تُعَدُّ العقيقة من أبرز شعائر الشكر لله تعالى على نعمة الأطفال، حيث يعكس الاحتفال بها الامتنان لله لما أنعم به على الإنسان. إن الأطفال يُعتبرون من أعظم النعم، ويتوجب على الأفراد الحفاظ عليهم. ومن المهم التنويه إلى أن هناك الكثير من الناس الذين لم يُعطهم الله عز وجل هذه النعمة، وهو أمر يعود لحكمة من عنده سبحانه.
العقيقة
تُعتبر العقيقة من الطقوس التي تحظى بمتطلبات معينة، يجب على المسلم معرفتها، بالإضافة إلى كيفية توزيعها وفقًا لأحكام الإسلام. ويجب أن يتفقه المسلم في أمور دينه. في هذا المقال، سنتناول الشروط المتعلقة بالعقيقة وطرق توزيعها.
شروط العقيقة
تتواجد عدة شروط يجب توافرها لكي تكون العقيقة صحيحة وغير مخالفة، وهي على النحو التالي:
- يجب أن تُعقد العقيقة من الأنعام مثل الضأن، والمعز، والإبل، والبقر.
- تكون العقيقة غير صالحة إذا تمت من الأرانب أو الدجاج أو الطيور الأخرى.
- هذه القاعدة مُتفق عليها بين الفقهاء، لكن بعضهم، مثل ابن حزم، يرون أن العقيقة تُطلق فقط على الضأن والمعز.
- تقتضي الشريعة أن تكون العقيقة خالية من العيوب، مثل العور أو النحافة أو المرض أو كسر القرن.
- يجب أن تكون العقيقة قد بلغت السن المسموح به، حيث لا ينبغي ذبحها إذا لم تتجاوز السنة.
- تكون العقيقة عملًا فرديًا، ولا تجوز المشاركة فيها، حيث إن العقيقة تُعتبر فدية عن النفس، وهو ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
توزيع العقيقة
- يُوزع اللحم الناتج عن العقيقة حيث يؤخذ ثلث لأهل البيت، وثلث يُهدى، وثلث آخر يُتصدق به، وذلك وفقًا لاتفاق الأئمة الأربعة. ينصح بطهي جميع الأجزاء بحيث تكون الأكثر استحسانًا.
- لكن وفقًا للمدرستين الشافعية والحنبلية، يُمكن التصديق بجزء بسيط إذا لم يرغب الشخص في التصدق بالثلث بأكمله.
- ووفقًا للمذهب الحنبلي، يُستحب التصدق بالثلث بالكامل، في حين يُفضل هدية الثلث المتبقي لأفراد الأسرة.
- إذا وُلِد الذكر، يتم ذبح شاتين يجب أن يكون لهما تقارب في الشكل والعمر، أما إذا كان المولود أنثى، فيُذبح شاة واحدة.
- يُفضل أن تُعقد العقيقة في اليوم السابع من ولادة الطفل، لكن يُسمح بذبحها قبل أو بعد هذا اليوم.
حكم العقيقة في الشرع
لا يزال هناك اختلاف بين العلماء حول حكم العقيقة، وينقسم هذا الرأي إلى ثلاث توجهات رئيسية:
التوجه الأول:
يعتبر بعض العلماء أن العقيقة سنة مؤكدة، وهو الرأي الذي أيده جمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء، بما في ذلك الشافعية والمالكية، كما أنه مشهور أيضًا بين الحنابلة.
التوجه الثاني:
يعتبر البعض الآخر أن العقيقة فرض واجب على كل مسلم، وقد أيد هذا الرأي بعض الفقهاء مثل الظاهرية وابن حزم، كما رُوي عن الحسن البصري وتحظى بتأييد جماعة من الحنابلة ومؤسسة الليث بن سعد.
التوجه الثالث:
يُعتبر مسألة العقيقة في المذهب الحنفي متباينة، حيث تنقسم إلى ثلاث آراء:
- الرأي الأول: تعتبر العقيقة تطوعية، يمكن للشخص إجراؤها أو تركها، كما جاء في مختصر الطحاوي وكتاب ابن عابدين.
- الرأي الثاني: اعتبر بعض الفقهاء كالمبنجي أن العقيقة تُعد من الأمور المباحة، وقد نقل ابن عابدين ذلك من جامع المحبوبي.
- الرأي الثالث: ينسب إلى محمد بن الحسن قوله بأن العقيقة منسوخة، ويرتبط ذلك بعصر الجاهلية.
مشروعية العقيقة:
لقد أثبتت مشروعية العقيقة من خلال السنة النبوية، سواء بالأدلة القولية أو الفعلية الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويسمى»، رواه أبو داود.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمه، وأميطوا عنه الأذى»، رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والترمذي.
- عن عكرمة، عن ابن عباس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا»، رواه أبو داود.
- من ابن عباس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عق عن الحسن والحسين بكبشين كبشين»، رواه النسائي.
- عن بريدة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عق عن الحسن والحسين»، رواه أحمد والطبراني، والنسائي.
ما يقال عند ذبح العقيقة:
عند ذبح العقيقة، يجب على المسلم أن ينوي أنها عقيقة، وعند القيام بذلك يُذكر اسم الله فيقول: “اللهم لك، ولك عقيقة فلان”. وقد اتفق الفقهاء على هذا، حيث يُعَدُّ الذكر اسم الطفل مُستحبًا، لكن النية تكفي.
الحكمة من العقيقة:
- التعبير عن الفرح بنعمة الله بقدوم المولود.
- نشر الخير والسرور بين الناس من خلال توزيع اللحم والتصدق به.
- تعزيز صلة الأرحام وإشهار النسب بمناسبة قدوم المولود.