العوامل التي أدت إلى مبايعة إدريس الأول
يُعتبر إدريس الأول المؤسس للدولة الإدريسية في المغرب، وهو إدريس بن عبدالله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- وزوج ابنته فاطمة الزهراء. تمّت مبايعته بعد وصوله إلى المغرب، الذي كان يشهد في تلك الفترة صراعات داخلية وانقسامات بين العرب والأمازيغ، حيث استقبله المغاربة بحفاوة، مما ساهم في استقراره في البلاد وبالتالي مبايعته.
كان من أسباب مبايعته عودته إلى نسبه الشريف الناجم عن النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- بعد نزوله على قبيلة أوربة، التي اعتبرت أول قبيلة تعلن ولاءها في مدينة وليلي في عام 172 هـ.
اختياره كزعيم كان نتيجة صفاته الحميدة وعلمه وفضائله، مما أدى إلى بدء مرحلة جديدة من الاستقرار في المغرب وتأسيس الدولة الإدريسية التي كانت تسعى لتحقيق استقلالها عن المشرق الإسلامي. وامتد نفوذ الدولة الإدريسية من مدينة السوس بالمغرب إلى وهران الجزائرية.
نزل إدريس الأول لدى ابن عبد الحميد الأوربي، ومع قدوم شهر رمضان، جمع ابن عبد الحميد عشيرته من قبيلة أوربة وقدم إدريس الأول لهم، مما أثار إعجاب القبيلة بنسبه. وعندما استفسر ابن عبد الحميد حول مبايعته، وافق الجميع على البيعة بالسمع والطاعة ونصرته في المعارك، ليتبع ذلك بيعة من قبائل أخرى مثل مغيلة وصدينة وباقي قبائل الأمازيغ وزناتة، مما ساهم في استقرار الأوضاع في المغرب والأندلس.
الدولة الإدريسية
حكمت الدولة الإدريسية المغرب خلال الفترة من (789 إلى 921)، وهي إمارة عربية إسلامية أسسها إدريس الأول، الذي حكمها فترة قصيرة لا تتجاوز الثلاث سنوات، ونجا من معركة كبيرة مع الدولة العباسية.
بغض النظر عن فترة حكمه القصيرة، فقد امتدت الدولة الإدريسية في فترة حكمه من شمال المغرب إلى سهول الأطلسي. تولى ابنه إدريس الثاني الحكم بعده، لكنه واجه صعوبات في السيطرة على الدولة، ومن أبرز إنجازاته إنشاء مدينة فاس الحديثة وتأسيس حكومة مركزية تشمل العرب والأمازيغ، بالإضافة إلى نشر اللغة العربية في شمال المغرب.
تمكنت الدولة الإدريسية من إقامة حكم ذاتي مستقل بعيدًا عن الهيمنة الأموية في الأندلس والدولة الفاطمية في القاهرة، وسعت لتعزيز استقرارها من خلال تحسين علاقاتها مع الدول الأخرى. كما اعتبرت مدينة فاس مركز الحكم وأنشأت فيها جامعة القرويين، التي تُعد أقدم مؤسسة للتعليم العالي في العالم، مما جعلها مركز جذب للعلماء من جميع الدول الإسلامية وما وراءها.
تراجع وانهيار الدولة الإدريسية
نجحت الدولة الإدريسية في نشر الإسلام وتعزيز تعاليمه في شمال إفريقيا، مما ساهم في بناء قوة كبيرة في المغرب. ومع ذلك، أدى تقسيم المملكة إلى عدة دويلات إلى تراجع الدولة وزيادة النزاعات الداخلية بين أبناء الأسرة الحاكمة. كما فشل يحيى الرابع في إعادة توحيد المملكة، خاصةً مع استمرار هجمات الدولة الفاطمية وتغير ولاء بعض العشائر. أدت هذه الظروف إلى انهيار الدولة الإدريسية وطرد الإدريسيين من مدينة فاس، مما دفعهم للانتقال إلى حماية القبائل الموجودة في أودية جبال الريف.