قصيدة: أمرّ على الديار ديار ليلى
ينقل لنا الشاعر قيس ابن الملوح شعوره العميق:
أمرّ على الديار ديار ليلى
أقبل هذا الجدار وذاك الجدار
وما حب الديار شغفني قلبي
ولكن حب من سكن الديار
قصيدة: ولو أن ما بي في الحصى فلق الحصى
يتحدث قيس ابن الملوح عن حبه لليلى:
أرى أهل ليلى أورثوني صبابةً
وما لي سوى ليلى الغداة طبيبُ
إذا ما رأوني أظهروا لي مودةً
ومثل سيوف الهند حين أغيّبُ
فإن يمنعوا عيناي منها فمن لهم
بقلبٍ له بين الضلوع وجيبُ
إن كان يا ليلى اشتياقي إليكمُ
ضلالاً وفي برئي لأهلك حوبُ
فما تبت من ذنب إذا تبت منكمُ
وما الناس إلا مخطئٌ ومصيبُ
بنفسي وأهلي من إذا عرضوا لهُ
ببعض الأذى لم يدرِ كيف يجيبُ
ولم يعتذر عذر البريء ولم يزل
به سكنة حتى يقال مُريبُ
فلا النفس يسليها البعاد فتني
ولا هي عما لا تنال تطيبُ
وكم زفرةٍ لي لو على البحر أشرقت
لأنشفه حرٌ لها ولهيبُ
ولو أن ما بي بالحصى فلق الحصى
وبالريح لم يُسمع لهن هبوبُ
وألقى من الحب المبريح لوعَةً
لها بين جلدي والعظام دبيبُ
قصيدة: ولمّا تلاقينا على سفح رامةٍ
يقول قيس ابن الملوح:
ولمّا تلاقينا على سفح رامةٍ
وجدت بنان العامريّة أحمرًا
فقلت خضبت الكفّ بعد فراقنا؟
قالت: معاذ الله ذلك ما جرى!
ولكنّي لمّا رأيتك راحلًا
بكيت دمًا حتى بلّلت به الثرى
مسحت بأطراف البنّان مدامعي
فصار خضابًا في اليدين كما ترى
قصيدة: أشدّ ما لاقيت من ألم الجوى
يقول طرفة بن العبد:
أشدّ ما لاقيت من ألم الجوى
قرب الحبيب وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الضّمأ
والماء فوق ظهورها محمول
قصيدة: نهاك عن الغواية ما نهاك
يقول بهاء الدين زهير:
نهاك عن الغواية ما نهاك
وذُقتَ من الصبابة ما كفاك
وطال سراك في ليل الشباب
وقد أصبحت لم تحمد سراك
فلا تجزع لحادثة الليالي
وقل لي إن جزعت فما عساك
وكيف تلوم حادثة وفيها
تبيّن من أحبك أو قلّاك
بروحي من تذوب عليه روحي
وذق يا قلب ما صنعت يداك
لعَمري كنت عن هذا غنيًا
ولم تعرف ضلالك من هداك
ضنيت من الهوى وشقيت منهُ
وأنت تجيب كل هوى دعاك
فدع يا قلب ما قد كنت فيهِ
ألسْتَ ترى حبيبَكَ قد جفاك
لقد بلغت به روحي التراقي
وقد نظرت به عيني الهلاكا
فيا من غاب عني وهو روحي
وكيف أطيق من روحي انفكاكا
حبيبي كيف حتى غبتَ عني
أتعلَم أن لي أحدًا سواك
أراك هجرتني هجراً طويلًا
وما عوّدتني من قبلُ ذاكَ
عهِدتُك لا تطيق الصبر عني
وتعصي في ودادي من نهاكا
قصيدة: لا تعذليه فإن العذل يولعه
يقول ابن زريق البغدادي:
لا تعذليه فإن العذل يولعه
قد قلتِ حقًا ولكن ليس يسمعه
جاوزتِ في لومه حداً أضرّبه
