يُعتبر مسجد السيدة نفيسة من المعالم البارزة في القاهرة، ويدعوه البعض مشهد السيدة نفيسة. وهو جزء من مقبرة تاريخية كبيرة تُعرف قديمًا بمدينة الموتى.
تم إدراج المسجد ضمن معالم التراث العالمي في القاهرة، ويقع المسجد تحديدًا على طريق أهل البيت، بعد مسجد الإمام علي زين العابدين.
موقع مسجد السيدة نفيسة
- يقع مسجد السيدة نفيسة في منطقة السيدة نفيسة، في قلب مدينة القاهرة، عاصمة جمهورية مصر العربية.
- يتموضع المسجد في المرتبة الثانية بين محطات أهل البيت، بعد مسجد الإمام علي زين العابدين.
- يبدأ طريق أهل البيت بمسجد الإمام علي زين العابدين وينتهي بمسجد السيدة زينب.
- بين مسجد السيدة زينب ومسجد الإمام علي زين العابدين توجد مساجد السيدة سكينة بنت الحسين، السيدة رقية بنت علي بن أبي طالب، محمد بن جعفر الصادق، والسيدة عاتكة.
من هي السيدة نفيسة؟
نسب السيدة نفيسة ومولدها
- اسمها هو نفيسة، ابنة الإمام الحسن بن الأنور بن زيد بن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب.
- وُلِدت السيدة نفيسة في مكة المكرمة عام 145 هجرية، ونشأت في المدينة المنورة حيث اعتادت على زيارة المسجد النبوي والاستماع إلى شيوخه، مما أكسبها لقب “نفيسة العلم”.
- عندما بلغت 48 عامًا، قررت السفر إلى مصر لزيارة آل البيت، حيث استقبلها أهالي المدينة استقبالا حارًا في مدينة العريش.
- نالت السيدة نفيسة محبة كبيرة من المصريين الذين اعتقدوا بكرامتها، وعند عرض زوجها عليها العودة إلى الحجاز، رفضت، مدعية أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمرها في المنام بعدم الرحيل، لأنها ستلقى ربها في مصر.
- عندما شعرت بقرب أجلها، قامت بحفر قبرها في منزلها، وافتقدته بين الحين والآخر، حيث كانت تصلي وتقرأ القرآن حتى ختمت القرآن فيه 190 مرة.
وفاة السيدة نفيسة
- توفيت السيدة نفيسة في أوّل جمعة من شهر رمضان عام 208 هجرية، وذلك بعد أن قرأت سورة الأنعام، وعند قوله تعالى: “لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.
حياة السيدة نفيسة الدينية
- نشأت السيدة نفيسة في عائلة تتمتع بالورع والتقوى، مما مكنها من الإقبال على قراءة وحفظ القرآن الكريم منذ صغرها، بالإضافة إلى فهمها لعلوم الحديث والفقه.
- حافظت على زيارة المسجد النبوي منذ الصغر لحضور الدروس العلمية التي ألقاها العديد من الشيوخ.
- أدت السيدة نفيسة 30 حجة، كانت معظمها سيرًا على الأقدام، وكانت تدعو قائلة: “إلهي وسيدي ومولاي، متعني وفرحني برضاك عني، ولا تسبب لي سببًا يحجبك عني”.
- ذكرت زينب، ابنة أخيها، أنها لم تكن تنام الليل ولا تفطر في النهار إلا في الأعياد، على الرغم من نصائح زينب لها بأن ترفق بنفسها، إلا أن رد السيدة كان دائمًا: كيف أرفق بنفسي وأنا أواجه عقبات لا ينجو منها إلا الفائزون.
- قامت بزيارة العديد من الأماكن مثل بيت المقدس وقبر الخليل، وانتهت بزيارة آل البيت في مصر.
- تلقّت عدة زيارات من علماء وفقهاء مصر، وكان من أشهرهم الإمام الشافعي، حيث صلّت عليه في منزلها عند وفاته.
زواج السيدة نفيسة
- توافد العديد من الأشراف من آل البيت، خصوصاً من قبيلة قريش، لخطبة السيدة نفيسة لما اشتهرت به من ورع وإيمان.
- كان إسحق بن جعفر الصادق، المعروف بلقب المؤتمن، من أبرز هؤلاء المتقدمين لخطبتها.
- رفض والدها جميع طلبات الزواج المتقدمة، مُشيرًا إلى رغبته في أن تُرَد الأمانة إلى أهلها وتعود إلى جذورها.
- بعد أن قام إسحق بالاستخارة، تقدم لخطبتها، لكن الأب رد الطلب بالرفض.
- شعر إسحق بالحزن وذهب إلى المسجد النبوي يُشكو أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- في صباح اليوم التالي، أرسل الحسن إلى إسحق ليخبره أنه رأى رسول الله يأمره بالموافقة على الزواج من السيدة نفيسة.
