ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم شخصية “قارون”، التي تُعتبر مثالاً للثراء والغنى حتى يومنا هذا. فعندما يُشار إلى شخص يمتلك ثروة طائلة، يُطلق عليه لقب قارون. كان قارون واحدًا من أغنياء قوم موسى عليه السلام، وتم توضيح مكان إقامته في القرآن الكريم، حيث عاش في مصر.
إقامة قارون
كان قارون يتمتع بثروة ضخمة، حيث امتلك العديد من الخزائن وكان يسعى إلى أن يصبح وزيرًا لفرعون. ينتمي إلى بني إسرائيل الذين عاشوا في مصر قبل خروجهم بها مع موسى عليه السلام. ويقال إن مكان إقامته في مدينة نينوى بالعراق.
من هو قارون؟
- كان قارون ينتمي إلى قوم موسى، وقد أنعم الله عليه بأموال طائلة لا تُحصى، لكن هذا الغنى جعله يتجبر ويظلم قومه.
- اشتد تكبره وعُوقب من قبل الله بخسف الأرض به، بينما لم يتعرض أحد من جيرانه للأذى.
الموقع المحتمل لقصر قارون
لا توجد دلائل قوية حول مكان قصر قارون أو المدينة التي كان يعيش فيها، لكن البعض يعتقد أن قصره موجود في محافظة الفيوم المصرية، حيث يُقال إنه كان قبل أن يخسف الله به الأرض، نظراً لوجود بحيرة تحمل اسم بحيرة قارون في تلك المنطقة.
الاعتقاد الشائع حول قصر قارون
- يُعتقد أن قصر قارون كان يحتوي على كرسي مزخرف بالذهب، وكان يجلس عليه بفخر، كما أن القصر كان ضخمًا.
تكون من ثلاثة طوابق واحتوى على أكثر من 200 غرفة، كما كان يتضمن مخرجًا للطوارئ في حال تعرضه لهجوم من الأعداء، وكان له طابق مخصص لخزائنه، ولكن الله سبحانه وتعالى قد خسف بالأرض كل ذلك.
قصة قارون كما جاءت في القرآن الكريم
يوضح القرآن الكريم أن قارون كان غنيًا ولكنه ظالم لقومه، كما أغرته ثروته التي زادت من تكبره وبغيه:
- عندما نصحه قومه بوقف ظلمه والتصدق من أمواله، ازداد تكبرًا واعتقادًا بأن ثروته لن تنتهي، مما جعله يتجاهل عبادة الله.
- كان يصوّر كل ما يملكه كانجاز له بفعل علمه وقدراته، مُنكرًا فضل الله عليه، فما كان من الله إلا أن خسف به وبثروته الأرض.
- في يوم من الأيام، خرج قارون إلى قومه متفاخرًا بزخرفه مما جذب انتباههم، فتمنوا لو كانوا في مكانته. لكن الله عز وجل لم يرغب في أن يُفتن عباده فانتقم منه.
- بعد أن خسف الله بقارون، لم يُنجِه تكبره أو فخره، فقد انشقت الأرض وابتلعت ثروته، مما جعله ضعيفًا وفقيرًا وهذا هو انتقام الله من أي جبار.
- تعجب الناس من مصير قارون وانتابهم الخوف من عقاب الله، حيث شكروا الله واستغاثوا به بعد أن كانوا يتمنون أن يصبحوا مثله.
أبرز المعلومات حول قصر قارون
يُقال إن قصر قارون قد دُمّر بالكامل، لكن تبقى منه بعض الآثار العظيمة كعبرة للناس، حيث:
- كان في واجهته كرسي مزخرف بالذهب، وفي أسفل الكرسي حفرة عميقة يقال إن عمقها يعادل ثلاثة طوابق، وقد يُعتقد أن هناك جثة قارون بداخلها.
- كان كل شيء في القصر مصنوعًا من الذهب، حتى الملابس، وكانت تتميز مستنداته بأنها مصنوعة من ورق البردي، وتحمل أرقامًا وحسابات تم نقلها إلى متحف القاهرة.
- تكون القصر من ثلاثة طوابق واحتوى على مئات الغرف، ولكن لم يتبقى منه سوى باب واحد من الجرانيت.
- نظرًا لثروته الهائلة، كان خدمه غير قادرين على حمل مفاتيح خزائنه العديدة والملأى بالذهب.
