سما لك شوق بعد أن كان أقصر
لقد ارتفعت بداخلي مشاعر الشوق بعد أن كانت مضمرة
وحلت سُلَيمى في مكان عزيز، فتبعثرت مشاعري
كأنها كينانية غريبة برزت، وداخل قلبي حنان عميق
مجاورة لغسان، والحيُّ يزدهر ويستمر
إن بعينيّ تثير الدهشة لغياب أصدقائي الذين لم يعودوا
على جانب العيون أمام تيمار الخلابة
فشبهتهم من بعيد عندما أخذتهم الأدغال
يقتربون من حدائق دوم أو في سفينة مبحرة
أو تلك الشجرات من نخيل ابن يامن
ترتفع في صفاء الجمال بلونها الذهبي
وفي موضع الشجر الأصفر، كان هناك سوامق رائعة
فيها عنان تتفتح بألوانها الجميلة
أخفتها قبيل الرُبد من آل يامن
بأسيافهم حتى عادت الأمور إلى نصابها
ورضيت قبائل الرُبد وفخرهم قد عُمق
وأكمامهم حتى إذا ما انشفت
أحاط بهم الجيل عند مداهمتهم
تتردد في أعين الجميع حتى تدهشهم
كأنها دمى مشغوفة على ظهر المرمر
تغطيها مجاميع بألوان زاهية
غرائزر في حوائل مغلقة، وصون وعطاء
تُزينها ياقوتاً وحُلي فيه فائض
وحضرت رائحة فاخرة في حُقَّة حِميَرِيَّة
تتضطر بالنفحات من المسك الفاخر
وارتمت بألوان عصرية من الهند
ورندة ولُبنى وباقي الزهور السامقة
تستدين بحب من الحبيب وتترك ذكرى
فأصبحت سُلَيمى وقد انقطع حبل الأمل
أرانا موضعين لأمر غامض
لقد أرانا موضعين لأمر غامض
ونسحر بالطعام، وبالمشروبات
عصافير وذباب ودود
وأجرأ من نباح الذئاب
فأعتذر من اللوم، عذولي، فإني
سأكتفي بالتجارب ونسب عائلتي
إلى جدري الثرى التي جرت في عروقي
وهذا الموت يسلبني شبابي
ونفسي، سوف يسلبها، والخطيئة
تلاحقني، وشكا بالتراب
ألم أر المطي بكل عيب
في طول، يتلألأ كالسحاب
وأسافر في الهِمام المجر حتى
أنال مآكل القحم الرغاب
وكل مكارم الأخلاق أصبحت
بها همتي، ومن خلالها اكتسابي
وقد جلت في الآفاق، حتى
رضيت بما غنمت بالإياب
بعد الحارث الملك ابن عمرو
وبعد الخير حجر، الذي يحمل القباب
أرجو من تقلبات الزمان لطفاً
ولم أغفل عن السهل الوعر
وأعلم أنني، قريباً،
سأنشب في شباك الظفر والناب
كما واجه أبي حجر وجدّي
ولا أنسى قتيلاً بالكلاب
لعمرك ما قلبي إلى أهله بحر
لَعَمْرُكَ ما قَلْبي إلى أهْلِهِ بِحُرِّ
ولا مُقصِّر في يوم فيأتيني بقرّ
ألا إنّمَا الدهرُ ليالٍ وأعصُرٌ
وليسَ على شيء قويم بمستمرّ
ليالٍ بذاتِ الطلحِ عند محجر
أحَبُّ إلَيْنَا من ليالٍ على أقرّ
أغادي الصبوح عند هرٍّ وفرتني
وليداً، وهل أفنى شبابي غير هر
إذا ذقتُ فاها قلت طعم مدامة
معتقة، مما تجيءُ به التجارة
هُمَا نَعجَتَانِ مِنْ نِعَاجِ تَبَالَة
لَدَى جُؤذَرَينِ أو كبعض دمى هَكِرْ
إذا قَامَتَا تَضَوّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا
نَيسمَ الصَّبَا جاءتْ برِيحٍ من القُطُر
كأنّ التِّجَارَ أصْعَدوا بِسَبِيئَةٍ
من الخَصّ حتى أنزَلوها على يُسُر
فلمّا استَطابوا صُبَّ في الصَّحن نصْفُهُ
وشجت بماء غير طرق ولا كدر
