قصيدة لأنني أحبك
تعالي أحبك قبل أن نفترق،
فلم يتبق في العمر سوى اليسير.
أقبلنا إلى الحياة بحلمٍ نقي،
غير أن الزمن القاسي قد جَفَّ علينا.
حلمنا بأرضٍ تسكب الحكايا،
حيث تأوي الطيور وتحتضن النخيل.
رأينا في الربيع بقايا الجمر،
ولاحت لنا الشمس ذكرى جميلة.
حلمنا بنهرٍ عشقناه وكأنا شراباً،
رأيناه يوماً يسيل كدماءٍ غزيرة.
فإن جفَّ العمر في يدي،
فحبك عندي هو نبعٌ وكنز.
وما زلتِ كالسيف في شموخي،
تقيد أحلامي في قفصٍ ذليل.
وما زلت أعرف أين تكمن الأماني،
وإن كان الطريق طويلاً ومضيئاً.
تعالي، ففي عمري حلمٌ عنيدٌ،
فما زلتُ أبتغي ما يبدو مستحيلاً.
تعالي، فما زال في الفجر نور،
وفي الليل بدرٌ يبتسم جميلاً.
أحبك والعمر حلمٌ نقاء،
أحبك واليأس كقيودٍ ثقال.
وتبقين وحدكِ في عيني،
إذا ضللت طريقي، فأنتِ سياجي.
قصيدة مدينتي بلا عنوان
الحنين هو أن نجد الأمان في أحلامنا،
ألا يضيع الوقت في قيودٍ تكبّلنا.
ألا تمزقنا الحياة بخوفها،
أن يشعر المرء بمعاناة الآخرين.
أن نصنع من الأيام طيفاً هادئاً،
أن نغرس الأحلام كأنها بستان.
ألا يعاني أبناؤنا من الجوع غداً،
ألا يضيق الإنسان بالحرمان.
قصيدة في رحاب الحب
جعلتكِ الكعبة التي يتجه إليها الناس،
ويأتي إليك الجميع من كل مكان.
صنعتُ من حبكِ نشيد العالم،
يتراقص كالشعاع حالماً.
كم ضمتكِ عيناي بحنينٍ،
وكم احتضنتكِ بشوقي تعباً.
وكم هامت عليكِ ظلال قلبي،
وفي عينيك، كم سبحت شراوعي.
عدتُ لكعبتي فوجدتُ رماداً،
وزهوراً تتلاعب بها الأفاعي.
عبدتكِ بالهوى زمناً طويلاً،
والآن أجد نفسي أهرب من الضياع.
قصيدة حبيبتي .. تغيرنا
تغير كل شيء فينا، تغيرنا،
تغير لون بشرتنا.
تساقط زهر أزهارنا،
تهاوى سحر ماضينا.
تغير كل شيء، تغيرنا،
زمان كان يسعدنا، أصبح يشقينا.
حبٌ عاش في دمنا، تسرب بين أيدينا،
وشوقٌ كان يحملنا، أسكرنا بأمانينا.
ولحنٌ كان يبعثنا، إذا ماتت أغانينا، تغيرنا.
تغيرنا، تغير كل شيء فينا،
وأعجبني حكايتنا، تكسر نبضها فينا.
كهوف الصمت تجمعنا، دروب الخوف تلقينا،
وصرتِ حبيبتي طيفاً لمن كان في صدري.
عشنا العمر فرحاً،
وعشنا العمر حزناً.
غدونا بعده أشباحاً، فمن يا قلب يحيينا؟
قصيدة وعادت حبيبتي
يا ليل، لا تلمني إن رحلت مع النهار،
فالنورس الحائر قد عاد إلى وطنه، ولم يعد يستأنس بالبحر.
وأنامل الأيام تلمس دقات قلبها،
حتى دموع الأمس تغار من فرحي.
وفمي يُعانق ابتسامات رحلت عني،
حتى أستطعت أن أحسبها تعود إلى المكان.
فالضوء عمّ ظلال العمر، فبدأ الصباح.
يا ليل، لا تلمني،
سأظل أراك في أحلامي.
تشعرين بالألم البعيد يهزني في راحتيك،
وشعرت أني دائما ألقي أحزاني عليك،
الآن أرحل عنك في أملٍ جديد.
كم عاشت الآمال ترقص في خيالي البعيد،
وعشت في سرور كطفل،
يشتاق يوم عيد.
