آية (لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا)
هذه الآية الكريمة جزء من قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهُنّ من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا). مما يُشير إلى تناول موضوع الطلاق من منظور اسلامي.
يُعتبر الطلاق أمرا غير مستحب في الإسلام، لأنه يؤدي إلى تفكك الأسر وانفصال الزوجين. وإذا وُجد ضرورة لإتمام الطلاق، فيجب أن يكون وفق العدة، حمايةً للمرأة، حيث لا يرضى الله أن تتضرر بسبب هذا الأمر. كما أنه يعطي الزوج فرصة للتفكير فيما إذا كان قد اتخذ القرار في الوقت المناسب أو لا.
ولا يحق للزوج إخراج الزوجة من منزلها بعد الطلقة الأولى إلا بعد انتهاء عدتها. ويبين قوله تعالى في نهاية الآية: (لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً) الأمل المتجدد حتى في أصعب الظروف، حيث لا يعرف الزوج أو الزوجة ما يُخبّئه الله لهما خلال فترة العدة، فهو وحده المطلع على الغيب.
يمكن أن تحوي هذه الفترة على الخير، حيث قد يُدرك الزوج عواقب الطلاق وتأثيره على مشاعر زوجته. الله قادر على تغيير كافة الظروف، وأكثر من ذلك، الله هو القادر على تغيير كافة المعايير التي أدت إلى اتخاذ قرار الطلاق، وهذه الرسالة واضحة في الآية لكل من الزوجين، فالله يقلب الأمور كما يشاء.
تسعى هذه الآية إلى إدخال الأمل في النفوس حتى في أوقات الشدة.
آية (يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يُضيع أجر المؤمنين)
تأتي هذه الآية في سياق يتناول فضل الشهادة في سبيل الله، ولكن المعنى العام يتعدى ذلك، حيث أنها موجهة إلى كافة المسلمين. يتوجب على المؤمن أن يتوقع الفرج من الله، وألا يقنط من رحمته، مُستبشراً برزقه مع يقينه أن الله لا يُعدم أجر صبره وأعماله.
عندما تتحدث الآية عن المؤمنين، فإنها تشمل الشهداء وأيضا جميع المؤمنين. يُظهر ذلك أن مرتبة الإيمان مُشتركة بين الشهداء وغيرهم، ويعود فضل الله الذي يُنتظر للمؤمنين كفضل الشهداء نظراً للأخوة في الدين وغيرهم.
تسعى هذه الآية إلى تحفيز المؤمنين ليكونوا مُتفائلين ومفتوحين على رحمة الله.
آية (ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه)
يعد التفاؤل جزءًا أساسياً من الرسالة الإسلامية، ويظهر ذلك في العديد من الآيات القرآنية، بما فيها قوله تعالى: (ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه). تشير الظلمات التي قد يعاني منها المؤمن إلى الضياع أو الابتلاء، فالإنسان قد يتعرض للبلاء في أي مرحلة من حياته، كما أشار الله تعالى: (إنّا خلقنا الإنسان من نطفةٍ أمشاجٍ نبتليه فجعلناه سميعا بصيراً).
فكل إنسان قد يتعرض للبلاء من لحظة ولادته، وأشكال البلاء متعددة. فكل ما يعكر صفو حياة الإنسان يعتبر بلاء من الله، وكل بلاء يكون صابرًا عليه فجزاؤه عند الله، كقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما يُصيبُ المسلمَ من نصبٍ إلى غمٍ إلا كفّر الله عنه خطاياه).
مهما كانت شدة البلاء، ففرج الله آتٍ، فليس هناك عسر إلا وكان قبله يسرا، وقد يأتي الفرج في أوقات حرجة. يتوجب على المؤمن الصبر وانتظار فرج الله، حيث لا يعرف حاله إلا الله، فهو الهادي وملاذ المؤمنين.
من خلال القرآن، يخرج الله عباده من الظلمات إلى النور، ويوصلهم إلى خير الدنيا والآخرة، ويرتقي بهم إلى مراتب أعلى. قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين).
تظهر هذه الآية بوضوح أن مؤمنين صابرين يُنعم الله عليهم بالفرج في نهاية المطاف، ويُظهر الإسلام أهمية الأمل والتفاؤل.
آية (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)
تحث هذه الآية الكريمة المؤمن على الفرح بنعمة الإيمان والرحمة من الله، حيث يستوجب الأمر شكر الله الذي هو مصدر النعم. كلما شعر المؤمن بالفرح بما أنعم الله عليه، كان ذلك سبباً في زيادة نشاطه ورغبته في طلب رضوان الله.
يعتبر الفرح بنعم الله مفيدًا أكثر من الفرح بما يجنيه الإنسان من متاع الدنيا، فالشكر والتقدير هو الفرح الذي ينال المرء فيه السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة. إن شاء الله تعود النعم إلى من يصلحون بين الخلق، وأما من يتجهون لجمع المال وترك الهداية، ستذهب النعم إلى أيدي أعدائهم.
تشير هذه الآية إلى أهمية الفرح بشيء يُرضي الله، ونبذ الفرح بما يغضبه.
آية (ولئن أذقناه نعما بعد ضراء مسته… إنه لفَرح فخور)
تتمحور هذه الآية حول مقولة الله التي توجه خطابه للمسلمين في كل زمان. يقول تعالى: (ولئن أذقناه نعما بعد ضراء مسسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفَرِح فخور). هذه الآية تحتقر من ينعم الله عليه ولا يُشكر في السراء والضراء، وتمدح الصابرين.
لا يُذم الفرح لذاته، بل الفرح يكون مُرتبطاً بالكبر والتفاخر عندما يُعاني الإنسان من البلاء. بينما يُمدح المؤمنون الذين صبروا وشكروا لله في كل الأحوال، فهم من ينالون مغفرتة وأجراً عظيماً.
تشير الآية الكريمة إلى أن الذم يتعلق بالتكبر على النعم وليس بالفرح ذاتياً.
آية (بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)
تُعتبر هذه الآية من آيات البشرى للمؤمنين. يقول الله: (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله). يظهر السبب وراء هذه الآية هو مواجهة المسلمين مع الكفار.
تجري الأحداث عندما كان الفرس والروم يتقاتلون، وكانت الكفار يرغبون في غلبة الفرس بينما المسلمون يدعمون الروم. ولكن انتصار الفرس كان مُسبباً لتشجيع الكفار، مما جعل الله يُنزل هذه الآيات لذكرهم بأن النصر سيكون للمؤمنين.
يؤكد الله أن نصره قادم للمؤمنين، فالله ينصر عباده مهما كان حالهم. إنه رحيم بهم ولا يعجلهم بمحاسبتهم، بل يمنحهم الفرصة للتوبة.
توضح هذه الآية قدرة الله على إدخال الفرح في قلوب عباده المؤمنين، ويمدح المؤمنين الذين ينصرهم الله على أعدائهم.
أحاديث نبوية عن التفاؤل
من الأحاديث التي أُوردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في التفاؤل ما يلي:
- روى أبو موسى الأشعري أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول: “بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا”.
- قال -صلى الله عليه وسلم-: “لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين: حب الدنيا وطول الأمل”.
- ورد عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه عندما هاجر مع النبي كان قد قال: “كنت مع النبي في الغار، وقد رأيت أقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو أنهم نظروا ليروننا، فقال: اسكت يا أبا بكر، إن الله معنا”.