أسباب أزمة 1929
تُعرف أزمة عام 1929 أيضًا بالكساد الكبير، حيث شكلت انتكاسة اقتصادية حادة على المستوى العالمي امتدت من عام 1929 وحتى 1939. وقد نتجت هذه الأزمة عن عدة عوامل، من أبرزها:
انهيار سوق الأوراق المالية في عام 1929
تدهور سوق الأوراق المالية بشكل حاد في عام 1929، مما أدى إلى حدوث حالة من الهلع بين المستثمرين الذين ضخّوا أموالاً طائلة في السوق، خاصة عندما سجلت أسعار الأسهم ارتفاعًا غير مسبوق. ومع بدء انخفاض الأسعار، انطلق المستثمرون في بيع أسهمهم بشكل جماعي دون encontrar مشتريين، مما أدى إلى تفاقم الوضع حتى انخفضت الأسعار بنسبة 33%، وفقد الناس الثقة في السوق المالي.
أخطاء بنك الاحتياطي الفيدرالي
يعتقد الكثيرون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد ساهم في تفاقم أزمة الكساد الكبير من خلال زيادة أسعار الفائدة، مما أدى إلى تدني الإقراض. اعتقد البنك أن تقليل المعروض النقدي أمر ضروري للحفاظ على معيار الذهب الذي كانت العديد من الدول تربط قيمة عملتها به. ومع ذلك، أكد هذا التخفيض في المعروض النقدي إلى هبوط الأسعار، مما أثر سلبًا على الإقراض والاستثمار وزاد من حدة الكساد.
ضعف اقتصادات الدول
ظهرت العديد من نقاط الضعف في الاقتصاد العالمي مع تغيرت طبيعة الاقتصاديات في مختلف الدول. إذ بدأت الدول تعيد النظر في انتعاشها الاقتصادي خلال عشرينيات القرن الماضي بعد الحرب العالمية الأولى، وتغيرت أنماط إنفاق واهتمام المستهلكين بشكل ملحوظ. فقد أصبح شراء المستهلكين الأمريكيين للسلع طويلة الأجل مثل الأجهزة الكهربائية والسيارات أكثر أهمية بالمقارنة مع عدة سلع أخرى.
سار هذا الارتفاع في الاستهلاك في اتجاه تعزيز ثروة أصحاب الأعمال، لكنه جعلهم أكثر هشاشة تجاه التقلبات المفاجئة في ثقة المستهلكين. كما زادت المنافسة بين الدول المنتجة بشكل كبير، ما قضى على التعاون بينها، والذي كان يعتبر عنصرًا أساسيًا لإدارة النظام المالي الدولي، وكانت قدرة الدول على التعاون لحل المشاكل المالية ضعيفة مما أثر سلبًا على جهود أي دولة في السيطرة على تلك المشاكل.
معيار الذهب
بعد انهيار سوق الأوراق المالية، بدأ المستثمرون القلقون يستبدلون دولاراتهم بالذهب؛ حيث كانت الولايات المتحدة تتبع في ذلك الوقت معيار الذهب، مما يسهل عليهم تحويل الدولار إلى ذهب. أدى هذا الطلب المتزايد إلى تدفق كبير من الذهب إلى الولايات المتحدة.
نتيجة لذلك، قامت البنوك المركزية الأجنبية برفع أسعار الفائدة لمواجهة التهديدات من الولايات المتحدة، حيث انخفضت احتياطيات الذهب لديها بسبب استبدالها دولارات لاستعادة الثقة. هذا الارتفاع في أسعار الفائدة أدى إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، مما زاد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية في العديد من الدول.
نتائج وآثار أزمة 1929
على الرغم من أن جذور الكساد الكبير تعود إلى الولايات المتحدة، إلا أن آثاره امتدت لتؤثر على اقتصاديات معظم دول العالم، ما أسفر عن العديد من النتائج التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
الآثار الاقتصادية
انكمش الاقتصاد بنسبة 50% خلال السنوات الخمس الأولى من الكساد الكبير عام 1929، حيث تراجع مؤشر أسعار المستهلك (CPI) الذي يُستخدم كمقياس للتضخم. نتج عن هذا الانخفاض إفلاس العديد من الشركات، وزيادة معدلات البطالة بصورة كبيرة حتى وصلت إلى 24.9% في عام 1933.
الآثار الاجتماعية
أدى الكساد الكبير إلى تدمير القطاع الزراعي، حيث انخفضت أسعار المنتجات الزراعية بشكل حاد واستمر هذا الوضع لمدة تقارب 10 سنوات، مما دفع العديد من المزارعين للهجرة بحثًا عن فرص العمل. وشهد المواطنون أوقاتًا صعبة أدت إلى حدوث حالة من الاكتئاب العام، حيث ظنّوا أن الحلم الأمريكي في الحصول على السعادة والحقوق قد انتهى.
الآثار السياسية
تسببت الأزمة في اهتزاز الثقة في النظام الرأسمالي في الولايات المتحدة، الذي يعتمد على مبدأ عدم التدخل الذي دعا إليه الرئيس هربرت هوفر. ونتيجة لذلك، تم انتخاب فرانكلين روزفلت رئيسًا، الذي اتخذ مجموعة من الإجراءات للحد من آثار الكساد.
الآثار على البنوك
شهدت البلاد انهيار ثلث البنوك خلال فترة الكساد، مما أدى إلى خسارة الناس لما يقارب 140 مليار دولار من مدخراتهم. وقد استخدمت البنوك أموال المودعين للاستثمار في سوق الأوراق المالية، مما دفع المودعين إلى سحب أموالهم بشكل عاجل. وبالتالي، توقفت العديد من البنوك عن العمل.
الآثار على سوق الأوراق المالية
انخفض سوق الأوراق المالية بنسبة 90% من قيمته بين عامي 1929 و1932، ولم يتمكن من التعافي لمدة 25 عامًا، مما أدى إلى فقدان ثقة الناس به. وبالتالي، تكبدت الشركات والبنوك والمستثمرون خسائر جسيمة، حتى أولئك الذين لم يستثمروا في السوق تحملوا أضرارًا.