حتى رأيت القلب ينبض من جديد،
لو كنت تعلم أنها مثل النهار،
يومًا سترينني معها،
ستجدين أنني لم أخنك، لكنني،
قلبي يحن إلى النهار.
يا ليل، لا تلمني،
قد كنت تعرف كم عانيت من خيالاتي.
ضحكت.. في غباء.
كم أخبرتني أن الخيال هو جرائم الشعراء،
وظننت يوماً أننا سنظل دائمًا أصدقاء.
أنا زهرة عبرت التراب بعطرها،
ورحيق عمري تاه مثلك في السماء.
يا ليل، لا تلمني،
أتراك تعرف لوعة الأشواق،
التنهد للحزن.
رد الليل الحزين وقال بألم:
أنا، يا صديقي، أول العشاق،
واطلب شمس حياتي،
غرست حب الشمس في أعماقي،
لكن الشمس خانتني ورحلت لهجرها.
ورأيتها يوماً تتأمل الغروب،
تحلم بالسهر،
قالت: أحببت القمر، فلا تلمني
على خيانة أو هجر،
فالحب معجزة القدر.
قصيدة غداً.. نحب
جاء الرحيل يا حبيبتي، جاء الرحيل،
لا تنظري للشمس في أحزانها،
فغداً سيبتسم الضوء بين النخيل.
ولتذكري كل يوم عندما،
يشتاق قلبك للأصالة.
وستشرق الأزهار رغم دموعها،
وترجع ترقص كما كانت على الغصن الجميل.
ولتذكري كل عام كلما،
همس الربيع بشوقه نحو الزهر،
أو كلما جاء المساء معذبًا،
كي يصب الحزن في ضوء القمر.
عودي إلى الذاكرة، وكانت روضة،
نثر الزمان فيها الزهرة.
إن كانت الشمس الحزينة قد خفت،
فغداً سيعود الدفء إلى بيتنا،
والزهور ستعود ترقص من حولنا.
لا تقولي أن الحب سيموت حزنًا،
فالحب وُلِد مع الوجود وعاش قبلنا.
وغداً سنحب كما بدأنا منذ سنوات.. حبنا.
قصيدة عذراً حبيبي
في كل عام كنت أحتفل بزهرة،
تشتاق إليك،
في كل عام كنت أجمع بعض أيامي،
وأتركها لك عبيرًا في يديك.
في كل عام كانت الأحلام كالبستان،
تزين مقلتيّ ومقلتيك.
في كل عام كنت تسافر يا حبيبي في دمي،
وتعود دوماً إلى شاطئيك.
لكن أزهار الشتاء كانت بخيلة،
بخلت على قلبي كما بخلت عليك.
عذراً حبيبي،
إن جئت إليك بدون أزهاري،
لأتخلص من بعض أحزاني لديك.
قصيدة لا أنت أنت.. ولا الزمان هو الزمان
أنفاسنا تائهة في الأفق،
تبحث عن مكان،
وجثث السنوات نائمة بين أضلاعنا،
فأشم رائحة شيء مات في قلبي.
تسقط دمعتان.
فالعطر عطرُك، والمكان هو المكان،
لكن شيئًا ما كُسر بيننا،
لا أنت أنت، ولا الزمان هو الزمان.
عيناك هاربتان من ثأر قديم،
والوجه يحكي سردابًا عميقًا،
وآمالٌ ميتة، وحلم زائف،
ودموعٌ تحاول أن تجد بريقًا.
عيناك تمثال يروي قصة،
ولا يعرف الكلام.
وعلى شواطئها بقايا حطام،
فالحلم ابتعد منذ زمن،
والشاطئ المأسور ينتظر المجتاز.
وشواطئ الزمن قد سئمت كهوف الانتظار،
الشاطئ المسكين يشعر بالدوار.
لا تسأليني،
كيف ضاع الحب في دربنا،
يأتي إلينا الحب، ولا ندري لماذا جاء.
قد يمضي ويتركنا رماداً.
فالحب أمواج، شواطئ، وأعشاب،
ورائحة تفوح من الغريق.
العطر يخصك، والمكان هو المكان،
واللحن نفسه يعيدنا إلى الأساس،
أسكرنا وعربد في أعماقنا.
فذابت مهجتان،
لكن شيئاً من رحيق الأمس ضاع.
حلمٌ تراجع، توبة أدت لفشل، ضمير ضاع.
ليل في طرق اليأس يلتهم الشعاع،
الحب في أعماقنا طفلٌ ضاع كالغريق،
نعيش الوداع، ولم نفكر سوى في الوداع.