الطرق المثلى لحفظ القرآن الكريم
توجد العديد من الأساليب الفعالة التي تسهم في حفظ القرآن الكريم، خاصةً بعد قراءة الآيات المراد حفظها تحت إشراف شيخ تتوفر فيه الكفاءة. إليك بعض هذه الطرق:
- الطريقة التسلسلية
تعتمد هذه الطريقة على حفظ كل آية بشكل منفرد، ثم ربطها بالآية التي تليها. لا يُسمح بالانتقال إلى ربع آخر إلا بعد إتقان ما تم حفظه سابقاً. تُعد هذه الطريقة واحدة من أكثر الأساليب فعالية في تحقيق الحفظ الدقيق، رغم أنها قد تكون مرهقة.
- الطريقة الجمعيّة
تقوم هذه الطريقة على حفظ كل آية بمفردها، وبعد إتمام ربع كامل من القرآن، يتم ربط الآيات معاً. وفي حال عدم القدرة على الربط، يمكن تقسيم الربع إلى ثلاث آيات يتم حفظها وربطها بالآيات التالية حتى يتقن الشخص الحفظ.
- الطريقة المُقسّمة
تقوم هذه الطريقة على تقسيم كل ربع إلى عدة أقسام، حيث يقوم الحافظ بحفظ القسم الأول ومن ثم الانتقال إلى القسم التالي، ويرتبط كل قسم بالآخر. تُعتبر هذه الطريقة واحدة من الأسهل في حفظ القرآن، وتعتمد على مستوى الإتقان لكل قسم لقدرة الربط بينهما.
أفضل أسلوب لحفظ وجه من القرآن
الطريقة المثلى لحفظ وجه من القرآن هي كما يلي:
- قراءة الوجه المراد حفظه ثلاث مرات على الأقل مع محاولة الفهم، الأمر الذي يسهل عملية الحفظ. يجب تقسيم الوجه إلى عدة أقسام، وتوزيع الوقت اللازم لحفظ الوجه.
- تكرار كل قسم حتى يتم حفظه، ثم ربط جميع أقسام الوجه معاً. تكرار الوجه بشكل متكرر يسهم في زيادة الإتقان والدقة، بالإضافة إلى الربط بين الوجهين الأول والثاني.
- قراءة أربعة أوجه معاً عن ظهر قلب، ثم تسميعها لشخص مُتقن.
يُنصح بالبدء بالأجزاء التي يسهل حفظها، حيث يعد ذلك دافعاً للمثابرة والتقدم. من الأجزاء المتفق عليها من قبل الحُفّاظ لسهولتها هما جزء عم وجزء تبارك، وكذلك السور السهلة التي تتكرر في الصلاة، مثل سورة البقرة، آل عمران، يوسف، وي.
يمكن تقسيم السور الكبيرة مثل سورة البقرة إلى عدة أجزاء، حيث يحتوي كل جزء على قصة، وبدء الحفظ بالآيات المتكررة ضمنها. يُفضل حفظ السور السهلة التي تحمل فضائل عديدة، مثل سورة الكهف، حيث جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله: (من قرأ سورة الكهف كانت له نورًا إلى يوم القيامة).
بالإضافة إلى سورة المُلك، السجدة، الإنسان، الجمعة، والمنافقين، من الأفضل الابتعاد في بداية الحفظ عن السور الصعبة نسبيًا، مثل سور يونس، فاطر، الجزء الثامن والعشرون، النساء، والعنكبوت.
طرق تثبيت الحفظ بعد إتمامه
للحفاظ على ما تم حفظه، يجب الانتباه إلى ضرورة المتابعة المستمرة؛ لأن الإنسان ينسى بسرعة. فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (تَعاهَدُوا هذا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها). لذا ينبغي أن يكون لدى الحافظ ورد يومي، على الأقل جزء واحد يومياً، ويمكن أن يصعب تقدير عشرة أجزاء.
وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من قرأ القرآنَ في أقلَّ من ثلاثٍ لم يفقهْه)، فعديد من الحُفّاظ يقومون بمراجعة ما حفظوه بدون خطة واضحة، مما ينتج عنه إضاعة الوقت والجهد.
