تُعد الأخوة في الإسلام علاقة جوهرية تربط بين شخصين أو أكثر، وهي رابطة دائمة تتشكل نتيجة الزواج أو الرضاعة أو الانتماء الديني.
تمثل الأخوة في الإسلام رابطًا يجمع بين جميع المسلمين، حيث يُعزز الدين الإسلامي هذه الصلة بين الأفراد، مما يُظهر أن الأخوة في الإسلام تتجلى في اتباع دين واحد، بغض النظر عن اختلاف الدول أو الثقافات.
فهم الأخوة في الإسلام
- الأخوة في الإسلام تعد رابطة موحدة وضعها الدين الإسلامي لتكون وثيقة دائمة تجمع جميع المسلمين في شتى أنحاء العالم الذين يعتنقون لا إله إلا الله ومحمد رسول الله.
- تقوم هذه الأخوة على ثلاث دعائم رئيسية: الإسلام، الإيمان، والارتباط بهذا العهد. إذ أن جوهر الأخوة ينبع من مبادئ الإسلام وجوهرها هو الإيمان.
- يظهر أثر الأخوة الإسلامية في آية الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
- وقد روى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصحابة أنه قال: “وددت أن أرى إخواننا”، فعلّقوا: “ألستَ نحن إخوانك يا رسول الله؟”، فأجاب: “بل أنتم أصحابي، وإخواننا هم الذين لم يأتوا بعد”. هذه العبارة تظهر قوة العلاقة التي تجمع المسلمين عبر الأجيال.
- الأخوة في الإسلام هي تشريع يتعين على المسلمين الالتزام به، فلا يجوز ترك هذا التشريع أو تجاهل حقوقه وواجباته، إذ يعود الفضل في ذلك إلى الإسلام، كما قال الله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا…”
أنواع الأخوة في الإسلام
- بعدما تعرفنا على الأخوة الإسلامية كصلة غير منقطعة، نُشير إلى وجود ثلاثة أنواع من هذه الأخوة.
أخوة النسب
- أخوة النسب تنشأ نتيجة صلة القرابة كالأخوة من الأبوين، أو الأخ بالأب أو الأم، أو الأخوة الناتجة عن الرضاعة.
أخوة الأصل والإنسانية
- الأخوة في الأصل تتعلق بجميع الأفراد على مستوى العالم، بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق، كما ورد في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى…”
أخوة العقيدة والإيمان
- الأخوة في العقيدة تُعرف بالأخوة الدينية أو الإسلامية، وتجتمع تحتها كافة المسلمين في العالم. كما جاء في القرآن: “إنما المؤمنون إخوة”، وقال رسول الله: “إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم”.
آداب الأخوة في الإسلام
يعتبر الحصول على أخ في الإسلام أمرًا ذا قيمة كبيرة، لذا يجب التحلي بآداب هذه العلاقة التي تشمل ما يلي:
التحلي بالأخلاق الحسنة
- المسلم ينبغي أن يتحلى بالأخلاق الحميدة، فهو مُستحب له الابتسامة والابتعاد عن الكذب أو النميمة، وقد أوصانا رسول الله في قوله: “اتق الله حيثما كنت”.
اختيار الصحبة الصالحة
- اختيار الأصدقاء من الأمور التي تسهم في تعزيز الأخلاق القويمة، حيث يتشارك الأصدقاء في تعزيز السلوك الجيد والابتعاد عن السلبيات لأن الإنسان على دين خليله.
تلبية احتياجات الإخوان
- من صفات المؤمن السعي في قضاء حوائج الآخرين، فإن من يسعى لمساعدتهم يحظى بعون الله.
حقوق الأخوة في الإسلام
- تتطلب الأخوة كتواصل شرعي أن نُراعي حقوق هذا الارتباط لننال رضا الله ودخول الجنة.
- تتضمن حقوق الأخوة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تحية السلام، الصلاة على الجنازات، مساعدة الآخرين على طاعة الله.
- زيارة المريض، تقديم النصيحة، الالتزام بالدعوات، الصبر على الشدائد، وإحسان المعاملة مع الآخرين.
- وذكر رسول الله: “لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا” وقد شمل هذا الحديث كافة حقوق الأخ على أخيه.
الأخوة في الإسلام في عهد الرسول
- لقد شهدت العلاقة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه، خاصة مع أبو بكر الصديق، مواقف تمثل قوة هذه الأخوة، كما في حادثة اختبائهم في غار ثور من قريش.
- دخل أبو بكر أولاً ليُطمئن على عدم وجود أخطار في الغار حمايةً للرسول، وقام بالتحضيرات اللازمة لضمان سلامته.
- تحمل الألم خلال وجوده مع النبي واستمر في ذلك دون أن يصدر عنه صوت خوفًا من إزعاجه، حتى أفاق النبي من نومه ليطمئن عليه.
الأخوة في الإسلام لدى السلف الصالح
تعددت أقوال السلف الصالح التي تبرز أهمية الأخوة في الدين، ومنها:
- قال علي: “عليكم بالإخوان، فإنهم عدة في الدنيا والآخرة”.
- قال سعيد بن المسيب: “عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء”.
- حيث جاء رجل لأبي هريرة مستفسرًا عن حق الأخوة، فرد عليه متحدثًا عن أحقية الأخ في الموارد المالية.
- قال علي بن الحسين: “هل يدخل أحدكم يده في كم أخيه أو كيسه فيأخذ منه ما يريد بدون إذن؟ فقال: لا. رد عليه: فلستم بإخوان”.
الأثر الإيجابي للأخوة على الفرد والمجتمع
- كل ما أمر الله به له فوائد، ومن بينها الأخوة في الإسلام، التي ساعدت في توطيد العلاقات بين المسلمين منذ عهد النبي.
- صقلت الأخوة الإسلامية التعاون بين المسلمين، حيث ورد عن الرسول: “الأرواح جنود مجندة”.
- عززت هذه الأخوة من التعاون في الخير، ونشرت مبدأ العمل للأمر المعروف والنهي عن المنكر.
- استطاع المؤمنون أن يعيشوا كالجسد الواحد، مما أثرى الحياة الاجتماعية لهم.
- الأخوة الإسلامية تُعزز شعور المسؤولية الفردية وتوجه الأفراد للقيام بدورهم في المجتمع.
- تساهم الأخوة في دعم الذات، وتقوية الروابط الاجتماعية من خلال مساعدة الفقراء والمحتاجين.
- تساعد الأخوة في الحد من الكراهية وتعزيز القيم الإسلامية الرفيعة.
- تساعد هذه العلاقات في تقويض الظواهر الضارة مثل الغيبة والنزاع بين الأفراد.