كفالة اليتيم
اليتيم هو من فقد أباه أو أمه، كما يُعرِّف الأصمعي: “اليتيم من الناس هو الذي توفي أبوه، ومن البهائم من فارقت أمه”.
تعتبر رعاية الأيتام من أسمى أبواب اللطف والإحسان، وهي عبادة كريمة حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم القائمين على رعاية الأيتام بأجر عظيم في الآخرة. حيث جعل الله سبحانه وتعالى تمويل الأيتام من وسائل الصدقة والعمل الصالح.
يعتبر الإسلام الصدقة ودعم الأيتام من أبرز مظاهر الخير، حيث يُشجِّع المسلمين على تقديم الدعم للأيتام في أقرب وقت ممكن، وتعويضهم عن فقدانهم لآبائهم والاعتناء بشؤونهم، حتى لو كان ذلك في مكان آخر.
ويتمثل دور المحسنين في الرعاية الأخلاقية والدينية لليتيم، وإبداء العطف تجاهه حتى نضوجه، سواء كانت أنثى تحتاج إلى الرعاية حتى تتزوج، أو ذكر يحتاج إلى الدعم حتى يصبح قادرًا على إعالة نفسه.
أنواع كفالة اليتيم
فيما يلي بعض طرق كفالة اليتيم:
-
النوع الأول: يتمثل في استضافة اليتيم في منزل الكفيل وجعله جزءاً من عائلته.
- حيث ينشأ مع الأبناء الآخرين، ويتلقى نفس الرعاية والاهتمام والموارد التي يحصلون عليها.
- تستمر هذه الرعاية حتى بلوغ سن الرشد، حيث يستمر في العيش مع أصدقائه حتى تصل الأمور إلى منحنى صحيح، كما أوضحت زينب بنت عبد الله بن مسعود عندما جاءتها امرأة من الأنصار.
- فقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان ما يتلقونه من صدقة في بيوتهم كافياً، وكان جوابه: (لهما أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة).
-
النوع الثاني: يمكن تحقيق الرعاية عن طريق الإنفاق على اليتيم دون الحاجة لإقامته في منزل الراعي، كما يحدث في عصرنا الحالي.
- في هذه الحالة، يعتمد المبلغ المخصص لدعم اليتيم على مستوى معيشة البلد الذي يقيم فيه.
- يجب أن يكون المبلغ كافياً لتلبية احتياجاته الغذائية، الملبسية، التعليمية والسكنية، حتى لا يشعر بفارق عن أقرانه.
-
النوع الثالث: يشمل تقديم الدعم المالي لمؤسسة أو دار الأيتام التي تعتني بالأيتام.
- إذا كان ذلك كافياً لضمان رعاية اليتيم بشكل جيد، فإن أصحابها سيحصلون على الأجر العظيم باعتبارهم من رعاة الأيتام، ويرافقون النبي في الجنة.
- الوصاية تعني تعيين شخص من قبل القاضي للإشراف على أموال اليتيم وحمايتها قانونياً، مما يُسهم في تأمين القاصر.
- يتعهد الأب أو الجد قبل وفاته بالاعتناء بالقاصر أو العاجز والتصرف في أمواله بالشكل الصحيح.
شروط كفالة اليتيم
هناك مجموعة من الشروط التي يجب مراعاتها في كفالة اليتيم، ومنها:
- ضرورة استخدام الكفيل للأموال الشرعية في تأمين احتياجات الأيتام وتجنب الأموال المحرمة.
- يُعتبر اليتيم مالكاً لأمواله، ولا يجوز التصرف فيها إلا بموجب حق شرعي.
- كما لا يُسمح للأمين باستخدام الأموال إلا للمصالح الخاصة باليتيم.
- إذا قام الوصي بتصرف غير مشروع في أموال اليتيم، فإنه يُعتبر وجهاً من وجوه الذنب، كما ذُكر في قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا).
- على الكفيل أن يوفر الرعاية اللازمة لليتيم، سواء في منزله أو في مؤسسة رعاية للأيتام.
- الفرق بين كفالة اليتيم والتبني هو أن الكفيل يعتني به دون أن يكون له صلة عائلية رسمية، بينما التبني هو ارتباط قانوني بين الوالدين بالتبني.
- يجب أن يكون الكفيل على قيد الحياة أثناء كفالة اليتيم، فالكفالة تعد نعمة عظيمة لليتيم.
- عندما يبلغ اليتيم سن الرشد، يتوجب على نساء الكفيل وبناته الالتزام بالحجاب عنه عند وصوله لذلك العمر.
- يبدأ اليتيم بالتخلص من قيود الكفالة بمجرد بلوغه سن الرشد، حيث يصبح مسؤولا عن أموره.
- لكن يجب أن يتمتع بحكمة ونضج كافيين للتعامل مع أمواله، كما يُشير قوله تعالى: (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ).
التعامل مع اليتيم
قد أوصى الله عز وجل بالتعامل الحسن مع الأيتام، كما سنوضح أدناه:
حث الله ورسوله على التعامل الطيب مع الأيتام والابتعاد عن الظلم، كما قال تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ).
إن مفهوم القهر لا ينحصر في ظلم اليتيم وحرمته من حقوقه، بل يتجاوز ذلك ليشمل الكلمات أو الإيماءات أو نبرات الصوت التي قد تجعل اليتيم يشعر بالظلم أو النقص.
سيرتكب الراعي إثمًا عظيمًا إن لم يأخذ بالاعتبار مشاعر اليتيم الذي يتولى رعايته، فهو يتأثر بأي تصرف قد يكون غير مقصود، وقد يلاحظ الفرق في المعاملة بينه وبين أبناء الراعي.
لذا يجب على الكفيل تقديم الرعاية اللازمة لليتيم، وأخذ الحذر في مواقفه وأفعاله، حتى لا يظلمه دون قصد.