بمَاءِ سَحَابٍ زَلّ عَنْ مَتنِ صَخرَةٍ
إلى بطن أخرى طيّب ماؤها خصر
لَعَمْرُكَ ما إنْ ضرّني وَسْطَ حِميَرٍ
وأوقولها إلا المخيلة والسكر
وغيرُ الشقاء المستبين فليتني
أجرّ لساني يومَ ذلكم مجر
لَعَمْرُكَ ما سَعْدٌ بخُلّة آثِمٍ
وَلا نَأنَإٍ يَوْمَ الحِفاظِ وَلا حَصِر
لَعَمرِي لَقَوْمٌ قد نَرَى أمسِ فيهِمَ
مرابط للمهرات والعكر الدثر
أحبُّ إلَيْنَا من أناسٍ بقُنّةٍ
يَرُوحَ عَلى آثَارِ شَائِهِمُ النَّمِير
يُفاكهنا سعدٌ ويغدو لجمعنا
بمَثْنى الزِّقَاقِ المُتَرَعَاتِ وَبالجُزُر
لعمري لسعدٌ حيث حلت ديارهُ
أحبُّ إلينا منكَ فافرسٍ حمر
وَتَعْرِفُ فِيهِ مِنْ أبِيهِ شَمَائِلًا
ومن خاله ومن يزيدَ ومن حُجر
سَمَاحَة َ ذَا وَوَفاءَ ذَا
ونائلَ ذا إذا صحا وإذا سكر
ديمة هطلاء فيها وطف
دَيمَةٌ هَطلاء تُغطي المساحة
تُطبق الأرض بشلالات متدفقة
تُخرج الحب إذا ما اشتد الجدب
وتخفيه إذا ما كانت تتكرر
وترى الضب خفيفاً ماكرًا
وهو بجذعه يناور كما يريد
وترى الشجر يبرز في رطوبته
كأنها رؤوسٌ قطع فيها الخُمُر
ساعةً ثم يندفع طوفان
حاملًا الأجزاء، ومُنهجمًا منهاراً
راح تسير به الصبا ثم انطلق
داخله شُؤبوب جُنوبٍ مُنفجِر
ثجَّ حتى ضاق عن آذيه
عرض خيمٍ فخاءٍ يسهل الركوب
قد أصبح يحملني في أنفه
لاحقُ الإِطلَين، مَحبوبٌ مُمير
جزعتُ ولم أجزع من البين مجزعاً
جزعتُ ولم أجزع من الفراق شيئاً
وعزَّيتُ قلبي بأداء حزين
وأصبحَت وداعاً للصبا ولكنه
يراقب خلات من الحياة أربعا
فمِنهن: قولي للمدامى ترفقوا،
يتجادلون نشاجاً من الخمر ممتلئاً
ومنهن: ركض الخيل ترجم بالقنا
يُبادِرون سرباً آمناً دون فزع
ومنهن: نصب الإبل، فالليل شامِل
يتجه نحو أراضٍ بَلَقاء
خارجة من برّيّة نحو قريّة
يجددن وصلاً أو يقربنَ مطمعاً
ومنهن: سوْقي الخود قد بللها الندى
ترقب منظومة التمائم، مُرضعاً
تعذب عليها ريبتي ويسوؤها
بكاءها حتى تكاد تتحطم
بعثتُ إليها، والنجوم طوالع
حذراً عليها أن تقوم فتسمع
فجاءت قطوف المشي هيابةً للسَرى
يدافعكن إلى مكان عالي والصبا
وفي الفاكهة ملتهبة فتقطعت
تقول وقد جردتها من ثيابها
كأنها رعت مَكحولَ المدامع فتستحي
وجدكَ لو شيءٌ أتانا رسوله
سواكَ ولكن لم نجد لك مدفعاً
فَبتنا نصدّ الوحش عنا كأننا
قتيلان لم يعلم لنا الناسُ مكاناً
تجافى عن المأثور بيني وبينها
وتدني على السابري المضلعا
إذا أخذتها هزة رعب علقت
بمَنْكِبِ مِقْدَامٍ على الهوى أرْوعاً
ألا إنّ قَوماً كنتم أمس دونهم
ألا إنّ قَوْماً كُنتمُ أمسِ دُونَهُمْ
هم مَنعوا جاراً لكم آلَ غُدْرَانِ
عويرٌ ومن مثلُ العوير ورهطه
وأسعدَ في لَيْلِ البَلابل صَفْوانُ
ثِيَابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ
وَأوْجُهُهُمْ عِندَ المَشَاهد غُرّانُ
هم أبلغوا الحي المضلل أهلهم
وساروا بهم بين العراقِ ونجران
فَقَدْ أصْبَحُوا، وَالله أصْفَاهُمُ بِهِ،
أبرّ بميثاق وأوفى بجيران