يتركني.والزمن القاسي ينساني.الحب يعاود الرعاية،يحمي الأحلام ويرعاني،ولكن الحزن يلاحقني،جنباً إلَى جنب، أدرك عنواني.وبطاقة سفري قد شاخت،مزقتها ليالي الحرمان،بحزنٍ ثقيل.إن حزني يعرفني،ويدرك معاناتي.ما أقسى أن يولد الأمل،ويموت في كهوف الحزن،ما أصعب أن نعيش حلماً،ونحمل ثقل العذاب.فالنار تلح على أحلامي.من سيخمد ثورة النيران؟من سيأخذ عهداً من حزني،ليترك شطي؟أحزاني تخدعني يا قلبي،ما عدت أصدقها وهي تناديني.
قصيدة عندما تفرقنا الأيام
ورحلت عنك بلا وداع،وطويت بين ضباب أيامي حكاياتٍ قديمة.أنشودةٌ ذابت مع الزمان،أو شكوى قديمة.تركت أيام الضياع،تنهشني،دون أن أجد الصديق.هناك، حيث الجرح العميق يؤلمني.أواه يا قلبي، لقد أضعت عمرًا محروقًا.وحلمت بقدوم الصباح،فتركتي أيامي تشتتت،وأحزان جديدة تلاحقني.وأخرى للجراح.
- * *
ورحلت عنك بلا وداع،كم كنت أحلم يا رفيقي بظلام المساء.كم كنت أنسج قصة العشاق،أنظر للّقاء،أو أستشعر همساتٍ في أعماق ناعمة كشعاع نور.أو رعشة أيادي تتلاقى في السماء،أو موعدٍ يمحو الأحزان،أو ابتسامة ترتعش في وجداني.أو دمعة عند الفراق ألومها،فغداً سيكون لقاؤنا الثاني.
- * *
ورأيت حبك في قلبي يعاني،كنجوم تتهاوى وتحترق.ورأيت أحلامي مع قسوة الشكوى تضيع،وشبابي يذوب مع الصقيع.لقد قضيت عُمري أنتظر الربيع.
- * *
ورحلت عنك بلا وداع،ونسيت أحلامًا تلاشت كالشعاع.حبٌ قديم تاه في الضباب!أملٌ تلاشى في ليالي الفراق،أو تبعثر في جوانح الألم.لقد ضاع الشباب،فقد انتهت أيامه.هل يفيد العتاب؟!أبدًا، اترك عتابك.
- * *
الآن أرحل عنك بالأمل الجريح،قد أستطيع الاستراحة من الآلام.أنت من جعلتني أحلم يا رفيقي بالشمس،لتتلاشى أحلامي في الأفق.فقتلت حبّي في أعماقي،وأنسيتني لوعة الشوق،وأصبح الزمن يزهر ويندفع كقصيدة في رؤية العشاق.