تُعتبر قصيدة “سفر أيوب” واحدة من أبرز الأعمال في الشعر العربي الحديث. كتبها الشاعر العراقي بدر شاكر السياب بعد إصابته بمرض السل الرئوي، مما أضفى عليها عمقًا ومعاني عدة. من خلال هذا المقال، سنستعرض شرح القصيدة وأهم الأبيات، بالإضافة إلى أبرز قصائد السياب.
شرح قصيدة سفر أيوب
في هذه الأبيات، يعبر الشاعر عن شكره لله تعالى في ضوء ابتلاء المرض، حيث يكرر الامتنان لله على ما يواجهه من صعوبات، حتى وإن تمثلت في المرض. يسأل الشاعر عن عطايا الله له في ظل معاناته، ويشبه المرض بالظلام الذي كنس حياته، ويتساءل عن منحه العافية في فجر الحياة.
يتناول الشاعر أيضًا مسألة شكر الطبيعة، حيث يتساءل إذا كانت الأمطار تُشكر عند هطولها، وهل تغضب الأرض عند غياب الغيوم، مما يدل على عمق التأمل في كل ما منحه الله من الصحة والمرض.
يشير الشاعر إلى أن المرض كان رفيقًا له لعدة أشهر، ينخر في جسده ويعذب جوانبه، مما يعكس شدة الألم الذي يعانيه، والذي لا ينفك عنه في كل الأوقات. ومع ذلك، يبقى الشاعر متشبثًا بالحياة.
بعد ذلك، يستند الشاعر إلى قصة نبي الله أيوب، حيث يُظهر صبره إزاء الشدائد، وينادي الحاسدين أن يحسدوه على جراحه، رغم أن تلك الجراح تُعتبر هدايا من الله له، مما يدل على تقبله لقضاء الله وقدره، وإيمانه القوي وقدرته على تحمل المعاناة.
أبيات قصيدة سفر أيوب
تظهر الأبيات قدرة الشاعر الرائعة على التعبير عن مرضه وألمه، حيث يحمل في طياته مشاعر الشكر والصبر على الابتلاء بالمرض. تتكون أبيات القصيدة من التالي:
لكَ الحـَمدُ مهما استطال البـــلاء
ومهمــا استبد الألـم
لكَ الحمدُ إن الرزايـا عطـــاء
وإن المَصيبــات بعض الكـَـــرَم
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟
فهل تشكر الأرض قطر المطر
وتغضب إن لم يجدها الغمام؟
شهور طوال وهذي الجـِـــراح
تمزّق جنبي مثل المدى
ولا يهدأ الداء عند الصباح
ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى
ولكنّ أيّوب إن صاح صــــــاح
لك الحمد، إن الرزايا ندى
وإنّ الجراح هدايا الحبيب
أضمٌ إلى الصدر باقتــها
هداياكَ في خافقي لا تَغيــب هاتها…
هداياكَ مقبولــةُ
أشد جراحي وأهتف بالعائديــن
ألا فانظروا واحسدونــي
فهذي هدايا حبيبي
وإن مسّت النار حرّ الجبين
توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.
جميل هو السّهدُ أرعى سماك
بعينيّ حتى تغيب النجوم ويلمس شبّاك داري سناك.
جميل هو الليل:
أصداء بوم
وأبواق سيارة من بعيد
وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد
أساطير آبائها للوليد
وغابات ليل السُّهاد،
الغيوم تحجّبُ وجه السماء
وتجلوه تحت القمر
وإن صاح أيوب
كان النداء لك الحمد يا رامياً بالقدر
ويا كاتبًا بعد ذاكَ الشفـــاء.
أبرز قصائد بدر شاكر السياب
إلى جانب شرح “سفر أيوب”، كتب الشاعر بدر شاكر مجموعة من القصائد الرائعة التي تعكس موهبته، ومن أبرز أعماله:
- رسالة من مقبرة.
- أحبيني.
- في السوق القديم.
- حفّار القبور.
- المومس العمياء.
- غريب على الخليج.
- لأني غريب.
- المسيح بعد الصلب.
- لن نفترق.
- عينان زرقاوان.
- سفر أيوب.
- أنشودة المطر.
بهذا نكون قد انتهينا من استعراض شرح قصيدة “سفر أيوب” مع إيراد الأبيات الخاصة بها، فضلاً عن عرض أبرز قصائد الشاعر بدر شاكر السياب.