من حيث قدرتِ أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً
من عذله فهو مضنى القلب موجعُه
قد كان مضطلعًا بالخطب يحملُه
فضيّقت بخطوب الدهر أضلعه
يكفيه من لوعتي التشتت أن له
من النوى كل يوم ما يروعه
ما آبَ من سفرٍ إلا وأزعجه
رأي إلى سفر بالعزم يجمعه
كأنما هو في حل ومرتحلٍ
موكّل بفضاء الله يذرعه
إن الزمان أراه في الرحيل غنىً
ولو إلى السد أضحى وهو يجمعه
تأبى المطامع إلا أن تجشمه
للرزق كدًا وكم ممن يودعه
وما مجاهدة الإنسان توصله
رزقًا ولا داعية الإنسان تقطعُه
قد وزّع الله بين الخلق رزقهمُ
لم يخلق الله من خَلقٍ يُضيّعه
لكنهم كلّفوا حرصًا فلستَ ترى
مسترزقًا وسوى الغايات تقنُعه
والحرص في الرزاق والأرزاق قد قُسِمَت
بغيٌ ألا إن بغيَ المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه
إرثًا ويمنعه من حيث يطمعه
استودع الله في بغداد لي قمراً
بالكرخِ من فلك الأزرار مطلعُه
ودّعتُه وبودي لو يودّعني
صفوَ الحياة وأنا لا أودعُه
وكم تشبثت بي يوم الرحيل ضحىً
وأدمعي مستهلّاتٍ وأدمعه
قصيدة: يقول الناس لو وصفت لنا الهوى
يقول الشاعر أحمد شوقي:
يقول الناس لو وصفت لنا الهوى
لعل الذي لا يعرف الحب يعرف
فقلت: لقد ذقت الهوى ثم ذقته
فوالله ما أدري الهوى كيف يوصف
قصيدة: سكن الليل .. والأماني عذاب
يقول الشاعر محمد بن عبود العمودي:
سكن الليل والأماني عذاب
وحنيني إلى الحبيب عذاب
كلما داعب الكرى جفن عيني
هزّني الشوق وأضناني الغياب
يا حبيبي هواك أضنى فؤادي
وكأن الجوى بجسمي حراب
أضرم النار بالحنايا لهيباً
مثل ليل أضاء فيه شهاب
وأنا في ذُرى الغرام غريقٌ
ملء عيني دجى كساه الضباب
أنا والشوق في الغرام ضحايا
سرق البعد عمرنا والغياب
قدر نهدر السنين سهارى
ليلنا غربةٌ فكيف المآب
قدر نعشق الصعاب ونسير
في طريقٍ فيه الشجاع يهاب
كيف ألقاك والدروب شراكٌ
وعلى الباب حاجبٌ وحجاب
بيننا يا ضياء عيني بحورٌ
يملأ العين حرّها والسراب
ننشد الوصل قد يكون قريباً
هل على العاشقين ثم حساب
ربما نلتقي غداً ونغني
لحن حب غناؤه مستطاب
وغداً تنبت الرياض زهوراً
ويعود الهوى لنا والشباب
كلما طال بعدنا زدنا قربًا
يجمع الحرف بيننا والخطاب
قصيدة: أجِدُّ، وَمَن أهوَاهُ، في الحُبّ، عابثُ
قال ابن زيدون:
أجِدُّ، وَمَن أهوَاهُ، في الحُبّ، عابثُ
وأوفي له بالعهدِ، إذْ هوَ ناكثُ
حَبيبٌ نأى عني، مَعَ القُرْبِ وَالأسَى
مقيمٌ له، في مضمرِ القلبِ، ماكثُ
جفاني بإلطافِ العِدَا، وأزالَهُ
عنِ الوصلِ، رأيٌ في القطيعةِ حادثُ
تغيّرْتَ عن عهدي، وما زلتُ واثقاً
