قصيدة طلعت طلوع الشمس بالنور والندى
يقول الشاعر جبران خليل جبران:
طلعت طلوع الشمس بالنور والندى
فلا زلت شمس البر، يا ربة الندى، وقد تحرم الشمس العفاة شعاعها
ولم تحرميهم منك في حالة يدا
لمقدمك الميمون مصر تهللت
وجناتها افترت، وبلبلها شدا
أرى بسمات للقاء تألقت
على كل وجه كان إذ غبت مكمدا
وأسمع في الآفاق من كل جانب
أناشيد بشرى في النفوس لها صدى
جماهير في طول البلاد وعرضها
من الحافظين العهد غيبا ومشهدا
يُهنئ كل منهم النفس أن يرى
إلى الوطن المشتاق عودك أحمدا
تنادت بنات الشعر يضفرن للتي
تخلدها الألاء تاجا مخلدا
وذاك إذا باهى بتاجيه قيصر
له رونق أزهى وأبقى على المدى
أيعدل باق صيغ من جوهر النهى
ببعض الثرى الفاني وإن كان عسجدا
حقيق بوادي النيل إبداء سعده
على أن ما في النفس أضعاف ما بدا
فإن التي يُعلي بحق مقامها
لاهل بإجماع الموالين والعدى
أما هي أرقى نسوة الشرق شيمة
ونبلا وأسماهن جاها ومحتدا
إلى أوجها الأعلى رفعت تحيتي
وفي كل قلب رجعها قد ترددا
وأحسبني عن مصر نبت وأهلها
وعن مجد مصر دارسا ومجددا
وعن كل محزون وعن كل بائس
بهذه الديار عاد عن باب الأميرة بالجدا
وعن كل ملهوف أغاثت وحرة
من العاثرات الجد مدت لها يدا
وعن كل خريج بعلم وصنعة
أقامت له في ساحة الفضل معهدا
وعما أعدت لليتيم فثقفت
فرب يتيم عاد للخلق سيدا
أيا آية الشرق التي ضنت العلى
بأشرف منها في العصور وأمجدا
دعوك بأم المحسنين وأنها
لدعوة صدق في فم المجد سرمدا
فأنت لهم أم، وأنت أميرة
أجل ولك الدنيا وأجوادها فدى
قصيدة ولو المدينة وجهكم ودعوني
ولو المدينة وجهكم ودعوني
أنا في هواي وعزلتي وجنوني
عودوا إلى البلد الأمين وغادروا
بلدا لبعد الناس غير أمين
عودوا إلى حيث النمائم والأذى
ولاعيش بين وساوس وظنون
حيث الرذائل في مرافل عزة
حيث الفضائل في غلائل هون
حيث الضيافة للنزيل المترجى
ما شاء حتى العرض حتى الدين
حيث التجارة بالوداد وبالقلى
وبكل رأي في الحياة أفين
حيث المصون هو الحطام المقتنى
وفاف ذات الخدر غير مصون
حيث المسيء إلى أخيه بمنه
طاوي الضلوع على ندى ممنون
حيث الفتى كالشيخ يحني راسه
ويرى الحقيقة رؤية التخمين
بادي الهموم ولا هموم وإنما
هن البقايا من طلا ومجون
تلك الحضارة لا أحب خلاقها
وأرى محاسنها شباك فتون
ماذا دهاني في اختباري أهلها
من كذب آمالي وصدق عيوني
قصيدة صفاء العيش في شمل جميع
صفاء العيش في شمل جميع
له الجنات والصرح المهيا
طروب حسه غرد هواه
لطهور ماؤه عف الحميا
جميل ضم كل جميل فعل
لنقي القلب وضاح المحيا
بدا سعد السعود به يرينا
لبأوج العز مجتمع الثريا
فوق الكلام العمل
فوق الكلام العمل
به نجاح الأمل
أيهما مفلح
من قال أم من فعل
قبل الشروع اتئد
ذاك أوان المهل
فالخير في السير عن
روية لا عجل
وبعد أقدم بلا
تردد أو وجل
فإن تصمم ولم
تحجم فأنت البطل
تكامل فيها الحسن والمكر أجمعا
كأنهما صنوان قد ولدا معا
ودرهما ثدي لأم فأرضعا
وشيا بحجر واحد وترعرعا
وضما بعقد مبرم غير منحل
فلو زرتها مملوءة النهد معصرا
لأبكاك ما ساءت خصالا ومخبرا
وسرك ما شاقت جمالا ومنظرا
وقلت أليلى هذه وبها أرى
أشد طباق في الطوية والشكل
نعم هي ليلى لكن الآن تكذب
ويكذب منها الحاجب المتحدب
ويكذب فيها قلبها المتقلب
ويكذب من بعد شذاها المطيب
على غير ما ظنت بها الناس من قبل
وتكذب في ميلادها وولائها
وتكذب في ميعادها ورجائها
وزرقة عينيها وبرد صفائها
وحمرة خديها وورد حيائها
وفي عطفها المضنى وفي ردفها العبل
وتخلق زورا في المحاجر أدمعا
وتنشيء لونا للحياء مصنعا
وتنسج للتمويه في الوجه برقعا
وتبكي كما تفتر في لحظة معا
وترضى مع الراضي وتأسى لذي الغل
تخاطب كل بالذي في ضميره
لما هي تدري من خفي أموره
وتعجبه في حزنه وسروره
وتصطاده لطفا بفخ غروره
فيغتر عن حزم ويسخو على بخل