- يوجد أيضًا بحيرة قريبة من القصر التي أصبحت مزارًا سياحيًا فيما بعد.
حقيقة قصر البارون في الفيوم
- في محافظة الفيوم، على بعد 30 كيلومترًا من مدينة إبشواي، يوجد قصر قديم يُعرف بقصر قارون، ويُعتقد أنه هو نفسه الذي خسف الله به الأرض.
- بُني هذا القصر بطريقة مشابهة لبناء الأهرامات، لكن خبراء الآثار أكدوا أنه ليس قصر قارون، بل هو معبد يعود للعصر الروماني ويُعتقد أنه كان مخصصًا لعبادة الإله.
- لذا، يبقى العلماء في حيرة حول مكان إقامة قارون الحقيقية.
سبب تسمية قصر قارون في الفيوم بهذا الاسم
- يُؤكد خبراء الآثار أن تسمية قصر قارون في الفيوم ليست لأنه القصر الأصلي، بل لأن سكان المنطقة أطلقوا عليه هذا الاسم في العصور الإسلامية.
- ويعود السبب إلى قربه من بحيرة قارون، المعروفة بأعداد خلجانها وقرونها.
مكونات قصر قارون في الفيوم
- يتميز قصر قارون في الفيوم بمدخل واسع يحتوي على ثلاث صالات، بما في ذلك ما يُسمى “قدس الأقداس”.
- يتواجد في نهاية الصالة الثانية سلالم تؤدي إلى الطابق الثاني الذي يحتوي على أكثر من مائة غرفة، بالإضافة إلى ممرات ودهاليز تسمح بالوصول إلى سطح القصر.
- في الجهة الغربية من القصر يوجد معبد صغير مُزخرف بجدرانه برسوم بارزة تعود للعصر اليوناني.
- تحتوي الفيوم القديمة أيضًا على لوحة “سوبك” التي تتضمن رأس تمساح وجسد إنسان يرتدي تاجًا أبيض.
مكان كنوز قارون
- بيّن الله سبحانه وتعالى في القرآن أنه خسف بالأرض قارون وأمواله وكنوزه.
- والمقصود بالخسف هو انقلاب الأرض إلى جوفها.
- يمثل هذا دليلًا على أن كنوز قارون وما كان يمتلكه موجود في باطن الأرض.
- مع ذلك، تم اكتشاف كنز في تركيا مؤلف من 363 قطعة أثرية، يُعتقد أنها تعود لملك يُدعى “كروسس”، مما زاد من اعتقاد العلماء أنه قد يكون هو ذاته قارون.
مصدر ثروة قارون
- يُقال إن قارون كان فقيرًا في البداية، لكنه تمكن من بناء ثروة هائلة من التجارة.
- بركت الله له في أرباحه إلى حد يفوق التوقعات.
- بعض المصادر تشير إلى أنه وَهَب له الله العلم الذي يمكنه من صناعة الذهب من مواد رخيصة.
- يُقال إن قارون طلب من موسى أن يدعو الله ليُرزقه ثروة كبيرة.
- لكن بعد أن مُنح هذه الثروة، لم يُقدّر قيمتها وتكبر بها.
قارون في الحضارات الغربية
- في الثقافات الغربية يُعرف قارون باسم “كروسس”، حيث يستخدم الإنجليز تعبير “ثري كروسس” للإشارة إلى الثراء.
- بينما في السياق العربي والفارسي، احتفظ بالإسم الشهير “قارون”، مما أدى إلى استخدامه في أمثال الثراء.
مال قارون
- أنعم الله سبحانه وتعالى على قارون بالمال والسلطة لدرجة أنه لم يكن بمقدور من يخدمه حمل مفاتيح ثروته، حيث كان يتم حملها من قبل عدد كبير من الرجال، وأشار الله تعالى إلى ذلك في كتابه: “وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِيحَهُ لَتَنُؤُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ”.
- ولم يُشكر قارون الله على ما أُعطيه بل بالعكس، بدأ بالتجبر على قومه من بني إسرائيل، وعندما نصحوه، أصر على أن ما يمتلكه هو نتيجة علمه وجهده، وهو ما ذكره الله في قوله:
- “إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
- وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”
- “قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ.”
عقاب قارون
عندما أصر قارون على ظلمه لشعبه وعدم اعترافه بأن النعم التي يمتلكها هي من فضل الله، نال عقابه، فقد خسف الله به وبمنزله. كما وصف الله عقابه في كتابه: “فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ”.