يقصد بالحفظ المُتقن هو الحفظ الذي لا يتطلب جهداً كبيراً من صاحبه في مراجعة الحفظ، وقد وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- الحافظ الذي يحفظ بجدارة بالـ”ماهر”، بقوله: (الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ)، وذلك بسبب تكراره لممارسة الحفظ، مما يعكس توفيق الله وإخلاص الحافظ.
الأساليب للمراجعة والمحافظة على المحفوظ
ينبغي لمن يرغب في حفظ القرآن الجمع بين الحفظ والمراجعة، من خلال تقسيم كل عشرة أجزاء إلى قسم خاص بها. يبدأ الفرد بحفظ وجه واحد ويراجع معه أربعة أوجه. وعند الانتهاء من القسم الأول، يُفضل التوقف عن الحفظ لمدة شهر لمراجعة ما تم حفظه، بحيث يستطيع مراجعة ثمانية أوجه في اليوم.
يتبع الشخص نفس الخطة في كل قسم حتى ينتهي من حفظ القرآن، ثم يخصص فترة لمراجعة القرآن كاملاً لمدة شهر، كما بإمكان الحافظ مراجعة القرآن كل أسبوعين عن طريق قراءة جُزئين يومياً وتكرارها ثلاث مرات، وفي غضون عام سيجد نفسه قد أتقن ما حفظه.
توزيع وقت الحفظ بشكل متوازن
كيفية حفظ القرآن في شهرين
يمكن حفظ القرآن خلال فترة ستين يوماً من خلال حفظ 12 وجهًا يومياً، مما يتيح أياماً للمراجعة. من الضروري الالتزام بمراجعة دورية يومية وأسبوعية ونصف سنوية ونهائية. ينبغي أن تتضمن المراجعة اليومية مراجعة ما تم حفظه في ذلك اليوم في نهاية اليوم وربطه بحفظ اليوم السابق.
أما المراجعة الأسبوعية، فيخصص يوم في الأسبوع لمراجعة كل ما تم حفظه خلال تلك الفترة، والمراجعة النصفيّة تتطلب تخصيص ثلاثة أيام لمراجعة نصف القرآن، بينما تحتاج المراجعة النهائية لمراجعة القرآن كاملاً.
حفظ القرآن في سنتين
تُعتبر سنتان فترة ملائمة لحفظ القرآن للشخص العادي، عبر تدريب النفس على الاستماع والتفكر في الآيات وفهم معانيها، والخشوع أثناء الاستماع. يجب تثبيت الحفظ من المصحف، من خلال الاستماع للجزء المراد حفظه عدة مرات، ثم قراءته من المصحف بشكل متكرر. في الشهر الأول، يمكن للمرء أن يصل إلى حفظ عشر صفحات، وهو أحد أصعب الأشهر، ثم مع تحسن الحفظ يبدأ الشخص بحفظ 15 صفحة في الشهر الثاني وهكذا حتى يتم حفظ القرآن كاملاً.
حفظ القرآن في ثلاث سنوات
توجد خطط سهلة ومجربة لحفظ القرآن خلال ثلاث سنوات. يُنصح بتخصيص الأسابيع الأربعة الأولى من السبت إلى الأربعاء لحفظ وجه كل يوم مع تكرار ذلك 20 مرة. يُراعى مراجعة ربعين من الحفظ القديم يومياً. يُخصص يومي الجمعة والسبت للمراجعة وتكرارها 30 مرة أو أكثر. في الأسبوع الخامس، يتوقف الحافظ عن الالتزام بالحفظ لأغراض المراجعة الشهرية.
يُفضل أن تكون المراجعة بمعدل جزء واحد يومياً، ويُتابع الشخص شهرياً، وعند تحقيق هدف حفظ خمسة أجزاء، يتم التوقف لمراجعتها، بمعدل حزب أو أكثر يومياً. يمكن الوصول إلى حفظ وتثبيت خمسة أجزاء خلال ستة أشهر، والبدء بنفس النهج في الستة أشهر التالية.