بعهدكَ، لكنْ غيّرتْكَ الحوادثُ
وَما كنتِ، إذْ مَلّكتُكَ القلبَ، عالِماً
بأنّيَ، عَنْ حَتْفي، بكَفّيَ باحثُ
فديتُكَ، إنّ الشّوقَ لي مذ هجرْتني
مميتٌ فهلْ لي من وصالكَ باعثُ؟
ستبلَى الليالي، والودادُ بحالِهِ
جديدٌ وتفنى وَهْوَ للأرْضِ وَارِثُ
ولو أنّني أقسمتُ: أنّكَ قاتِلي
وأنّي مقتولٌ، لمَا قيلَ: حانثُ
قصيدة: لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
قال أحمد شوقي:
لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
مُحِبٌّ إذا عُدَّ الصِّحابُ حبيبُ
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
ولا هو في شَرع الوداد مُريب
وصفتُ له مَن أَنتِ، ثم جرى لنا
حديثٌ يَهُمُّ العاشقين عجيب
وقلت له: صبراً؛ فكلُّ أَخي هَوى
على يَدِ مَنْ يهْوى غداً سيتوب
قصيدة: أيها الحب
أبو القاسم الشابيّ:
أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي
وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي
وَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي
وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي
أيها الحب أنت سرُّ وُجودي
وحياتي ، وعِزَّتي، وإبائي
وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري
وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي
يَا سُلافَ الفُؤَادِ! يا سُمَّ نَفْسي
في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!
ألهيبٌ يثورٌ في روْضَةِ النَّفَسِ، فيـ
ـطغى، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟
أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ
نَ كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي
فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُـ
ـبُّ حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي
لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ، قُلْ لي:
مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟
قصيدة: ولقد لقيت على الدُّريجة ليلة
قال كُثيّر عزّة:
وَلَقَدْ لَقِيتَ على الدُّرَيْجَةِ ليلة
كانتْ عليكَ أيامناً وسعودا
لا تغدُرنَّ بوصلِ عزَّة بعدما
أخذتْ عليكَ مواثقاً وعهودا
إنَّ المُحِبَّ إذا أَحَبَّ حَبِيبَهُ
صدقَ الصَّفاءَ وأنجزَ الموعودا
الله يَعلمُ لَوْ أَرَدْتُ زيادةً
في حبِّ عزَّةَ ما وجدتُ مزيدا
رُهبانُ مديَنَ والذينَ عهدتُهُمْ
يبكونَ مِنْ حذرِ العذابِ قعودا
لو يسمعونَ كما سمعتُ كلامَها
خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وسُجودا
والميْتُ يُنشَرُ أَنْ تَمَسَّ عِظَامَهُ
