قصائد للعشاق
تناول الشعراء في قصائدهم عبر العصور المختلفة المشاعر والأحاسيس التي تنشأ بين العشاق، ومن بين هذه المشاعر: الحب، والشوق، والعتاب، والحنين، والغزل. في هذا المقال، نستعرض مجموعة من قصائد الشعراء التي سلطت الضوء على تجاربهم في الحب والعشاق.
أغنية الليل
جبران خليل جبران، الشاعر والكاتب والرسام اللبناني، الذي يعد من أبرز شعراء المهجر، وُلد عام 1883 وتوفي عام 1931. في هذه القصيدة، يتحدث عن هدوء الليل وشوق العشاق:
سكن الليل، وفي ثــوب السكون
تخـتبي الأحـلام
وسعى البـدر، وللـــبدر عـــيون
ترصـد الأيـــام
فتعــالي يا ابـنـة الحـقـل، نزور
كــرمة العـشـاق
علـنا نطـفي بذيـاك العصـيـــــر
حـرقة الأشـواق
اسـمعـي الـبلبل ما بيـن الحقول
يسـكب الألـحان
فـي فضاء نفـخت فيـه الـتــلول
نـسمة الريحـان
لا تـخافـي يا فتـاتي، فالـنجــوم
تـكتم الأخـبــــار
وضباب اللـيل فـي تـلك الكروم
يحـجـب الأسرار
لا تخـافي، فـعروس الجـــن في
كهـفها المسحــور
هـجعـت سكرى وكـادت تختفي
عـن عيون الحور
ومـليك الجـن إن مــــــر يروح
والهــوى يثـنــيه
فـهـو مثـلي عـاشـق كيف يبوح
بالـــــذي يضنيه!
قصيدة غير مكتملة في تعريف العشق
يتحدث الشاعر والدبلوماسي نزار قباني عن مشاعره تجاه الحب قائلاً:
عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب،
فكرت طويلاً..
ما الذي ستجلبه اعترافاتي؟
قبلي، كتب الكثيرون عن الحب..
صوره الناس فوق جدران المغارات،
وفي أوعية الفخار والطين، قديماً،
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند..
وفوق الورق البردي في مصر،
وفوق الرز في الصين..
أهدوه كقرابين، وقدموا له النذور..
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق.
ترددت مرات عديدة..
فأنا لست بقسيس،
ولا مارست تعليم التلاميذ،
ولا أؤمن بأن الورد..
مضطر لشرح العبير للناس..
ماذا أكتب يا سيدتي؟
إنها تجربتي وحدي..
وتتعلق بي فقط..
إنها السيف الذي يثقبني وحدي..
فأصبح أكثر حضورا مع الموت..
عندما غصت في بحرك يا سيدتي..
لم أنظر إلى خريطة البحر،
ولم أحمل زورقاً مطاطياً..
ولا طوق نجاة..
لكنني تقدمت إلى نارك كالبوذي..
واخترت المصير..
لذتي كانت أن أكتب بالطبشور..
عنواني على الشمس..
وأبني فوق نهديك جسوراً..
عندما أحببتك..
لاحظت أن الكرز الأحمر في بستاننا
أصبح جمراً مستديراً..
وأن السمك الخائف من صنارة الأولاد..
يأتي بالملايين إلى شواطئنا..
وأن السرو قد زاد ارتفاعاً..
وأن العمر قد زاد اتساعاً..
وأن الله..
قد عاد إلى الأرض أخيراً..
عندما أحببتك..
لاحظت أن الصيف يأتي..
عشر مرات كل عام..
وأن القمح ينمو..
عشر مرات كل يوم..
وأن القمر الهارب من بلدتنا..
جاء ليستأجر بيتاً وسريراً..
وأن العرق الممزوج بالسكر والينسون..
قد طاب في العشق كثيراً..
عندما أحببتك..
أصبحت ضحكات الأطفال في العالم أجمل..