ملاحظات مهمة حول حفظ القرآن في فترات قصيرة
ظهرت في الآونة الأخيرة طرق جديدة لحفظ القرآن بفترات قصيرة، كشهر أو شهرين أو أقل، بهدف استغلال قدرات الشباب وخاصة الأذكياء منهم. ومع ذلك، هناك بعض الملاحظات السلبية المرتبطة بالحفظ السريع، وهي كالتالي:
- سرعة النسيان
وذلك يعود لعدم إتقان المحفوظ وغياب اهتمام الشخص بالمراجعة نتيجة انشغاله بالحفظ.
- تعدد الأخطاء
إذ عندما يخطئ الطالب، تظهر عدد من الأخطاء عند تصحيح الشيخ، مما يشوّه النص من كثرة الأخطاء، ولا يحقق الحفظ المتقن.
- نقصان المعلومات الضرورية
مثل عدم معرفة بدايات ونهايات الأجزاء، وترتيب السور، وفهم مقاصد الآيات. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم العمل بالقرآن أو التخلق بأخلاقه.
- انسحاب بعض الطلاب من حلقات التحفيظ بسبب رغبته في سرعة الحفظ إضافة إلى أن بعضها قد يكون مكلفًا.
- الغرور عند بعض الطلاب نتيجة تفوقهم على أقرانهم.
- الحاجة إلى جهد بدني وذهني كبيرين.
نصائح موجهة لحفظ القرآن
هناك العديد من الأمور التي يمكن أن تدعم الفرد في حفظ القرآن، ومنها:
- تعلم أحكام التجويد مع القراءة تحت إشراف شيخ مُتمكن قبل البدء بالحفظ.
ويهدف ذلك للبدء بطريقة صحيحة، لكي يكُون هناك تصحيح للأخطاء قبل وقوعها؛ فالأخطاء التي تُحفظ صعبة التعديل فيما بعد.
- الحفاظ على القرآن من نسخة واحدة
هذا يساعد في تسهيل عملية الحفظ. يُفضل استخدام النسخ ذات الخلفيات الملونة بالأصفر أو الأخضر والابتعاد عن النسخ المطبوعة بالأبيض والأسود. يمكن أن تتم الاستعانة بالنسخ الملونة التي تميز الألفاظ، أو النسخ التي تحتوي على توضيحات لأحكام التجويد.
- اختيار الوقت المناسب للحفظ
مثل الحفظ بعد الفجر أو في الصباح، والابتعاد عن أوقات لا يُفضل الحفظ فيها، مثل بعد العمل، وبعد الوجبات، أو في الساعات المتأخرة من الليل، وتجنب السهر.
- الربط بين الآيات والسور
يجب عدم البدء بحفظ جديد إلا بعد التأكد من تثبيت الحفظ القديم، وخاصة الآيات المتشابهة. قد يكون من المفيد الاستعانة ببعض الموارد التي تتناول التشابه في الآيات.
- تحديد مقدار الحفظ اليومي
من المناسب البدء بحفظ السور التي يفضلها الحافظ، ووضع جدول زمني لحفظها خلال شهرين. يفضل منح النفس مكافأة عند الوصول لأهداف معينة لزيادة الدافعية والاستمرارية.
- الالتزام بأوقات راحة قصيرة بعد كل 20 دقيقة من الحفظ
لأن مستوى الحفظ يهبط بعد ذلك، ويمكن ممارسة بعض الرياضات أو شرب الماء خلال هذه الفترات. يجب اختيار بيئة مناسبة للحفظ واستغلال أوقات الفراغ والمواسم التي تُضاعف فيها الأجور.
سهولة حفظ القرآن الكريم
تدعو الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم بسهولة ويسر للتذكر والفهم. فقد قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ). كما يسهل فهم القرآن لجميع فئات المجتمع سواء في ذلك للعالم، العامي، الصغير والكبير، الرجال والنساء.
يستوعب كل شخص القرآن استنادًا إلى مدى فهمه وحاجته. أضف إلى ذلك أنه يتضمن معاني عظيمة بعبارات مختصرة، كما جاء في قوله تعالى: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).