التفسير التحليلي
تُصنف التفاسير وفق مجموعة من المعايير، ومن الشائع أن يقع إدراج تفسير واحد تحت أكثر من فئة بالنظر إلى تعريف كل فئة. يشير التفسير التحليلي إلى تقديم تفسير مفصل للآيات القرآنية من جميع جوانبها، آيةً تلو الأخرى، مع شرح دقيق لمفرداتها وتوضيح لمعاني جملها، فضلاً عن إظهار أوجه المناسبات بين الآيات والسور، مستعينًا بالآيات القرآنية، أسباب النزول، الأحاديث، وأقوال الصحابة والتابعين، بجانب الاستنباطات وغيرها من العناصر المتواترة والصحيحة.
أبرز مؤلفات التفسير التحليلي
تتضمن أبرز الكتب في مجال التفسير التحليلي كل من تفسير ابن جرير الطبري، تفسير القرطبي، تفسير ابن عطية، وتفسير الآلوسي والشوكاني. هناك أيضًا مؤلفات أخرى يمكن اعتبارها قريبة من هذا النوع من التفسير، ولكن سوف نركز هنا على التعريف بهذه الأعمال البارزة.
تفسير الطبري
يُعرف بعنوان “جامع البيان في تفسير القرآن” ويعتبر من أهم وأشهر التفاسير. يتناول توجيه الأقوال والترجيح بينها، بالإضافة إلى دراسة الإعراب والاستنباط. يُعتبر هذا الكتاب أقدم عمل وصل إلينا مكتملًا في مجال التفسير، حيث انحصرت معظم الأعمال السابقة في محتويات هذا الكتاب.
عند تفسير الآية، يبدأ ابن جرير بقوله: “القول في تأويل قوله -تعالى-” ثم يفسر الآية بناءً على ما رواه الصحابة والتابعين، ويقوم بتوجيه الأقوال وترجيح بعضها، قبل أن يتناول الإعراب.
تفسير القرطبي
يتبع الإمام القرطبي في تفسيره منهج عرض الروايات التفسيرية الموثوقة المنسوبة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين. لا يضيف تعليقات شخصية مثل بعض المفسرين، بل يركز على النقل عن الأقدمين الذين استندوا إلى المأثور، ويحتوي هذا التفسير على نصوص لغوية، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ وغيرها.
تفسير ابن عطية
عنوانه “المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز”، ويتكون من عشرة مجلدات ضخمة. برع المؤلف في هذا الكتاب حتى أصبح مرجعًا مشهورًا. يتمتع هذا التفسير بمكانة عالية بين الأعمال العلمية ويُعترف به من قبل المفسرين، حيث أضفى المؤلف رؤيته العلمية الغزيرة، وحرصه على القرب من الحق في عرض الأقوال مما أكسبه دقة وقبولًا. وقد أشاد به العديد من العلماء خاصة في مجالات العقيدة، لاتباعه منهج أهل السنة والجماعة البعيد عن البدع.
تفسير الآلوسي
تفسير “روح المعاني” يعتبر موسوعة تفسيرية قيّمة، حيث جمع الكثير مما قاله علماء التفسير السابقون، إضافةً إلى النقد والترجيح والرأي البناء. يقدم الآلوسي -رحمه الله- القراءات القرآنية المذكورة في الآية، من دون إكراه على القراءات المتواترة مع التنبيه على ذلك. ومع ذلك، تواجه بعض المآخذ، مثل التركيز على التفسير الإشاري، بالإضافة إلى الاستطراد في بعض القضايا الكونية.
كما يتردد في التعاطي مع مناهج السلف والخلف في موضوع الأسماء والصفات. “التفسير الإشاري” يعني أن المؤلف يشير بعد تفسير الآيات الظاهرة إلى معاني خفية تُستنبط من خلال الرموز والإشارات، وهو ما فعله الآلوسي في تفسيره “روح المعاني”.
تفسير الشوكاني
كان الإمام محمد الشوكاني قارئًا نشطًا للقرآن، واسع الاطلاع على العلوم، وحفظ عددًا كبيرًا من متون النحو والصرف والبلاغة وغيرها. وأصبح لاحقًا إمامًا يجمع في تفسيره “فتح القدير” بين الرواية والدراية وفهم نصوص الآيات، مستندًا إلى مجموعة من المفسرين العظماء مثل النحاس وابن عطية والقرطبي. يتم تدوال هذا الكتاب في العديد من المناطق حول العالم الإسلامي.