أشعار جرير في الحب والرومانسية

هل أجد راحة القوم أم لا تروح؟

  • يقول جرير في الغزل:

هل أجد الراحة لدى القوم أم لا تريحني؟

نعم، كل من يهتم بجماله قد تظلل شغفه.

إذا ابتسمت، أظهرت أشعة الشمس في مغربها، كأنها

غيمات تحمل ندى وتظهر جمالها.

لقد أثار هذا الشوق عيني المريضة،

فتركت بقايا الدموع التي فيها تلاعب.

تجلى الفجر عن طرفي حين يشرق،

وأعطيت عمراً من أمامتي وقراري،

وللشراء منه أمامة ربحٌ.

أفاق القلب عن سلمى وقد بعدت عنه،

وما كان يلقى من تمازجٍ أبعد.

رأيت سليمى لا تكترث لما يدور بنا،

ولا شيء يمكن أن يكون مسرّحاً.

إذا قابلت أسما يوماً في ظعنٍ،

فإن أسماء من تلك الظعائن أملح.

ضللن حول خدر أسماء وابتعدت،

بأسماء موّار المساحات المتروكة.

تقول سُليمى: ليس في الفراق راحة،

بلى إن بعض الفراق أشفى وأريح.

أحبك، فإن الحب دافع للشوق،

وقد كاد ما بيني وبينك ينزاح.

ألا تنهين القائلين لي بالغيبة،

كما أنا معني وراءك منفح.

لقد ألمني على سلمى ولم أر مثلها،

خليل صفاء يُزار ويمدح.

وقد كان قلبي من هواها وذكرها،

يذكرنا بها سلمى على البعد يفرح.

إذا جئتها يوماً من الدهر زائراً،

تغير غريب من القوم أشبه.

فلله عين لا تزال لذكرها،

على كل حال تظل تشرق وتبكي.

وما زال عني قائد الشوق والهوى،

إذا جئت حتى كاد يبدوا فيفضح.

أصون الهوى من رهبة أن تعزها،

عيون وأعداء من القوم كشفوا.

فما برح الوجد الذي قد تولى،

به النفس حتى كاد للشوق يذبح.

لشتان يومٌ بين سَجفٍ وكِلَّةٍ،

ومرّ المطايا تغتدي وتروح.

أعائفنا ماذا تعيف وقد مضت،

بوارح قدام المطية وسُنح.

نقيس بقايا النتاف على الحصى،

وهن على طي الحيازيم جُنح.

ويومٍ من الجوزاء مستوقد الحصى،

تكاد صياصي العين منه تصيح.

شديد اللهب حامي الوثيقة ريحه،

أشد أذىً من شمسه حين تصمح.

بأغبَر وهاج السُموم ترى به،

دفوف المهاري والذفرى تتنطح.

نصبت له وجهي وعنساً كأنها،

من الجهد والإسعاد قرم ملوّح.

ألم تعلمي أن الندى من خليقتي،

وكل أريبٍ تاجراً يتربح؟

فلا تصرميني أن تري ربّ هجمةٍ،

يريح بذمٍ ما أراح ويسرح.

