صلاة الجمعة
يوم الجمعة هو يوم مميز يرتبط بصلاة الجماعة، حيث يُستنبط اسمه من تجمع الناس للصلاة. وذهب البعض إلى القول إن التسمية تعود لجمع الطين الذي خُلِق منه آدم عليه السلام، في حين أشار آخرون إلى أن آدم وحواء التقيا لأول مرة على الأرض في هذا اليوم. ويُعتبر كعب بن لؤي أول من أطلق عليه اسم “يوم الجمعة”، بينما كان يُعرف سابقًا باسم يوم العروبة. ويُعتبر الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع، وقد أكدت كل من القرآن الكريم والسنة والإجماع على وجوب صلاة الجمعة. في القرآن يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)، حيث يُشير الأمر بالسعي إلى أهمية الصلاة، ويُوضح أن الانشغال بالتجارة يُعد عائقًا يحول دون أداء هذه العبادة. كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ)، وهذا يُبين شدة أهمية الالتزام بأداء صلاة الجمعة.
أدنى عدد من المصلين لإقامة الجمعة
تباينت آراء الفقهاء حول العدد الأدنى اللازم لإقامة صلاة الجمعة، كما يلي:
- الحنفية: وفقًا للإمام أبو حنيفة ومحمد، يكتفي بثلاثة مصلين بالإضافة إلى الإمام، بينما رأى أبو يوسف أن الحد الأدنى هو اثنان. وقد رُوي أن مصعب بن عمير -رضي الله عنه- أقام صلاة الجمعة في المدينة المنورة مع اثني عشر رجلًا، حيث إن العدد ثلاثة يُعتبر بمثابة جماعة.
- المالكية: يُحدد المالكية أن العدد الأدنى لإقامة صلاة الجمعة هو اثنا عشر رجلاً من الأحرار المستوطنين، بشرط أن يبقوا مع الإمام من بداية الخطبة وحتى انتهاء الصلاة.
- الشافعية والحنابلة: اتفقا على أن العدد الأدنى اللازم لإقامة صلاة الجمعة هو أربعون رجلاً من الأهل، بما في ذلك الإمام، استناداً إلى قول كعب بن مالك: (أوَّلُ من جمَّعَ بنا في هزمِ النَّبيتِ من حرَّةِ بني بياضةَ … قالَ أربعون).
شروط صلاة الجمعة
تنقسم شروط صلاة الجمعة إلى ثلاثة أقسام رئيسية، على النحو الآتي:
- شروط للصحة والوجوب معًا: وهذه الشروط إذا فقدت تُبطل الصلاة ولا يُطالب بالقيام بها، وتتضمن ثلاثة شروط رئيسية:
- وجود بلدة مناسبة: اشترط الحنفية أن تُقام الجمعة في مدينة أُقيم فيها القضاء والخصومات، ويجب أن تكون القرى المحيطة قريبة من المدينة لحضور الصلاة. بينما يشترط المالكية أن تُعقد في مكان صالح للاستيطان، بينما أقر الشافعية بإقامتها في أي منطقة مبنية. وأكد الحنابلة على إمكانية إقامتها في أماكن قريبة من الحضارة.
- إذن السلطان: قامت الحنفية على شرط وجود إذن السلطان لإقامة صلاة الجمعة، بينما يُعتبر المالكية والشافعية والحنابلة أن ذلك ليس ضروريًا.
- دخول الوقت: يُشترط أن تبدأ صلاة الجمعة بعد دخول وقت صلاة الظهر، والذي يستمر حتى دخول وقت العصر، ولن تكون صلاة الجمعة مُعترف بها إذا كانت خارج هذا الوقت، حيث تُستبدل بصلاة الظهر.
- شروط الوجوب فقط: وهي شروط لا يستدعي فقدانها العدم في المطالبة، وتتطلب خمسة أمور، منها المراعاة العامة كالعقل والبلوغ:
- الإقامة: لا تجب صلاة الجمعة على المسافرين، بل تُفرض على المقيمين، فلا فرق في الطول أو القصر.
- الجنس: لا تُفرض صلاة الجمعة على النساء.
- الصحة: تتطلب القدرة الجسدية السليمة للحضور.
- الحرية: لا تجب الجمعة على العبد المملوك.
- القدرة: يجب أن تكون مهيأً للمجيء، ويُعتبر الأعمى قادراً إذا كان لديه من يقوده.
- شروط الصحة فقط: وهي الشروط التي تُبطل الصلاة عند فقدانها:
- الخطبة: يجب أن تسبق صلاة الجمعة خطبتين، وفقًا لما أقره الفقهاء.
- الجماعة: تُعتبر صلاة الجمعة جماعية، ولا تصح دون توفر العدد المحدد.
- المكان: يتوجب أن تُقام صلاة الجمعة في مكان معروف وبزخم، مع موافقة عامة.
- عدم تعدد الجمعة: لا يُسمح بإقامة أكثر من جمعة واحدة في البلدة الواحدة.