أضرار الكافيين
تُعتبر مادة الكافيين (بالإنجليزية: Caffeine) من المنشّطات الطبيعية التي تتواجد في العديد من الأطعمة والمشروبات، ويتناولها الملايين يوميًا لتحفيز اليقظة، وتقليل الشعور بالإرهاق، وتعزيز التركيز. ورغم انتشار الأحاديث حول فوائد ومخاطر تناول الكافيين، أظهرت بعض الدراسات أن الاستهلاك المعتدل يمكن أن يحمل فوائد وأضرار. وقد أوصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بعدم تجاوز الجرعة اليومية من الكافيين 400 ملليغرام، ما يعادل بين 2 إلى 3 أكواب من القهوة. ومن أبرز الآثار السلبية الناتجة عن الإفراط في تناول الكافيين:
القلق والتعب والأرق
تشتهر مادة الكافيين بقدرتها على تعزيز اليقظة من خلال تثبيط إفراز هرمون الأدينوسين (بالإنجليزية: Adenosine)، المسؤول عن الشعور بالتعب، وزيادة إفراز هرمون الأدرينالين الذي يعزز الطاقة. لكن، قد يؤدي الاستهلاك المفرط لها إلى شعور بالتوتر والقلق. وقد ربطت بعض الأبحاث بين زيادة تناول الكافيين وزيادة الوقت المطلوب للخلود إلى النوم، وتقليل الفترة الكلية للنوم، خصوصاً لدى كبار السن. بالمقابل، يبدو أن الاستهلاك المعتدل أو القليل لا يؤثر على النوم عند الأفراد الذين يمتازون بنوم جيد أو تلك الذين يعانون من الأرق. وقد أثبتت دراسات عدة أن المشروبات المنشطة التي تحتوي على الكافيين تحسن حالة اليقظة والمزاج لساعات، لكنها قد تؤدي غالبًا إلى تفاقم شعور التعب في اليوم اللاحق.
مشاكل الجهاز الهضمي
تعمل مادة الكافيين على تعزيز حركة الأمعاء من خلال زيادة انقباض وانبساط عضلات الجهاز الهضمي (بالإنجليزية: Peristalsis)، مما يمكن أن يؤدي إلى الإسهال أو البرُز الناعم لدى بعض الأفراد عند الإفراط في تناولها. وتظهر بعض الدراسات أن الكافيين قد يؤدي إلى تفاقم أعراض حالات معينة مثل ارتجاع المريء، خصوصًا عند استهلاك القهوة. ومن الجدير بالذكر أن الرأي الشائع بأن القهوة تسبب قرحة المعدة لم يُثبت في دراسة شملت أكثر من 8000 شخص.
ارتفاع ضغط الدم
توصلت عدة أبحاث إلى أن استهلاك الكافيين يرفع من ضغط الدم بفضل تأثيره المنشط على الجهاز العصبي. ومع ذلك، يُعتبر تأثير الكافيين على ضغط الدم مؤقتًا، ويظهر بشكل أكبر عند الأشخاص غير المعتادين على تناوله. كما أن الزيادة في تناول الكافيين لم تُظهر فائدة في رفع خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتات الدماغية (بالإنجليزية: Stroke) لدى معظم الأفراد. وقد ارتبطت زيادة الكافيين بارتفاع ضغط الدم أثناء ممارسة الرياضة لدى الأشخاص الأصحاء وكذلك أولئك الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم المعتدل.
سرعة ضربات القلب ومشاكل التنفس
قد تسجل زيادة استهلاك الكافيين ارتفاعًا في سرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها، أو حتى مشاكل في التنفس في بعض الحالات النادرة. كما أن الإفراط في تناول الكافيين قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة نتيجة التشنجات أو عدم انتظام ضربات القلب. وتُعتبر تغيّرات ضربات القلب، مثل الرجفان الأذيني (بالإنجليزية: Atrial fibrillation)، إحدى النتائج الشائعة بين الشباب الذين يتناولون مشروبات الطاقة المحتوية على نسب عالية من الكافيين. وعلاوة على ذلك، تختلف هذه التأثيرات بشكل كبير بين الأفراد، حيث أظهرت بعض الدراسات أن بعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية يمكنهم تحمل كميات كبيرة من الكافيين دون آثار سلبية.