ألا حي الديار بسعد إني

ألا حيَّ الديارَ بسعدٍ إني

أحب لحب فاطمة الديارا

أراد الظاعنون ليحزنوني،

فهاجوا صدعَ قلبي فاستطارا

لقد فاضت دموعكَ يوم قوٍ،

لبينٍ كان حاجته إدكارا

أبيت الليلَ أرقبُ كل نجمٍ،

تعرض حيث أنجد ثم غارا

يحن فؤاده والعين تلقى،

من العبرات جولاً وانحدارا

إذا ما حلَّ أهلُكِ يا سليما،

بدارةِ صلصلٍ شحطوا المزارا

فيدعونا الفؤاد إلى هواها،

ويكره أهلُ جهمةً أن تزارا

كأن مجاشعاً نخباتُ نيبٍ،

هبطنَ الهرمَ أسفل من سرارا

إذا حلوا زُرُودَ بنوا عليها،

بيوتَ الذلِّ والعمدَ القصارا

تسيل عليهمُ شعبُ المخازي،

وقد كانوا لنسؤتها قرارا

وهل كان الفرزدقُ غير قردٍ،

أصابتهُ الصواعقُ فاستدارا

وكنتَ إذا حللتَ بدارِ قومٍ،

رحلتَ بخزيمةٍ وتركتَ عارا

تزوجتمُ نوارَ ولم تريدوا،

ليُدركَ ثائرٌ بأبي نوارا

فديتكَ يا فرزدقُ دينُ ليلى،

نزور القينَ حَجا واعتمارا

فظلَّ القينُ بعد نكاحِ ليلى،

يطيرُ على سبالكمُ الشرارا

مريتُم حربنا لكمُ فدرتْ،

بذي علقٍ فأبطأتِ الغرار

ألم أكُ قد نهيتُ على حفيرٍ،

بني قرطٍ وعلجهمُ شقارا

سأرهنُ يا ابنَ حادجةِ الروايا،

لَكُم مَدَّ الأعِنّةِ والحضارة

يرى المتعبدونَ علي، دوني،

حياضَ الموتِ واللججَ الغمارا

ألَسْنَا نحنُ قد علمتْ معدٌ،

غداة الرعب أجدرَ أن نغارا

وأضربَ بالسيوفِ إذا تلاقتْ،

هوادي الخيلِ صاديةٍ حرارا

وأطعنَ حين تختلفُ العوالي،

بمأزولٍ إذا ما النقعُ ثارا

وأحمدَ في القرى وأعزَّ نصرا،

وأمنع جانباً وأعزَّ جارا

غضبنا يومَ طخفةٍ قد علمتمْ،

فصفدنا الملوكَ بها اعتسارا

فوارسُنا عتيبةُ وابنَ سعدٍ،

وفؤادُ المقانبِ حيثُ سارا

ومنا المعقلانِ وعبدُ قيسٍ،

وفارسُنا الذي منعَ الذمارا

فما ترجو النجومَ بنو عقَالٍ،

ولا القمرَ المنيرَ إذا استنارا

نحنُ الموقدونَ بكلِّ ثغرٍ،

يخاف بهِ العدوُّ عليكَ نارا

أتنسَوْنَ الزُبَيْرَ ورهنَ عوفٍ،

وعوفاً حين عزكمُ فجارا

ألا بكرت سلمى فجد بكورها

ألا بكرت سلمى فجد بكورها

وشقّ العصا بعد اجتماعٍ أميرها

إذا نحن قلنا قد تباينتِ النوى

ترقرقُ سلمى عبرةً أو تُميرُها

لها قصبٌ ريانُ قد شجيت به،

خلاخيلُ سلمى المصمَتاتُ وسورُها

إذا نحن لم نملك لسلمى زيارةً،

نفَسنا جَدا سلمى على من يزورُها

فهل تبلِغني الحاجَّ مضبورَةُ القرا،

بطيءٌ بمورِ الناعجاتِ فتورُها

نجاةٌ يصلُ المَرُّ تحتَ أظَلِّها،

بلاحقةِ الأظلالِ حامٍ هجيرُها

ألا ليت شعري عن سليطٍ ألم تجد،

سليطٌ سوى غسّانَ جاراً يُجيرُها

لقد ضمِّنوا الأحسابَ صاحبَ سوأةٍ،

يُنَاجي بها نفساً لئيماً ضميرُها

ستعلمُ ما يغني حكيمٌ ومنقَعٌ،

إذا الحربُ لم يرجع بصلحٍ سفيرُها

ألا ساءَ ما تبلُى سليطٌ إذا ربت،

