وجهك كأولِ بيتٍ في القصيدة
يعبّر نزار قباني في قصيدته عن جمال وجه المرأة قائلاً:
وجهك كأولِ البيت في القصيدة
يأخذني
يأخذني
كأنني شراعٌ
إلى شواطئ الإيقاع ليلاً
يفتح لي آفاقاً من العقيق
ويمنحني لحظة الإبداع
وجهك، لوجهٍ مدهشٍ،
كأنه لوحةٌ مائيةٌ
ورحلةٌ من أروع الرحلات
بين الآس والنعناع
وجهك
هو ذلك الدفتر المفتوح، يسحرني
عندما أراه في صباحٍ جديد
يقدم لي القهوة بابتسامته
وعبق التفاح
وجهك يدعوني
إلى آخر الشعر الذي أتعرف عليه
وآخر الحديث
وآخر الورد الدمشقي الذي أعشقه
وآخر الحمام
وجهك، سيدتي،
بحرٌ مليءٌ بالرموز والأسئلة الجديدة
هل أعود سالماً
بينما الرياح تلعب بي
وأمواج البحر تستفزني
والعشق يستفزني
ورحلتي بعيدةٌ جداً
وجهك، سيدتي،
هو رسالةٌ رائعةٌ
كتبت،
ولكنها لم تصل بعد إلى السماء
أحبك جداً
أحبك جداً
وأعلم أن الطريق نحو المستحيل طويلةٌ
وأعرف أنكِ تُعتبرين المرأة الأولى
ولا بديل لي سواكِ
وأعلم أن زمن الحب قد ولى
ومات الكلام الجميل
أنتِ ليست النساء، ماذا أقول؟
أحبك جداً
أحبك جداً وأعلم أنني أعيش في منفى
وأنتِ أيضاً في منفى، وفاصلٌ بيننا
ريحٌ، برقٌ، غيومٌ، رعدٌ، ثلوجٌ، ونارٌ
وأعلم أن الوصول إليكِ انتحارٌ
لكن يسعدني
أن أمزق نفسي من أجلكِ، أيتها الغالية
وحتى لو خيروني، سأكرر عشقي لكِ مرتين
يا من نسجت قميصكِ من ورق الشجر
يا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جداً وأعلم أنني أسافر في بحار عينيك دون يقين
وأترك عقلي ورأيي، وأركض خلف جنوني
يا امرأةً تمسك القلب بين يديها
أسألك بالله، لا تتركيني
لا تتركيني
فما أنا دونكِ؟
أحبك
أحبك جداً، جداً، جداً، وأرفض من نار حبك أن أستقيل
وهل يستطيع المتيم بالحب الاستقالة؟
لا يهمني أن خرجت من الحب حياً
أو أن خرجت قتيلاً
أحبك أحبك وهذا توقيعي
هل لديك شك أنك أجمل امرأةٍ في العالم؟
وأنك أهم امرأةٍ في الدنيا؟
هل يرتابك أني حينما عثرت عليكِ
ملكت مفاتيح الدنيا؟
هل لديك شك أني حين لمست يديكِ
تغير شكل العالم؟
هل لديك شك أن دخولك في قلبي
هو أعظم حدثٍ في التاريخ
وأفضل خبرٍ في الوجود؟
هل لديك شك في من أنتِ
يا من تحتل بعينيها أجزاء الوقت؟
يا امرأةً تكسر حين تمر جدار الصوت؟
لا أدري ماذا يحدث لي
فكأنك أنثاي الأولى
وكأني لم أحب أحداً قبلكِ
وكأني لم أعبر عن الحب، ولم أقبل
ميلادي أنتِ، وقبلكِ لا أتذكر أنني عشت
وأنتِ عنايةٌ، وقبل حنانك لا أتذكر أنني كنت
وكأني، أيتها الملكة،
خرجت من جوفك كالعصفور
هل لديك شك أنك جزءٌ من ذاتي
وأنني من عينيكِ سرقت النار
وأقمت بأخطر ثوراتي
أيتها الوردة، الياقوتة، والريحانة،
والسلطانة
والمعروفة بين جميع الملكات
يا سمكةً تسبح في ماء حياتي
يا قمراً يتلألأ عند كل مساءٍ من نافذة الكلمات
يا أعظم فتحٍ بين جميع اكتشافاتي
يا آخر وطنٍ ولدتُ فيه
وأدفن فيه
وأكتب فيه رواياتي
يا امرأة الدهشة، يا زوجتي
لا أدري كيف رماني الموج إليكِ
لا أدري كيف مشيت إليَ
وكيف مشيت إليكِ
يا من تتزاحم كل طيور البحر
كي تستقر في نهديكِ
كم كان حظي كبيراً حين عثرت عليكِ
يا امرأةً تدمجين الشعر في تركيبك
دافئةٌ كرم البحر
رائعةٌ كليلة القدر
من يوم طرق الباب عليَ، بدأ العمر
كم صار شعري جميلاً
عندما نضج بين يديكِ
كم أصبحت غنياً وقوياً
لما أهداني الله إليكِ
هل لديك شك أنك شعلة من عينيّ
ويداك استمرارٌ ضوئيٌ ليديّ
هل لديك شك
أن كلامك يخرج من شفتيّ
هل لديك شك
أنني فيكِ وأنك فيّ
يا ناراً تجتاح كياني
يا ثمراً يملأ أغصاني
يا جسداً يقطع كما يفعل السيف
ويضرب كالبراكين
يا نهداً يعبق كحقول التبغ
ويركض نحوي كحصانٍ
قولي لي
كيف أنقذ نفسي من أمواج الطوفان؟
قولي لي
ماذا أفعل وأنا في حالة إدمان
قولي لي ما الحل، فإن شوقي
وصل لحدود الهذيان
يا ذات الأنف الإغريقي
وذات الشعر الإسباني
يا امرأةً لا تتكرر في آلاف الأزمان
يا امرأةً ترقص حافية القدمين في مدخل شرياني
من أين أتيتِ وكيف أتيتِ
وكيف عصفت بوجداني؟
يا إحدى نعم الله عليّ
وغيمة حبٍ ورعاية
يا أغلى لؤلؤةٍ في يدي
آه كم أعطاني ربي
وشاية
أأنت الذي، يا حبيبي، نقلتَ
لزقزوق العصافير أخبارنا؟
تدق مناقيرها الحمراء على شباكنا
وتغمر مضجعنا بأصواتٍ زقزوقية
ومن أخبر النحل عن بيتنا
فقد جاء يقاسمنا منزلنا
يزين جدراننا بالنور
ومن يحكي قصة حبنا للفراشات
سيفضحنا، يا حبيبي، العبير
فقد علم الطيب مُيعدنا
ومن يحكي قصة حبنا للفراشات
سوف يلاحق آثارنا
سيفضحنا، يا حبيبي، العبير
فقد علم الطيب مُيعدنا