الإحسان هو ممارسة كل ما هو جميل وحسن، والقيام بالواجبات الشرعية بأفضل وجه ممكن. يتجلى الإحسان في عبادة الله سبحانه وتعالى كأنك تراه، والسعي إلى فعل الخير للناس والشعوب. بما أن الإحسان يعد من الفضائل العظيمة، فما هي أنواعه في الإسلام؟.
أنواع الإحسان في الإسلام
تتعدد أشكال الإحسان في الإسلام كما بيّنها أهل العلم، وسنعرضها لكم فيما يلي:
الإحسان في العبادة
- الإحسان في العبادة يعني أن يعبد المسلم ربه وكأنه يراه.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.
- عبادة الله عز وجل تكون بدافع الحب والشوق للقائه.
- يجب على المسلم أن يعبد الله تعالى بخوف ورهبة لتجنب عقابه.
الإحسان مع الوالدين
- الإحسان للوالدين يتجلى في عدم مناداتهما بأسمائهم أو بما يزعجهما، كما قال تعالى: “فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا”.
- يجب تقديم الإحسان لهما بالفعل، كفعل ما لا يستطيعان القيام به وتقديم الرعاية الصحية لهم بكل حب ورضا.
- توجد أشكال متعددة للإحسان للوالدين، ومنها منحهما المال في مسكنهم وملبسهم ومأكلهم.
- الإحسان من خلال بر الوالدين والدعاء لهما في كل وقت.
- فريضة الإحسان للوالدين موضحة في قوله تعالى: “ووصينا الإنسان بوالديه”.
الإحسان في العمل
- يجب أن يتماشى العمل مع شرع الله تعالى والابتعاد عن البدع والفواحش.
- بالإخلاص في العمل ينال المسلم رضا الله ويبتعد عن النفاق.
- قال رسول الله: “إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجهه”.
- يتطلب العمل أيضًا أن يتفق مع السنة النبوية، كما ذكر الله: “قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً”.
الإحسان مع الجيران
- أوصى رسول الله كثيرًا بالإحسان للجيران، لذا يتطلب الأمر مساعدتهم عند الحاجة.
- ينطبق ذلك على قوله تعالى: “وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل”.
- إذا استطعت مساعدة جار في حاجة، فلا تتردد في ذلك.
- عليك بزيارة الجار عند مرضه مع اتباع آداب الزيارة.
- يجب مشاركة الجيران في المناسبات وتقديم التهاني عند الفرح والتعزية في المصائب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”.
- تجنب الأذى عن الجيران ومراعاة حدودهم في حضورهم وغيابهم.
- المحافظة على أسرار الجيران وعدم إفشائها، حتى دون طلب منهم.
الإحسان مع الإخوة
- لا ينبغي للأخ أن يخيف أخاه المسلم حتى لو كان مزاحًا.
- يستشهد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يأخذ أحدكم متاع صاحبِه لاعبًا ولا جادًّا”.
- يجب تجنب الفتن والقطيعة بين الإخوة لأكثر من ثلاثة أيام، كما جاء في حديثه: “لا يحل لمؤمن أن يُصارم مؤمنًا فوق ثلاث”.
- احترام ممتلكاتهم وعدم إتلافها.
- الحفاظ على مصالح الإخوة والاهتمام بهم، كما قال رسول الله: “المؤمن مرآة أخيه المؤمن”.
- يجب توفير المحبة والصداقة بينهم وعدم التفريق في المعاملة.
الإحسان مع الأصدقاء
- يجب التفكير جيدًا في الأصدقاء وتفادي الأفكار السلبية عنهم.
- الحفاظ على مصالح الأصدقاء ومساعدتهم عند الحاجة.
- التواصل الدائم حول مسائل التقوى والطاعة.
- تبادل الود والحب بينهم.
- تقديم النصح والإرشاد ليتجنبوا الأخطاء والمخاطر.
الإحسان مع النفس
- تجنب الوقوع في الحرام والمعاصي.
- تحقيق التطهير بواسطة الطاعة والعمل الصالح.
- اجتناب الضلال والانشغال عن طاعة الله.
- السعي للبعد عن الشقاء والعذاب في الآخرة.
- قال تعالى: “إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها”.
الإحسان مع الأقارب
- الرد على إساءة الأقارب بلطف.
- المحافظة على صلة الرحم والمودة.
- قبول الأعذار وتجنب اللوم الزائد.
- معاونة الأقارب بطرق شتى دون محاباة.
- التواصل الدائم معهم على الرغم من اختلاف الطبائع.
- الاحترام المتبادل عند المزاح لتجنب الخلافات.
- تدوين أرقام هواتفهم للبقاء على اتصال.
- دعوتهم للمناسبات الاجتماعية لمنع الهجر.