جواشِنُها وزادَ عرضاً ظُهورُها

عضاريطُ يشوونَ الفراسنَ بالضُحى،

إذا ما السرايا حثَّ ركضاً مُغيرُها

فما في سليطٍ فارسٌ ذو حفيظةٍ،

ومعقلُها يومَ الهيّاجِ جُعورُها

أضجّوا الروايا بالمزادِ فإنكم،

ستُكفُونَ كَرَّ الخيلِ تَدْمَى نُحورُها

عجبتُ من الداعي جُحَيشاً وسائداً،

وعيساءُ يسعى بالعِلابِ نَفيرُها

أساعِيَةٌ عيساءُ والضأنُ حُفَلٌ،

فما حاولت عيساءُ أم ما عذيرُها

إذا ما تعاظَمتُم جُعوراً فشرِّفوا،

جُحَيشاً إذا آبَت منَ الصيف عيرُها

أناساً يخالونَ العباءةَ فيهِمُ،

قطيفةَ مِرعزّى يُقَلَّبُ نيرُها

إذا قيلَ ركبٌ من سليطٍ فقُبِّحَت،

ركاباً ورُكباناً لئيماً بشيرُها

نهيتُم أن تركبوا ذاتَ ناطحٍ،

من الحرب يُلوَى بالرداءِ نذيرُها

وما بكم صبرٌ على مشرَفِيَّةٍ،

تَعَضُّ فِراخَ الهامِ أو تَسطيُرها

تَمَنَّيتم أن تسلبوا القاعَ أهلهُ،

كذلك المُنى غَرَّت جُحَيشاً غُرورُها

وقد كانَ في بقعاءِ رِيٌ لشائِكُم،

وتلعَةَ والجَوباءُ يجري غَديرُها

تَناهوا ولا تستوردوا مشرَفِيَّةً،

تُطيرُ شُؤونَ الهامِ منها ذُكورُها

كأنَّ السليطيينَ أنقاضُ كَمأَةٍ،

لأوَّلِ جانٍ بالعصا يستثيرُها

غضبتم عليها أو تغنَّيتم بها،

أَنِ اخضَرَّ مِن بَطنِ التِلاعِ غَميرُها

فلَو كان حِلمٌ نافِعٌ في مُقَلَّدٍ،

لما وغرَت مِن غَيرِ جُرمٍ صُدورُها

بنو الخطى والخيلُ أيّامَ سوفَةٍ،

جلوا عَنكُم الظَلْماءَ وانشَقَّ نورُها

وفي بِئرِ حِصنٍ أدرَكَتها حَفيظَةٌ،

وقد رُدَّ فيها مَرَّتينِ حَفيرُها

فجئنا وقد عادت مَراعاً وبَرَّكَت،

عليها مخاضٌ لم تجد مَن يُثيرُها

لئن ضَلَّ يوماً بالمُجَشَّرِ رايُهُ،

وكانَ لعَوفٍ حَاسِداً لا يَضيرُها

فأولى وأولى أن أُصيبَ مُقَلَّداً،

بِغاشِيَةِ العَدوى سريعٍ نُشورُها

لقد جُرّدَت يومَ الحِدابِ نِساؤُهم،

فساءَت مَجاليَها وقَلّت مُهورُها

بان الخليط ولو طوعت ما بانا

يا أمَّ عثمانَ إن الحبُّ عن عرضٍ،

يصبي الحليمَ ويُبكي العينَ أحياناً

ضنَّت بموردةٍ كانت لنا شرعاً،

تشفي صدى مستهامِ القلبِ صديانا

كيفَ التلاقي ولا بالقَيْظِ محضَرُكم،

منّا قريبٌ ولا مَدْداكِ مبدانا

نهوى ثرى العِرقِ إذا لم نلقَ بعدَكُم،

كَالعِرقِ عِرقاً ولا السُّلّانِ سُلّانا

ما أحدثَ الدهرُ مما تعلمونَ لكم،

للحبلِ صُرماً ولا للعهدِ نِسيانا

أبدلَ الليلُ لا تسري كواكِبهُ،

أم طالَ حتى حسِبْتُ النجمَ حيْرانا

إنَّ العيونَ التي في طرفِها حَوَرٌ،

قتلنَا ثم لم يُحيِينَ قَتلانا

يصرَعنَ ذا اللُبَّ حتى لا حِراكَ بِهِ،

وهنَ أضعفُ خلقِ اللهِ أركانا

يا ربُّ غابِطِنا لو كان يطلبُكم،

لاقى مُبَاعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top