مَسّاً وَيَخْلُدُ أَنْ يَرَاكِ خُلودا
قصيدة: هُوَيْنَاكَ مِنْ لَوْمٍ على حُبٍّ تَكَتّما
قال البحتري:
هُوَيْنَاكَ مِنْ لَوْمٍ على حُبٍّ تَكَتّمَا
وَقَصْرَكَ نَسْتَخبِرْ رُبُوعاً وأرْسُمَا
تَحَمّلَ عَنْها مُنجِدٌ مِنْ خَليطِهِمْ
أطاعَ الهَوَى، حتّى تَحَوّلَ مُتْهِمَا
وَمَا في سُؤَالِ الدّارِ إدْرَاكُ حَاجَةٍ
إذا استُعجِمَتْ آياتُهَا أنْ تَكَلّما
نَصَرْتُ لهَا الشّوْقَ اللّجوجَ بأدْمُعٍ
تَلاَحَقْنَ في أعقابِ وَصْلٍ تَصَرّما
وَتَيّمَني أنّ الجَوَى غَيرُ مُقْصِرٍ
وأنّ الحِمَى وَصْفٌ لمَنْ حَلّ بالحِمَى
وَكَمْ رُمتُ أنْ أسْلُو الصّبَابَةَ نازِعاً
وَكَيفَ ارْتِجاعي فائِتاً قد تَقَدّما
أُؤلّفُ نَفْساً قَد أُعِيدَتْ على الجَوَى
شَعاعاً، وَقَلْباً في الغَوَاني مُقَسَّما
وَقد أخَذَ الرُّكبانُ أمسِ، وَغادَرُوا
حَديثَيْنِ مِنّا ظَاهِراً، وَمُكَتَّما
وَمَا كانَ بادي الحُبّ منّا وَمنكُمُ
ليَخْفَى، وَلا سِرُّ التّلاقي ليُعْلَمَا
ألا رُبّما يَوْمٌ مِنَ الرّاحِ رَدّ لي
شَبَابيَ مَوْفُوراً وغَيِّ مُذَّمَما
لَدُنْ غُدْوةً حتّى أرَى الأُفقَ ناشراً
على شرْقِهِ، عُرْفاً من اللّيْلِ أسحَمَا
وَمَا لَيْلَتي في باطُرْنْجى ذمِيمَةٌ
إذا كانَ بعضُ العيشِ رَنْقاً مُذَمَّما
طَلَعتُ على بَغدادَ أخْلَقَ طالِبٍ
بنُجْحٍ، وأحرَى وافِدٍ أنْ يُكَرَّمَا
شَفيعي أميرُ المُؤمِنِينَ، وَعُمْدَتي
سُلَيمانُ، أحبوهُ القَرِيضَ المُنَمْنَما
قَصَائِدُ مَنْ لمَ يَسْتَعِرْ مِنْ حلِيّها
تُخَلّفْهُ مَحرُوماً من الحمْدِ مُحرَمَا
خَوَالِدُ في الأقْوَامِ يُبْعَثْنَ مُثَّلاً
فَما تَدرُسُ الأيّامُ منهُنّ مَعْلَمَا
وَجَدْنَ أبا أيُّوبَ حيثُ عَهِدْنَهُ
من الأنسِ لا جَهماً، ولا مُتَجَهَّمَا
فَتًى، لا يُحبُّ الجُودَ إلاّ تَعَجرُفاً
وَلاَ يَتَعَاطَى الأمْرَ إلاّ تَهَجُّمَا
ثِقَافُ اللّيالي في يَدَيْهِ، فإنْ تَمِلْ
صُرُوفُ اللَّيالي رَدّ مِنْهَا، فَقَوّما
مَليءٌ بِألاّ يَغْلِبَ الهَزْلُ جِدَّهُ
ولو رَاحَ طَلْقاً للنّدى، مُتَبَسِّما
مُؤدٍّ إلى السّلطانِ جُهْدَ كِفَايَةٍ
يَعُدُّ بِهَا فَرْضاً عَلَيْهِ مُقَدَّما
زَعِيمٌ لَهُمْ بالعِظْمِ مِمّا عَنَاهُمُ
ولَوْ جَشّمُوهُ ثَْقْلَ رَضْوَى تَجَشّما
أُطيعُ، وأُضْحي، وَهوَ طَوْعُ خَلائقٍ
كَرَائمَ، يَتبَعَنَ النّدى حَيثُ يَمّما
فَلاَ هُوَ مُرْضٍ عاتِباً في سَماحِهِ
وَلاَ مُنصِفٌ وَفْراً، إذا ما تَظَلّما
وَلَمْ أرَ مُعْطًى كالمُخَرِّمِ تَمّمَتْ
يَداهُ على بَذْلٍ، فأعطَى المُخَرِّما
رِبَاعٌ نَشَتْ فيها الخِلافَةُ غَضَةً