ومذاق الخبز أجمل..
وسقوط الثلج أجمل..
ومواء القطط السوداء في الشارع أجمل..
ولقاء الكف بالكف على أرصفة “الحمراء” أجمل..
والرسومات الصغيرة التي نتركها في فوطة المطعم أجمل..
وارتشاف القهوة السوداء..
والتدخين..
والسهرة في المساء ليلة السبت..
والرمل الذي يبقى على أجسادنا من عطلة الأسبوع،
وللون النحاسي على ظهرك، بعد مغادرة الصيف،
أجمل..
والمجلات التي نمنا عليها ..
وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها ..
أصبحت في أفق الذكرى طيورا…
عندما أحببتك يا سيدتي
طوبوا لي ..
كل أشجار الأناناس بعينيك ..
وآلاف الفدادين على الشمس،
وأعطوني مفاتيح السماوات..
وأهدوني النياشين..
وأهدوني الحرير
عندما حاولت أن أكتب عن حبي ..
تعذبت كثيراً..
إنني في داخل البحر …
وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه
غير من ضاعوا في أعماق المحيطات دهوراً.
ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟
كل ما تذكره ذاكرتي..
أنني استيقظت من نومي صباحاً..
لأرى نفسي أميراً ..
فنجان عشق
ولد الشاعر السعودي محمود بن سعود الحليبي عام 1969م، ويعبر عن مشاعره في الحب والعشق قائلاً:
سأسكبُ قلبيَ فنجانَ عشقٍ
لتلكَ التي تستسيغُ صُبَابةَ روحيَ
بالشِّعْر والهيلِ والزعفرانْ!
سأسكبهُ للتي يرتمي
على شاطِئَيْ مقلتَيْها جُنوني
فيجذبني رمشُها في حنينٍ
ويحضنُني جَفنُها في حَنانْ!
سأسكبهُ للتي تحتوينيَ
حُلْمًا شفيفًا يراودُ عينيْ غُلامٍ ذكيٍّ
تعوّدَ منذُ الطفولةِ لثْمَ المدادِ الدَّفِيءِ
على ورقٍ
من بياضِ الفؤادِ
تؤججهُ جمرةٌ في الجنَانْ!
سأسكبهُ للتي تستسيغُ دموعيَ مِلْحًا أُجاجًا
إذاما بِحاريَ هاجتْ وماجتْ
وفاضتْ سفينةُ صدريَ حُزْنًا
وضاقَ الزمانُ
وضجَّ المكانْ!
لتلكَ التي حينَ يصرخُ جُرحي
ويختطُّ نزفي معابرَ للشَّجْوِ
في داخلي
فتركضُ نحوي
تعانقُ شَجْوي
تهدهدُ راحتُها خاطري
تُغَنِّي عليَّ حفيفَ الجُنَيْنَةِ للكرَوانْ!