- تم الزواج بالفعل في أوائل شهر رجب، وجمعت الحياة بينهم نورين وهما الحسن والحسين؛ حيث سُمي الحسن على اسم جد السيدة نفيسة الإمام الحسن، بينما سُمّي الحسين على اسم جد إسحق المؤتمن.
قصة بناء مسجد السيدة نفيسة
- بعد وفاة السيدة نفيسة، تمسك زوجها بدفنها في البقيع، لكن المصريين اعترضوا على ذلك، ولجأوا إلى الوالي ليقنعه بدفنها في مصر لكنه أصر على رأيه.
- جمع المصريون مبلغًا كبيرًا لإغراء زوجها كي يسمح بدفنها في مصر، ولكنه رفض مجددًا.
- في اليوم التالي، فاجأهم زوج السيدة نفيسة بموافقته على دفنها في مصر، مشيرًا إلى أن رسول الله جاءه في المنام وقال: “رد على الناس أموالهم وأدفنها عندهم”.
تاريخ بناء مسجد السيدة نفيسة
- قام والي مصر، عبد الله بن السري، بتشييد ضريح السيدة نفيسة.
- في عام 482 هجرية، أُعيد تجديد الضريح بأمر من الخليفة المستنصر بالله، ثم أمر الخليفة الحافظ لدين الله بترميم القبة.
- أنشئ مسجد بجوار الضريح عام 714 هجرية بأمر من الناصر محمد بن قلاوون، وتم تجديد المسجد والضريح معًا.
- تعرض المسجد لحريق عام 1173 هجرية، مما أدى إلى تلف جزء كبير منه، وأمر الخديوي عباس الثاني بإعادة بنائه.
وصف مسجد السيدة نفيسة
- يتبع تصميم المسجد الشكل الذي أُقيم عليه منذ عام 1314 وفق توجيهات الخديوي عباس حلمي الثاني.
- تتضمن الواجهة الرئيسية للمسجد مدخلاً بارزًا مرتفعًا مغطى بقرميد مصمَّم على الطراز الملكي، يؤدي إلى دركاه تتصل داخل المسجد.
- يأخذ شكل المسجد من الداخل شكل مربع مع سقف خشبي مزخرف بزخارف إسلامية رائعة، تعلوه شخشيخة مرتفعة، حيث يتكئ السقف على ثلاث صفوف من الأعمدة الرخامية.
- يوجد في وسط القبة محراب، وباب على اليمين يؤدي إلى ردهة ذات سقف، تصل إلى الضريح عبر مقصورة مصنوعة من النحاس.
- في المسجد مدخلان: أحدهما للرجال والآخر للنساء، وقد خضع المسجد مؤخراً للتجديد حيث تم فرشه بأفخر أنواع الرخام، كما توجد ممرات تنتهي بمقام السيدة نفيسة.
- تتزين الممرات بلوحات تصور أهل البيت، وشعر يتغنى في حبهم.
نصائح عند زيارة مسجد السيدة نفيسة
لزيارة مسجد السيدة نفيسة، يمكنكم أخذ إحدى الحافلات المتجهة من منطقة رمسيس بجوار موقف أحمد حلمي. ومع ذلك، يجب اتباع بعض النصائح عند الوصول، منها:
- تنتشر عدة حالات من التسول بجانب المسجد، لذا يُنصح بعدم الاستجابة لهم.
- بعض الأفراد يقدمون الماء، فلا تقلق إذا عُرض عليك كوب ماء.
- يجب التحلي بالهدوء أثناء الدخول إلى المسجد وإلقاء التحية على آل البيت.
- عند الدخول، سلم حذائك لأحد العاملين في المسجد وادفع مبلغًا رمزيًا مقابل هذه الخدمة.
- بعد الانتهاء من الزيارة، ابتعد قليلًا عن المسجد للعثور على تاكسي، حيث إن وسائل المواصلات أمام المسجد قد تكون مكلفة.
- يجب أن لا تتجاوز أجرة التاكسي للعودة من المسجد 15 جنيهًا، أو حسب المنطقة التي تسعى للوصول إليها.
حكم الصلاة في مسجد السيدة نفيسة
- إجماع علماء المسلمين على أنه لا يجوز الصلاة في أي مسجد يحتوي على ضريح، حيث يتعارض ذلك مع تعاليم النبي.
- المسجد الذي يُبنى على قبر أو يُسمى باسم صاحب القبر يخالف سنة النبي، تنفيذاً لقوله تعالى: “لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ …”
- نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، مشيرًا إلى ما فعله بعض الأمم السابقة، لقول الله ولعن من اتخذ القبور مساجد.
- لذا، يتضح أنه لا يجوز زيارة هذه المساجد أو الصلاة فيها بغرض الاعتكاف أو الاستغاثة، بل يمكن فقط تحية أصحاب القبور والدعاء لهم بالمغفرة.