كما يمكنكم التعرف على:
الإحسان مع الفقراء والمساكين
- إطعام الفقراء عند الحاجة، اتباعًا لقوله تعالى: “وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين”.
- توفير الملابس لهم في أوقات البرد والأعياد.
- استقبالهم والترحيب بهم لرفع معنوياتهم.
- تكريمهم وتوفير سكن لهم وزيارتهم من حين لآخر لتحصيل الثواب.
الإحسان بين الزوجين
- المحافظة على الألفة والمحبة بين الزوجين.
- تبادل المسؤولية والصراحة في تربية الأبناء.
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها”.
- التعامل بالرحمة في مختلف جوانب الحياة.
- المحافظة على أسرار الزواج وعهوده.
- القيام بالواجبات الأسرية بجدية.
- التغافل عن الأخطاء والهفوات من الطرف الآخر.
الإحسان في القول
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس.
- تقديم النصح والمصالحة بين المتخاصمين.
- نشر العلم الذي يتعلمه الإنسان وعدم احتكاره. فعليه أن يسأل نفسه يوم القيامة عما فعله بعلمه.
- قول الخير وتجنب الحديث الغير مُستحب، وكما قال رسول الله: “فليقل خيرًا أو ليصمت”.
الإحسان للحيوان
- المحافظة على حياة الحيوانات ورفض الاعتداء عليها.
- تجنب إيذاء الحيوانات والإضرار بها.
- الابتعاد عن تعذيب الحيوانات لغرض التسلية.
- الرفق بالحيوان سواء كان ملكًا للإنسان أم لا، وهو من العبادات. كما قيل في حديث رسول الله عن الرجل الذي أسقى كلبًا، فغفر الله له.
- إطعام الحيوان وسقايته بغاية الثواب.
- قال رسول الله عندما سئل: “يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: نعم، في كل ذات كبد رطبة أجر”.
الإحسان في الخصام
- عدم إطالة النزاع لأكثر من ثلاثة أيام، كما ورد في حديث رسول الله.
- تجنب الشجار المتكرر لأنه يؤثر على الأعمال.
- تجنب الفحش أثناء الخصام والحديث البذيء.
- المحافظة على الروابط الودية حتى ينتهي الخصام.
الإحسان مع المذنب
- تقديم العفو والمغفرة والقبول بالتوبة.
- التعامل معه برحمة وتعليم حتى يتوقف عن الخطأ.
- عدم تعريضه للعقاب الجسدي حتى لا يتحول لمجرم حقيقي.
- يمكن عقابه بالتوبيخ التأديبي لضمان عدم تكرار الخطأ.
الإحسان في الحصول على الرزق
- شكر الله على المال الحلال.
- تجنب الكسب من الأموال المحرمة.
- إنفاق المال في مشروعات نفعية لكسب الأجر، كما قال: “أحسن كما أحسن الله إليك”.
- توزيع المال الحلال لتلبية احتياجات الآخرين وسد جوع الفقراء.
الإحسان مع الخدم
- تقديم الطعام للخدم.
- مراعاة احتياجاتهم من الملابس والراحة.
- احترام حقوقهم وعدم تحميلهم فوق طاقتهم.
- كما أثنى الرسول على عدم تحميلهم فوق طاقتهم، فقال: “ولا يكلفهم ما يغلبهم”.
الإحسان في المعاملات المالية
- تجنب الجشع والتلاعب في المعاملات المالية.
- الابتعاد عن أكل أموال الناس بالباطل.
- تجنب شهادة الزور في المعاملات المالية.
- الامتناع عن الربا وكل معاملات محظورة.
معنى الإحسان
أركان الإحسان
ركن واحد فقط للإحسان، وهو عبادة الله كما لو كنت تراه، وإن لم تكن تراه فهو يراك، “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإذا لم تكن تراه فإنه يراك”. ويأتي هذا في حديث روى أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تحدث جبريل عن مفهوم الإحسان.
درجات الإحسان في الإسلام
تنقسم درجات الإحسان في الإسلام إلى درجتين كما يلي:
الدرجة الأولى
عبادة الله كأنك تراه هي الدرجة الأولى من درجات الإحسان.
الدرجة الثانية
إذا حقق الفرد الدرجة الأولى، فإنه يصل إلى الدرجة الثانية، وهي عبادته لله بينما يراه، بمعنى أن العبادة تكون ناتجة عن الخوف والرغبة.
آيات وأحاديث عن الإحسان
توجد العديد من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الإحسان، ومنها:
- قال تعالى: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون” (سورة النحل: 90).
- قال تعالى: “وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك” (سورة القصص: 77).
- قال تعالى: “وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانًا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنًا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلًا منكم وأنتم معرضون” (سورة البقرة: 83).
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي قال: “إذا حكمتم فاعدلوا، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، فإن الله محسن يحب المحسنين”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام قال للنبي: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.