أشعار الشاعر أبي العلاء المعري: استكشاف بداياته وأفكاره

احذر من الخمر

احذر من الخمر؛ فهي تأسر القلب وتخلب العقل،

فهي غالبٌ في كل موقف، وقد خاب الرجاء الذي أعطته.

كالناقة التي نالت حظها من الشراب،

لا تجد منها غير الكذب وعدم الجدوى.

تُعتبر أشأم من ناقة البسوس،

حتى وإن استُجاب لطلبها.

يا صديقي، احذر عند تناول الحليب،

فقد يؤدي إلى تحوّل الأمور إلى ما لا يُحمد.

ما يشتمل عليه الكأس هو أفضل مما يجمعه النساخ والشعراء.

إن كانت تصاحب الروح عقلي

إن كانت تصاحب الروح عقلي بعد مغادرتها،

للموت عني، قد يحق لك أن ترى العجائب.

وإن انقضت في الهواء الفسيح هالكة،

فليكن هلاك جسمي في ترابي، فَواشجبا.

الدين هو إنصافك بين الناس جميعاً،

وأي دين يُقبل به الحق إن انقلب.

فالإنسان يعجز عن قود النفس بعناية،

للقيم وهو يقود الجنود الأشداء.

وصيامه في الشهر، ما لم يقترف ذنباً،

يغنيه عن صيام شعبان أو رجب.

ما تبعتُ نجيباً في شمائله،

وفي الفخر تبعتُ السادة الأصلاء.

واحذر من دعاء الضال في نعيمه،

فربما دعوة داعٍ تخرق الحجب.

الأمرُ أسهل

الأمر أسهل مما تُريد إخفاءه،

فلا تعقّد الأمور، يسّر ما صَعُب.

ولا يغضبك إن تم إخبارك بأمل،

ولا تهتم بخطأ إن سمعته.

إن كان عالمك الأرضي جدياً في خبر،

تصور جدهم كأنه لعب.

ما رأيك في ملكٍ تُخضع له؟

هل تفضل التعب على الراحة؟

لن تستقيم أمور الناس في زمن،

ولا أستطيع القول إن هذا أمن وذلك رعب.

ولا يقف على الحق فيه أبناء زمن،

منذ عهد آدم كانوا في الهوى تفرقات.

رأيت قضاء الله

رأيت قضاء الله الذي أوجبه خلقه،

وعاد عليهم في تصرفه ظلماً.

وقد غلب الأحياء في كل جهة،

هواهم، حتى وإن كانوا نبلاءً أقوياء.

كلابٌ تهاجم أو تعود لميت،

وأظن أني أصبحتُ أذلهم كلباً.

لم نرَ سوى خداع الصدور، ولكن،

ينال ثواب الله من أسلم قلبه.

وأي من أبناء الأيام يمدح قائلًا،

من جرب الأقوام، قدر لهم الثواب.

لا تفرح بفأل إن سمعت به

لا تفرح بفأل إن سمعت به،

ولا تُنكر إذا ما ناعبٌ نعب.

فالمسألة أفظع من سراء تتأملها،

والأمر أسهل من أن تقترن بالرعب.

إذا تفكرت تأملاً لا يمزجه،

فساد عقلٍ صحيح هان ما صعب.

فالعقل إن صلح أعطى النفس سعادتها،

حتى تموت، وسما جِدها لعبا.

ومعانات الغواني الغواني في ملاعبها،

ليست سوى خيالات وقت كأنها لعب.

زيادة الجسم تسببت في عناء حامله،

إلى التراب وزادت حفره تعباً.

من لي أن أقيم في بلدٍ

من لي أن أقيم في بلد،

يُذكر فيه بغير ما يجب.

يُعتقد أنني سهل التدين والعلم،

وأن بيني وبينها حواجز.

كل شهور السنة وحدها،

لا يمكن إهمال صفر أو رجب.

أقرت بالجهل وادعى فهمي قوم،

فإما أنا وإلا فهم في تعجب.

والحق أنني وهم مهدور،

لست شخصًا مميزاً، ولا هم فائزون.

والحالة ضاقت عن حصر جسدي،

فكيف لي أن يحيطني العذاب؟

ما أوسع الموت يستريح فيه الجسم المُعذب،

ويسكت الضجيج.

الله لا ريب فيه

الله لا شك فيه، وهو مُحتجب،

وبادٍ، وكلٌ إلى طَبعه ينسب.

أهل الحياة كإخوان الموتى، لذا،

أطالت السماء الضياء والعذب.

لا يعرف الجشع ما يلقى من مرارة،

إليه، والأري ما شعر وقد عذب.

سألتُموني، فجمعتني إجاباتكم،

من ادعى أنه يدرك فقد كذب.

إذا شئت أن يرضى

إذا أردت أن يرضى الله عن صفاتك،

فلا تغضب من فعل القدر.

فإن قرون الخيل قد جعلتك ناطحاً،

وإن الحسام العَضب قد لقاك بالعضب.

خضبت بياضك بصبابة من دماء،

بشركة قد زينتك، ويدك المخضبة.

وما كان حبل العيش سوى مُعلّق،

بعروة أيام الصبا، فتقطع.

ما غادرتُ مطلعَ هضبةٍ

ما غادرتُ مطلعَ هضبةٍ من الفكر،

إلا وارتقيتُ هضابها.

واحدة من أقل ما تحصل عليه الغواني هو التبرّج،

الذي يُظهر للعين زينتها وتخضيبها.

فإن عشت مع الكعاب، فاحذر،

وابذل جهدك لنيل رضاها وكن حذراً من غضبها.

فكم من مرة، سقت الأمور بتألقها،

من الغار، حين سقت الخليل بماءها.

وإن حبال العيش لم تعلّق بها،

يد الحيّ إلا وهي تخشى أن تنقض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top