وخُيمِّ فَيْها المُلْكُ طْلقاً فَخَيّما
ألُومُ أجَلَّ القَوْمِ قَدْراً وَهَّمَةً
إذا هُوَ لمْ يَشْرَهْ إلَيْهَا تَغَنّما
وأحْسُدُ فيها آخَرِينَ أَلومُهمْ
وَمَا كُنتُ للحُسّادِ من قَبلِها ابْنَمَا
ذَراكَ ، ومَنْ يَحْلُلْ ذَرَاكَ يَجِدْ بهِ
مُجيراً عَلَى الأَيّام أَنْ يَتَهَضَّمَا
بحَسْبِكَ أنّ الشوسَ من آلِ مُصْعَبٍ
رَضُوكَ على تِلْكَ المَكَارِمِ قَيّمَا
رَدَدْتَ عَلَيْهِمْ ذا اليَمِينَينِ نَجدَةً،
تُحَرِّقُ في أعدائِهِمْ، وَتَكَرُّمَا
وَكَمْ لَبِسَتْ منكَ العِرَاقُ صَنيعَةً
يُشارِفُ مِنْهَا الأفْقُ أنْ يَتَغَيّما
ثَلَثْتَ فُرَاتَيْهَا بجُودِ سَجِيّةٍ
وَجَدْنَاكَ أوْلَى بالتّدَفّقِ مِنْهُمَا
وَمَكرُمَةٍ لمْ يَبْتَدِ القَوْمُ صَوْغَها
وَلَمْ يَتَلاَفَوْا مُبْتغَاهَا تَعَلُّما
هَدَيْتَ لَهَا، إنّ التّكَرّمَ فِطْنَةٌ
وَقَد يَغفُلُ الشّهْمُ الأرِيبُ ليَلؤْمَا
وَلَيسَ يَنَالُ المَرْءُ فارِعَةَ العُلاَ
إذا لمْ يَكُنْ بالمَغْرَمِ الإدّ مُغرَمَا
وَدِدْتُ لَوْ أنّ الطّيفَ من أُمّ مالِكٍ
على قُرْبِ عَهْدَيْنَا، ألَمّ، فسلّما
لَسَرْعَانَ ما تَاقَتْ إلَيْكَ جَوانحي
وَما وَلِهَتْ نَفْسي إلَيكَ تَنَدُّمَا
ذكَرْتُكَ ذِكْرَى طامعٍ في تَجَمّعٍ
رأى اليأسَ فارْفَضّتْ مَدامِعُهُ دَمَا
وَمِثْلُكَ قَدْ أَعْطَى سُلَيْمَانَ بُلْغَةً
إلى المَجْدِ، أوْ أعطى سُلَيْمَانَ مُنْعِمَا
قصيدة: كأني أحبك
يقول الشاعر محمود درويش:
لماذا نحاول هذا السفر وقد جرّدتني من البحر عيناكِ
واشتعل الرمل فينا… لماذا نحاول؟
والكلمات التي لم نقلها
تشرِّدنا.. وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجرْ
لماذا نحاول هذا السفر؟
هنا قتلوكَ هنا قتلوني.
هنا كنتِ شاهدةَ النهر والملحمة
ولا يسأم النهرُ
لا يتكلّمُ
لا يتألمُ
في كلّ يوم لنا جثّةٌ
وفي كلّ يوم لهم أوسمةْ
هنا وقف النهر ما بيننا
حارساً
يجعل الضفتينْ
توأمين بعيدين، كالقرب، عنّا
قريبين، كالبُعد، منّا
ولا بُدَّ من حارسٍ
آهِ، لا بدّ من حارس بيننا.
كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
دمُ الجسدينْ
وكنا هنا ضفتين
وكنا هنا جسدين
وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجرْ
لماذا نحاول هذا السفر؟
كأنّ الجبال اختفتْ كلها
وكأنّي أحبّكِ
كان المطار الفرنسيُّ مزدحماً
بالبضائع والناس.
كلُّ البضائع شرعيَّة
ما عدا جسدي
آه.. يا خلف عينيك.. يا بلدي
كنتُ ملتحماً
بالوراء الذي يتقدّمُ
ضيعت سيفي الدمشقيَّ متّهماً
بالدفاع عن الطينِ
ليس لسيفيَ رأيٌ بأصلِ الخلافةِ
فاتهموني…