لِتلكَ التي تستفيقُ ظنوني
على نغمةٍ من شذاها الأصيلِ
فأرحلُ فيها
وترحلُ فيَّ
على صهوةٍ من خُيولِ اليقينِ
ودربٍ تغرِّدُ خضرتهُ بالأمان
لِتلكَ التي لم أجدْها إلى الآنَ
إلاَّ
على لُجّةِ الحُلُمِ المستبدِّ
تراءى لعينيَّ حُوريَّةً
تعومُ وتطفُو
وتصحو وتغفو
وتتركني
بين شطِّ الأماني
وصحراءِ عُمْري
تُنازعِني في هَواها لُحُونٌ ثَكالى
يعربدُ فيها
أنينُ الربابةِ
بوحًا إليها
ونوحًا عليها
! نشيجُ الكمَانْ
العشق في أبها
من قصائد الحب والعشق للشاعر أحمد الصالح، الذي ينشد:
إليكِ ترسل هذا الحب أفئدة
تهوي إليكِ .. وفيها للقاء ظما
مشت إليكِ بأشواق تسيرها
قلوب أنهلها حب بها احتدما
مليحة .. ومعين الغيم أرضعها
هذا الجمال .. فما ملت وما فَطَما
تفتقت أرضها عن سر فتنتها
مرابعاً أتعبت في عشقها أمما
ألقى لها المزن هتان الهوى غدقاً
فكل وادٍ يباهي حسنه القمما
قد تيمته وكانت في دفاتره
قصيدةً تُسْكر الأوراق والقلما
أبياتها لغة ما افتض أحرفها
إلا ليكتب عنه العشقُ ما نظما
ذكرى تلامس طيباً في خمائلها
فاهتز يسأل عنها قلبه الشبما
كانت هنا يا أبا “غسان” مشرقة
عرفت أهلاً بها قد عانقوا الشمما
عرفت أعذب أيام بكم عذبت
أبو محمد في أيامها العلما
مجالس عبق الذكرى يخلدها
عبر الزمان ومهما عهدها قدما
أبها لها القلب والذكرى تعلله
والقلب يستعجل الأيام ما كتما
مشى إليها الهوى يُلْقى طواعية
مفاتناً ومغانٍ عانقت عشما
أبها لها في مدار السحب منزلةٌ
سريرُ هدهده نفح الصَّبا فَهَما
أبها وهذا ثراءُ الحسن أبدعه
من أبدع الكون أرضاً أخصبت وسما
تلفتت أعين العشاق مبصرة
ما أبهج العين أو أغرى بها القدما
شدوا إليها السُّرى والشوق يحملهم
على ثرى الحسن يلقى الناس مبتسما
أحبابنا الصيف فيها بعض فتنتها
فجئت أعشق فيها الصحو والديما
وأعشق الأرض ناساً طاب معادنهم
فاستنبتوا الأرض هذا العشق والكرما
في كل شبر تقول الأرض أنت هنا
حبيبها فلتكن في سمعها النغما
تشدوا بها ملء سمع الأرض قافية
تنثال طيب شذا تفترُّ بوح لما
أبها هي الشعر لا معنى ولا لغة
تُطَاوِلُ الحُسْنَ ريَّاناً ومُحْتشما
إذا تفيأ منها المرء مورقة
حنت عليه غصون كلما سئما
الصيف بين يديها رجعُ أغنية
وعاشقٌ منذ فجر الدهر ما اغتلما
أحبابنا ومساء الشعر يسألني
ألم تكن بجنون العشق متهما
يا شعر إن كان عشق الأرض تيمني
فإن لي وطناً بالعشق قد خُتِما
إليه كل جنون العشق يسكنني
وما اقترفت به هجراً ولا ندما
كلمات
من أروع قصائد العشق والغزل، تظهر كلمات الشاعر نزار قباني بين أسطره قائلاً:
يسمعني.. حـين يراقصني
كلماتٍ ليست كالكلمات
يأخذني من تحـت ذراعي
يزرعني في إحدى الغيمات
والمطـر الأسـود في عيني
يتساقـط زخاتٍ.. زخات
يحملـني معـه.. يحملـني
لمسـاءٍ وردي الشـرفـات
وأنا.. كالطفلـة في يـده
كالريشة تحملها النسمـات
يحمـل لي سبعـة أقمـارٍ
بيديـه وحزمـة أغنيـات
يهديني شمسـاً.. يهـديني
صيفاً.. وقطيـع سنونوات
يخـبرني.. أني تحفتـه
وأساوي آلاف النجمات
و بأنـي كنـزٌ… وبأني
أجمل ما شاهد من لوحات
يروي أشيـاء تدوخـني
تنسيني المرقص والخطوات
كلماتٍ تقلـب تاريخي
تجعلني امرأةً في لحظـات
يبني لي قصـراً من وهـمٍ
لا أسكن فيه سوى لحظات
وأعود.. أعود لطـاولـتي
لا شيء معي.. إلا كلمات