كثرة التبول
تُعتبر زيادة التبول من الأثار الجانبية المرتبطة بالإفراط في تناول الكافيين نتيجة لتأثيره المنشط على المثانة. يظهر هذا التأثير بشكل خاص عند الأفراد المسنّين أو أولئك الذين يعانون من فرط النشاط في المثانة (بالإنجليزية: Overactive bladder) أو سلس البول. وقد يسهم الاستهلاك المفرط للكافيين في زيادة احتمالية حدوث سلس البول حتى لدى الأشخاص الأصحاء.
انحلال العضلات
أظهرت عدة دراسات أن انحلال العضلات المخططـة (بالإنجليزية: Rhabdomyolysis) يمكن أن يحدث نتيجة الإفراط في تناول الكافيين، وهي حالة خطيرة قد تؤدي إلى دخول ألياف العضلات التالفة في مجرى الدم، مما يسبب الفشل الكلوي وغيرها من المشكلات. لذلك، يفضل تقليل تناول الكافيين إلى حوالي 250 ملغ يوميًا، إلا في حال كان الشخص معتادًا على تناول كميات أكبر.
الخصوبة والحمل والرضاعة الطبيعية
قد يكون استهلاك كميات كبيرة من الكافيين أثناء فترة الحمل غير آمن، حيث أن تناول أكثر من 300 ملغ يوميًا، ما يعادل 3 أكواب من القهوة، يزيد من مخاطر الإجهاض وتأخر نمو الجنين، وقد يؤدي أيضًا إلى ضربات قلب غير طبيعية لدى الجنين (بالإنجليزية: Abnormal fetal heart rhythm). بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن الكافيين قد يقلل من فرص الحمل بنسبة تصل إلى 27%. أما أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، فإن الكافيين ينتقل إلى الرضيع عبر حليب الأم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم، والتهيج، وزيادة النشاط المعوي لدى الأطفال الذين يتناولون الحليب الطبيعي.
هشاشة العظام
يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الكافيين إلى التأثير على امتصاص الكالسيوم، مما يزيد من طرحه عبر البول. وينبغي على الأشخاص الذين يعانون من انخفاض كثافة العظام أو هشاشتها تقليل تناول الكافيين إلى 300 ملغ يوميًا أو أقل. كما يُستحب تناول الكافيين بحذر لدى النساء المسنات اللواتي يعانين من اضطراب وراثي يؤثر على تمثيل فيتامين د، إذ إن فيتامين د والكالسيوم يعملان بشكل متكامل لتقوية العظام.
إدمان الكافيين
يشعر بعض الأفراد بعدم القدرة على الانغماس في أنشطتهم اليومية إلا بعد تناول القهوة في الصباح. حيث ينشط الكافيين العديد من الآليات العصبية والدوائية (بالإنجليزية: Neuropharmacological mechanisms) التي أيضاً يتم تنشيطها من قبل بعض المنشّطات الأخرى، بما في ذلك المخدرات. وعليه، يمكن أن يصبح بعض الأشخاص معتمدين جسديًا على الكافيين، حيث تظهر أعراض الانسحاب كالصداع، التعب، النعاس، الاكتئاب، التهيج، صعوبات التركيز، والغثيان والقيء عند تقليل أو انقطاع الكافيين. تبدأ هذه الأعراض بالظهور عادةً بعد 12 – 24 ساعة من الامتناع عن تناول الكافيين، وقد تزداد شدتها بعد 20-51 ساعة، وتستمر لمدة تتراوح بين 2 – 9 أيام. هذا يفسر صعوبة الامتناع عن الكافيين للأشخاص المعتادين عليه. ومن الجدير بالذكر أن إدمان الكافيين ليس أمرًا مقلقًا، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يواجهون أعراض الانقطاع، يُفضل تقليل الكمية بشكل تدريجي حتى يتمكن الجسم من التكيف مع كميات أقل.
تأثير الكافيين على الأطفال والمراهقين
يحذر أطباء الأطفال من مخاطر تناول الأطفال للمشروبات الغازية المحتوية على الكافيين، نظرًا لعدم اتضاح تأثير الإفراط في استهلاك الكافيين. تشير بعض الأبحاث إلى أن الكافيين يؤثر على النوم والتعلم لدى المراهقين، مما يؤدي إلى إعاقة النمو العصبي الطبيعي خلال مرحلة البلوغ. ويعتبر بعض علماء النفس أن نمط استهلاك الكافيين أو الإدمان عليه قد يؤديان إلى تعاطي المخدرات أو إدمان الكحول في وقت لاحق.