الخلافة في الدولة الإسلامية
تاريخ الخلافة الإسلامية بدأ بعد وفاة النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث تولى أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كأول خليفة للمسلمين. تلاه عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهم جميعاً-، مما أفضى إلى انتهاء فترة الخلافة الراشدة. وقد بدأت بعد ذلك الخلافة الأموية بقيادة معاوية بن أبي سفيان. استمر الخلفاء الأمويون في حكمهم وإدارة شؤون الأمة، لكن كغيرهم من الخلافات، شهدت فترة حكمهم أوقاتاً من القوة والضعف، التي حاول خلالها المعارضون استغلال الظروف لتحقيق طموحاتهم الخاصة. وهذا ما تجسّد في شخصية محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الذي أسس الدولة العباسية، وقامت له بقتل آخر الخلفاء الأمويين، مما مهد لبداية عصر جديد من الخلافة يسمى الخلافة العباسية.
الخلافة العباسية
اختار ابنه العباس إقليم الكوفة وخراسان كمنطلق للدعوة العباسية، نظراً لكون هذين الإقليمين يمثلان معاقل للناقمين على الحكم الأموي، بالإضافة إلى بُعْدهم عن مركز الدولة الإسلامية مما يسهل الهروب إلى البلاد المجاورة في حال فشلت الحملة. وقد وقعت أول معركة بين قوات بني أمية وقوات العباسيين في خراسان، وتمكن العباسيون من تحقيق النصر وضم عدد كبير من المؤيدين. استمرت الحروب والعمليات العسكرية حتى تمكن السفاح، عبد الله بن محمد بن علي بن عباس، من القضاء على الأمويين وتأسيس الدولة العباسية في عام 136هـ. توالى بعد ذلك خلفاء عباسيون على الحكم، وكان من أبرزهم الخليفة هارون الرشيد الذي تولى الحكم في عام 170هـ وعمره حينها خمسة وعشرون عاماً.
هارون الرشيد
عُرف هارون الرشيد كواحد من أبرز الخلفاء الذين حكموا المسلمين في فترة الخلافة العباسية، حيث تجسد نجاح المسلمين بشكل كبير أمام الأمم الأخرى، إذ تمكنت جيوشهم من اجتياح أراضي الروم وغيرها بهدف نشر الدين الإسلامي. يتميز هارون الرشيد بكثرة الصلاة والعدل، وكان يحج كل عام ويخرج في غزوة في العام الذي يليه. خلال فترة حكمه، عاش الناس في مستوى من الرفاهية، حيث كان ينظر إلى السحابة ويقول: “أمطِري حيث شئتِ، فسيأتيني خراجُك”. توفي هارون الرشيد في عام 194هـ في مدينة طوس، بعد أن أصيب بمرض خلال توجهه إلى خراسان. وقد رأى في منامه يداً تمسك بقبضة من التراب وتخبره: “هذه تربة أمير المؤمنين”، فأمر غلامه أن يحضر قبضة من التراب من طوس، فوجدها هي نفس التراب الذي رآه في منامه، مما جعله يدرك أنه سيموت ويرتبط قبره بتلك البقعة، فأمر بحفر قبره وقام بقراءة ختمة للقرآن الكريم له، وبعد ثلاث ليالٍ توفي ودفن في قبره.